بقلم : غازى ناصر
هل للحرية دور فى تكوين الإبداع والخلق الشعرى؟
أم أن الإبداع الفنى هو دائماً وليد الأحزان والمآسى؟
يتخيل للشاعر وكاتب الوجدانيات أنه عندما يكتب شعراً، فهو بذلك يحاول تغيير العالم، أو أن يقول إن العالم ينطلق من عنده، لأن الشاعر الحقيقى هو الذى يعيش الحالات النفسية والشعورية، ثم يحاول أن يصدرها إلى العالم مختومة بتوقيعه الذى يكون «ناقصصصصصص» بالبسمة والضحكة، «ناقص» كثيرة بالألم والوجع «ناقص» البكاء الدائم.
فالشاعر يعيش حرية الشعور وحرية التعبير عن الانفعالات التى تختلج فى دواخله بشكل تدفعه، لأن يتكلم لغة القلب ولغة العواطف التى لا يفهمها إلا الذى عاش تجربة المعاناة القاسية، وهنا يحضر السؤال: هل يعيش شاعر حرية التعبير عن شعوره وأفكاره خارج الظروف الاستثنائية الضاغطة عليه؟ وهل مسموح له أن يبكى أو أن يضحك، حيث لا توجد ظروف مؤاتية لذلك؟ وهل حرية المشاعر تحتاج إلى إذن مسبق أو إلى ترخيص؟
فالفنان التعبيرى يحاكى بإبداعاته الفنان التشكيلى، هذا يرسم لوحاته الشعرية بالكلمة والتعبير الصافى النقى، وذاك يكتب لوحته بالألوان والريشة التى تنساب بين أصابعه وفق نظام حر، متفلت من كل القيود الآسرة والأنماط التقليدية، وهذا الخروج عن الكلاسيكيات يجعل الفنان والشاعر يعيشان مناخ الحرية ويتفاعلان معها وينطبعان بها حتى الحلولية. وإذا ما تم القبض على الإبداع وخنق الحرية، أصبح الشعر والفن مجرد إنتاجات ديوانية لا طعم للحرية فيها، ولا لمسات جمالية فى مضامينها.
إن مسئولية توفير الحرية فى الشعر والفن، هى مسئولية مشتركة بين الشاعر الذى عليه أن يسعى للحرية ويدافع عنها، وبين المجتمع الذى عليه أن يوفر هذه الحرية ويحمى أجواءها ويعظم دورها، لأن كرامة الفنان من كرامة الوطن، وكرامة الوطن هي من كرامة الحرية فيه. والشاعر معنى قبل غيره بأن يعيش الحرية ويكتبها قصيدة دائمة فى ديوان الحياة، قصيدة أوزانها أصيلة وصحيحة، وقافيتها منظومة على وقع الخيال والشعور الصافى، قصيدة عنوانها «الحرية».
فالمجتمعات التى لا شعراء أصيلين فيها، هى مجتمعات جوفاء وخاوية تفتقر إلى الفن والتجلى.
والقوميات التى لا تعيش الحرية وتمارسها وتناضل فى سبيلها هي شعوب غير قابلة للحياة، ومهددة بالزوال والموت الحضارى القاتل.
وهذا ما يجعلنا نؤكد أن حرية الشعر وحرية الإبداع هما من حرية الشعوب والأوطان، وأن كلمة «حرية» هى المدخل إلى كل إصلاح اجتماعى وفكرى والحرية هى حق إنسانى يجب أن نحافظ عليه، وأن ندعو لاعتبارها القيمة الإنسانية الأولى فى الحياة الاجتماعية.
رئيس لجنة الثقافة والإعلام
بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال








