انخفاض قيمة الجنيه ونقص البنزين وارتفاع معدل البطالة أهم الانتقاصات الاقتصادية
رصدت مدونة «ريبل ايكونومي» باقتصادات دول الربيع العربي بعد الثورة، الأخطاء الاقتصادية التي حدثت خلال الفترة التي تولي فيها الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم.
فشل مشروع النهضة:
من البداية، فإن «الخطة الاقتصادية» للرئيس محمد مرسي هي خطة لشخص آخر، وهي الوثيقة التي أطلقها «خيرت الشاطر» الخيار الأول للإخوان المسلمين قبل أن يستبعد من الانتخابات والتي تسمي مشروع «النهضة»، وهي خطة العشرين عاماً وتعتبر خارطة طريق إسلامية لمصر بعد الثورة عام 2011، واصبحت ركيزة انتخاباته الرئاسية في يونيو الماضي.
واعطي هذا المشروع الطموح لاجراء تحويلات في الاقتصاد المصري وتحقيق معدل الناتج المحلي الإجمالي 6.5 أو 7% خلال 5 سنوات، علي الرغم من ان الطريقة التي يتم التوصل بها إلي هذه المعدلات لم تكن واضحة.
علي الرغم من ذلك، حاولت مصر جاهدة تحقيق حتي نصف هذا المعدل المستهدف، وتحول المشروع إلي مجرد وعاء ليشتمل علي أفكار كبيرة، وليس كمخطط مقترح يحدد السياسات لتحسين الأوضاع الاقتصادية.
انخفاض قيمة الجنيه:
فقد الجنيه المصري اكثر من 15% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال الوقت الذي تولي فيه مرسي منصبه، واضطر البنك المركزي لتخفيف قبضته علي العُملة نهاية العام الماضي، علي الرغم من انتقاد الكثير في المجتمع المصرفي توقيت تلك السياسة ذاكرين السبب من حتمية القيام بتلك التدابير في نهاية العام السابق وان هذه الاستجابة البطيئة للأزمة ادت إلي تعاقب الانخفاضات في قيمة العملة، وهذا بالفعل اثبت انه الرأي الصحيح.
أدي انخفاض الجنيه المصري إلي حوالي 7 جنيهات مصري للدولار في الاسواق الرسمية و8 جنيهات في السوق السوداء، من 6 جنيهات في العام الماضي، إلي ارتفاع معدلات التضخم والذي يتوقع خبراء الاقتصاد بتضاعف معدله في الشهور القليلة القادمة.
ارتفع معدل التضخم في شهر مايو الماضي إلي 8.2%، من 8.1% في أبريل، و7.6% في مارس، وذلك لارتفاع أسعار الغذاء الأساسية، حيث ارتفعت اسعار الدواجن لتصل قيمة الكيلوجرام الواحد 33 جنيهاً مصرياً أو 4.77 دولار، ما أدي إلي ان أصبحت اللحوم هي بعيدة عن كثير من المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بـ2 دولار يومياً.
غياب الإصلاحات لدعم الطاقة:
هناك ضغط آخر يسهم في مضاعفة معدلات التضخم، وهو ارتفاع استخدام الطاقة، خاصة خلال شهور الصيف الحارة في مصر.
تسببت الطوابير في محطات البنزين إلي ظهور حالة من الاحباط وذلك لأن الطلب فاق العرض من البنزين المكرر محليا، بالاضافة إلي نقص الديزل والذي وضع المزيد من الضغط علي الموارد المالية للبلاد وتضطر إلي الاستيراد اكثر من ذلك، وهذا يحد من الثقة بشركات النفط الدولية.
أدي الخوف من رد فعل الجمهور من خلال وضع إصلاحات لدعم الطاقة إلي ابتعاد الرئيس مرسي وحكومته عن أي تحركات كبيرة، ولكن كلما اصبحت الطوابير اطول، ارتفعت الضغوط التضخمية واصبحت تلك المشكلة الاجتماعية اكثر صعوبة للوصول إلي حلول لها.
ارتفاع معدل البطالة:
ارتفع معدل البطالة الآن في البلاد ليبلغ 13.2%، ارتفاعاً من 8.9% خلال الربيع العربي واقترابه من 12.5% العام الماضي، حيث ارتفع عدد العاطلين بحوالي 63 ألف مصري عاطل مقارنة بالربع السنوي العام السابق، ليبلغ عدد العاطلين 1.2 مليون عاطل علي الاقل مقارنة بنفس الربع لعام 2010، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
مع العلم انه حتي لو تم خلق بعض الآلاف من فرص العمل كل شهر، فإن الاحتجاجات والانكماش الاقتصادي العام يعنيان أن هذا أمل غير وارد لعمل أي تطوير في معدل البطالة.
و لكن، بدلا من ان تقوم الحكومة بالاستثمار في الموارد البشرية، اتخذت طريقا أسهل وهو رفع الأجور قليلاً لموظفي الحكومة للحفاظ علي 6 ملايين موظف يعمل في القطاع العام فقط، وهي نسبة تمنع الاحتجاجات.
قال خبراء الاقتصاد ان هذه الاستراتيجية لها تأثير سلبي علي العجز في الموازنة العامة، حيث يبدو أن الإنفاق العام في تزايد كمحاولة لدعم الاقتصاد وقمع الاضطرابات المدنية، ولكن رفع الأجور والمرتبات في القطاع العام ومعاشات التقاعد، بالاضافة إلي نفقات الدعم المتزايدة، ادت إلي ارتفاع العجز في الموازنة العامة من 11% من الناتج المحلي الإجمالي عند تولي الرئيس مرسي الحكم إلي اكثر من 14% من الناتج المحلي الإجمالي حاليا.
نتج موقف الديون في مصر إلي وضعها في فئة الأكثر خطراً، حيث ارتفعت تكلفة “المبادلات عن سداد الائتمان CDS” المصرية، وهي نوع من التأمين ضد التخلف عن سداد الديون، ومبادلة مصممة لنقل مخاطر الائتمان من منتجات الدخل الثابت بين الطرفين، 12.5 نقطة اساس لتصل إلي مستوي قياسي جديد لتسجل 887.5 نقطة اساس.
ووفقاً لـ” فاينانشيال تايمز” فإن هذا يعني ان إجمالي تكلفة تأمين 10 ملايين دولار من الديون المصرية سنويا يبلغ 887500 دولار لمدة خمس سنوات، وتعتبر مصر خامس اعلي نسبة في العالم بعد باكستان.
الانخفاض في السياحة والاستثمار الأجنبي:
حيث تم اضراب مرة واحدة المصادر الرئيسية للدخل بالعملة الصعبة، من حيث عائدات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، وعلي الرغم من وصول السياح إلي 12 مليون سائح سنويا، فإن الاعداد لا تزال بعيدة عن ما ينظر اليه باسم ” السنة الذهبية” للسياح في عام 2010، عندما زار ما يقرب من 15 مليون سائح إلي مصر.
ادي تصاعد عدم الاستقرار السياسي والاحتجاجات المحلية التي تحولت إلي العنف وارتفاع حوادث التحرش إلي تحذير العديد من السفارات من مصر مرة اخري، وخاصة القاهرة، علي الرغم من نفي الحكومة الإسلامية ان هذا هو الحال.