قرارات اللجنة الثلاثية لتعديل تصميم السد غير ملزمة لإثيوبيا
أعلنت صحيفة Addis fortune أن الشركة الإثيوبية للطاقة الكهربائية «EEPCo» بدأت في إنشاء مشروع كهربائي علي النيل الأزرق يعرف بمشروع إكس بديلاً للإسم القديم «بوردر»، وهذا يرجع إلي أن هذا المشروع سوف يعد قاطرة التنمية لإثيوبيا في المرحلة القادمة.
ولم يذكر أي تفاصيل عن ماهو معروف عن سد بوردر، إلي أن تم الاعلان رسمياً في 31 مارس 2011 من خلال مؤتمر صحفي لوزير المياه والطاقة الإثيوبي «Alemayehu Tegenu» أكد فيه المعلومات السابقة، وقبل يوم واحد من توقيع عقد تنفيذ المشروع مع شركة ساليني الايطالية بدون مناقصة دولية بمبلغ 4.8 بليون دولار أمريكي.
ثم قررت إثيوبيا تغيير اسم المشروع من إكس إلي سد الألفية العظيم، وتم وضع حجر الأساس في اليوم التالي لتوقيع العقد 2 ابريل 2011، بسعة تخزينية أكبر تصل إلي 17 مليار متر مكعب.
وسمي بالألفية «طبقا لرئيس الوزراء الإثيوبي» لأنه سوف يكون أكبر سد تشيده إثيوبيا علي نهر النيل أو أي نهر إثيوبي آخر خلال الألفية الحالية، كما أنه سوف يحتل صدارة المشروعات الإثيوبية، وهو الذي سوف ينقل إثيوبيا من الفقر، وهو بذلك يمثل إضافة لاتقارن إلي الخطة الوطنية للتوسع في إنتاج الطاقة.
يتكون سد النهضة من سد رئيسي خرساني علي مجري النيل الأزرق بارتفاع 150 م وطول 1800 م، وبيتين يحتويان علي وحدات «توربينات» لانتاج الكهرباء علي جانبي النهر، وثلاث قنوات لتصريف المياه والتحكم في منسوب بحيرة التخزين، وسد مكمل «سرج» بارتفاع 50 م وطول 5 كم لزيادة حجم تخزين المياه إلي 74 مليار م3، ولأن زيادة ارتفاع السد سوف تجعل المياه المخزنة تمر من المناطق المنخفضة بجوار السد فكان لزاماً غلق هذه المناطق.
من خلال دراسة نماذج خرائط الارتفاعات يمكن الاستنتاج أن يصل طول البحيرة يصل إلي 100 كم بمتوسط عرض 10 كم، وسوف تغرق حوالي 200 ألف فدان بإجمالي 350 ألف فدان قابلة للري في منطقة السد «بيليس»، بالاضافة إلي حوالي 300 ألف فدان من الغابات «شكل 4».
وحدات انتاج الكهرباء:
يحتوي تصميم السد علي 15 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 350 ميجاوات، عبارة عن 10 وحدات علي الجانب الغربي من النهر، وخمس علي الجانب الشرقي، باجمالي 5225 ميجاوات ازدادت مؤخراً بنهاية 2012 لتصبح 6000 ميجاوات بإضافة وحدة أخري علي الجانب الشرقي لتصبح 6 وحدات، ما يجعل سد النهضة في المرتبة الأولي أفريقيا والعاشرة عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجاً للكهرباء.
طبقاً للجدول الزمني للمشروع فإنه من المقرر الانتهاء من أول وحدتين بعد 44 شهراً من بدء العمل بالمشروع، أغسطس 2014، والانتهاء كلية من المشروع في يوليو 2017. ومن المتوقع أن يستغرق سد النهضة 2-3 سنوات إضافية للانتهاء من بنائه كما حدث في المشروعات المائية السابقة.
تبلغ تكلف سد النهضة نحو 4.8 مليار دولار أمريكي، والتي من المتوقع أن تصل في نهاية المشروع إلي حوالي 6 ـ 8 مليارات دولار أمريكي للتغلب علي المشاكل الجيولوجية التي سوف تواجه المشروع. ورغم توالي التصريحات بزيادة سعة التخزين وإنتاج الكهرباء زادت من 62 إلي 67 ثم 70 ثم 74 مليار م3، والكهرباء من 5250 إلي 6000 ميجاوات وحاليا أكثر من ذلك، فإن التكلفة الاجمالية المعلنة ظلت كما هي دون أدني تغيير رغم زيادة سعة التخزين بنسبة حوالي 20% من المعلن عند وضع حجر الأساس في ابريل 2011.
تم الاتفاق في مايو 2011 علي تشكيل لجنة ثلاثية من مصر والسودان وإثيوبيا تتكون من 6 أعضاء محليين اثنان من كل دولة، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والأعمال الهيدرولوجية والبيئة والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود، وتم اختيارهم بموافقة الدول الثلاث وهم من جنوب أفريقيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لبحث الآثار المترتبة علي إنشاء سد النهضة الإثيوبي وكيفية تلافي أي آثار سلبية، للسد علي دولتي المصب مصر والسودان في إطار التعاون والتكامل الإقليمي لدول النيل الشرقي، وحتي بداية فبراير 2012 لم يكن هناك أي نتائج لهذه اللجنة.
