حزم إنقاذ جديدة تضر بالاقتصادات الطرفية وتخدم دول قلب اليورو
كانت أولوية الساسة في منطقة اليورو هي منع هروب رؤوس الأموال من بنوك الدول الأكثر تضررا من الأزمة، ولكن يتساءل تقرير لجريدة الفاينانشيال تايمز هل نجحوا في ذلك أم تسببوا في مزيد من الفشل لأنفسهم؟
ففي ذروة مشاكل الديون في المنطقة، تقلصت ودائع الاجانب بشكل مقلق في بنوك إسبانيا وإيطاليا والدول الطرفية الأخري في منطقة اليورو، ثم شهدت الأشهر القليلة الماضية علامات علي تحسن الأوضاع بفضل تعهد البنك المركزي الأوروبي بالحيلولة دون تفكك منطقة اليورو بالإضافة إلي مساعي الحكومات لبث الثقة في النظام المصرفي.
ومع ذلك، يحذر المحللون من أن أحدث مبادرة لتأسيس «اتحاد مصرفي» مرن في منطقة اليورو، الذي من شأنه استخدام ودائع الشركات الكبيرة في حزم الانقاذ المقامة للبنوك المتعثرة، قد يكون له تأثير عكسي، لما يترتب عليه من تحريك موجة أخري من هروب رؤوس الأموال من جنوب القارة المتعثرة إلي بنوك دول شمال القارة القوية.
وقال خو فان ستينيز، محلل في «مورجان ستانلي»، إن عملية إعادة تقييم للمخاطر بين الدول الطرفية ودول القلب مستمرة بالفعل منذ عامين، ما دفع الودائع الأجنبية بعيدا عن الاقتصادات الطرفية، وأن التوجيه الجديد بشأن حزم الانقاذ قد يفاقم عملية الهروب.
وظهر التغير في مشهد الودائع في بنوك منطقة اليورو بعد انهيار بنك ليمان برازرز الاستثماري في أواخر 2008، فقبل ذلك، كانت الودائع الأجنبية في بنوك المنطقة ترتفع بشكل مطرد، اما الآن فحجم الودائع تراجع إلي مستويات لم تكن مشهودة قبل منتصف 2005.
وتعد الدول الطرفية هي الأكثر تضررا من الأزمات، فعلي عكس المودعين المحليين، يستطيع كبار المودعين الأجانب ايجاد مواطن بديلة لأموالهم بسهولة.
وقال مايلز برادشو، مدير محفظة في «بيمكو» أكبر صندوق للاستثمار في السندات في العالم، إن هروب الودائع يرفع تكلفة الاقتراض علي بنوك الدول الطرفية، وأن خطوات تأسيس اتحاد مصرفي كانت بطيئة، بينما كان تأثير وعد ماريو دراجي، رئيس المركزي الأوروبي، بالقيام بما يتطلبه الأمر للحفاظ علي منطقة اليورو أكبر بكثير، وأن بيانات المركزي الأوروبي التي نشرها مؤخرا بشأن إجمالي الودائع بالبنوك الأوروبية أشارت إلي أن أزمة البنوك في قبرص في مارس الماضي كانت لها آثار قليلة علي الدول بخلاف الجزيرة.
وأدت حزمة الانقاذ الدولية التي حصلت عليها قبرص إلي فرض «تخفيض» أو «إتاوة» علي ودائع البنوك تبلغ قيمتها فوق 100ألف يورو، لذا تعتبر اقتراحات «الإنقاذ» التي قدمها الساسة الأسبوع الماضي جزءا من خطة للتعامل مع فشل البنوك مستقبلا دون أن يضطر دافعو الضرائب لتحمل الفاتورة.
واتفق قادة الاتحاد الأوروبي علي تلقي المدخرين العاديين وأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة حماية خاصة حتي لا تتعرض ودائعهم للخطر عند تعثر بنك ما، بينما ودائع الشركات الكبيرة أقصيت من قائمة الحماية ما يدفع تلك الشركات إلي إعاة تقييم أين يجب أن تضع أموالها.
وأضاف برادشو أن أجندة الإنقاذ معقولة للغاية، ولكنها مثل جميع السياسات لها بعض العواقب غير المقصودة، ومن المنتظر أن تقوم الشركات بوضع ودائعها الكبيرة في مؤسسات مالية في دول قلب منطقة اليورو مثل ألمانيا وفرنسا.
وفي سياق متصل يحذر المصرفيون من أن تؤدي هذه الخطوة إلي مزيد من التقسيم داخل النظام المصرفي في منطقة اليورو، ما قد يترتب عليه نتائج سلبية علي أداء الاقتصاد في مختلف بلدان اليورو.