وعقدت اللجنة الثلاثية أول اجتماع لها في أديس أبابا في منتصف مايو 2012، ولم تتلق البيانات كاملة، وعقب ذلك عقدت عدة اجتماعات طلب فيها أعضاء اللجنة مزيداً من المعلومات آخرها في 8 أكتوبر 2012.
وتسببت الظروف الداخلية التي تمر بها بعض دول حوض النيل، وخاصة إثيوبيا، عقب وفاة رئيس وزرائها ميليس زيناوي في أغسطس 2012، في تأجيل اجتماع اللجنة الثلاثية.
ومن المقرر أن يستمر عمل اللجنة لمدة 9 أشهر، ترفع بعدها تقريرا إلي الحكومات الثلاث في منتصف فبراير 2013، وفي 20 ديسمبر 2012 اتفق الخبراء الفنيون من كل من مصر والسودان وإثيوبيا علي مد عمل اللجنة الفنية الثلاثية، لتقييم سد النهضة 3 أشهر أخري لعدم انتهائهم من دراسة جميع البيانات الفنية المتعلقة بتأثير السد علي دولتي المصب، وضرورة قيام الجانب الإثيوبي خلال الفترة القادمة بتوفير التفاصيل الخاصة بالدراسات التصميمية للسد وكذلك قواعد التشغيل والتخزين، بالإضافة إلي أبحاث التربة وتصميمات قطاعات المياه بمنطقة انشاء السد وهيدروليكا النهر.
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا لو طلبت اللجنة عمل تعديل في تصميم السد لتلافي ضرر ما؟ هل من الممكن اجراء ذلك؟ علي الرغم من أن الأعمال الانشائية مستمرة وقد تم إنجاز حوالي 17% من أعمال المشروع، ومن المتوقع أن تكون أكثر من 20% عند تسليم التقارير. علماً بأن قرارات اللجنة غير ملزمة لإثيوبيا، بينما هناك التزام أدبي من الدول الثلاث لتوصيات ونتائج هذه اللجنة التي لن تتعرض لتصميم السد من الناحية الفعلية، ولكن ماتقوم به بالدرجة الأولي هو معرفة الخصائص الفنية وطرق التشغيل المثلي للدول الثلاث.
أضرار سد النهضة:
التكلفة الكبيرة التي تقدر بـ 4.8 مليار دولار والتي قد تصل إلي 7 ـ 8 مليارات دولار.
إغراق حوالي 200 ألف فدان من الأراضي الزراعية القابلة للري والتي تعد محدودة في حوض النيل الأزرق «1.3 مليون فدان» تحت بحيرة السد، وحوالي 300 ألف فدان من الغابات.
إغراق بعض المناطق التعدينية الواعدة بكثير من المعادن المهمة مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس وكذلك بعض مناطق المحاجر.
تهجير نحو 30 ألف مواطن من منطقة البحيرة.
قصر عمر سد النهضة والذي يتراوح بين 50 و100 عام نتيجة الاطماء الشديد «420 ألف متر مكعب سنوياً»، وما يتبعه من مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص في كفاءة السد تدريجياً.
انخفاض كفاءة سد النهضة في انتاج الطاقة الكهربائية، والتي تتراوح بين 28.5 و30%.
زيادة فرص تعرض السد للانهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق والتي تصل في بعض الأيام «أغسطس» إلي ما يزيد علي نصف مليار متر مكعب يومياً ومن ارتفاع يزيد علي 2000 م نحو مستوي 600م عند السد، واذا حدث ذلك فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقري والمدن السودانية خاصة الخرطوم التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه السونامي.
زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان نظراً لوزن المياه التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة من قبل، والذي قد يصل إلي 74 بليون طن علاوة علي وزن السد الصخري.
فقد السودان للطمي الذي يخصب الأراضي الزراعية حول النيل الأزرق والذي يعد المصدر الرئيسي لتغذية النباتات، وعدم تعود السودانيين علي استخدام الأسمدة الزراعية.
تلوث مياه بحيرة السد نتيجة تخزينها أعلي صخور غنية بالمعادن والعناصر الثقيلة.
التوتر السياسي بين مصر وإثيوبيا بسبب هذا المشروع.
فقد مصر والسودان كمية المياه التي تعادل سعة التخزين الميت لسد النهضة والتي تتراوح من 15 إلي 25 مليار م3 حسب سعة التخزين الميت، ولمرة واحدة فقط، وفي السنة الأولي لافتتاح السد نظراً لأن متوسط إيراد النيل الأزرق حوالي 50 مليار م3 سنوياً، وبالتالي لا يحتاج هذا السد سنوات لملء البحيرة، بل عام واحد فقط، ولكن الحكومة الإثيوبية أعلنت أنها سوف تدير الوحدات الكهربائية علي مراحل، وبالتالي فإن مياه سعة التخزين الميت يمكن حجزها علي مدار ثلاث سنوات.
وهذا الفقد يستوجب معرفة مصر والسودان به من حيث الكمية وموعد التشغيل لأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أزمة نقص المياه في سنوات الملء.
الكاتب: أستاذ بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية