بقلم: ستيفن هورتوجا
لعب قطاع الشركات دوراً غير ملحوظ فى الانتفاضات المطالبة بالديمقراطية فى العالم العربى، ولم يساهم القطاع بقدر كبير فى التنوع التكنولوجى الذى يعد ضعيفاً فى الدول العربية الأفقر، ومسيطر عليه من قبل الشركات الحكومية فى الدول الخليجية الأغنى.
كما لم تنتج الشركات العربية الكثير من الوظائف البنّاءة وجيدة الأجر، مقارنة بالشركات فى المناطق الناشئة الأخرى.
وأظهرت بيانات الاستطلاعات، أن الشركات العربية لها دور قيادى محدود اجتماعياً واقتصادياً، بينما أوضحت استطلاعات الرأى التى أجرتها مؤسسة «جالوب» أن العرب لديهم احترام كبير لرواد الأعمال ذوى الأدوار الاجتماعية والاقتصادية.
ووفقاً لدراسة منظمة «مسح القيم العالمية»، فإن %20 من العرب فى الدول العشر غير الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجي، والذين تم استطلاع آرائهم فى 2010 ــ 2012 ليست لديهم أى ثقة على الإطلاق فى الشركات الكبيرة، مقارنة بـ %10 فى باقى العالم.
ويعتقد كثيرون أنه ينبغى على قطاع الشركات العربية، أن يرفع من مستوى مساهمته فى التنمية القومية.. لكن ما الذى يعيقه؟
هناك عاملان حاسمان ومترابطان بشدة وهما: وضعهم الضعيف أمام الشركات الحكومية، ودورهم المحدود فى سوق العمالة.
ومازالت أجزاء مهمة من قطاع الأعمال تعتمد على الدولة من خلال الحماية البيروقراطية سواء بشكل رسمى أو غير رسمي.
وأظهرت دراسات البنك الدولى المتعلقة بالشركات أن %9.6 من المدراء والشركات العرب يدرجون الفساد كمعوق أساسي، وتعد البيروقراطية أقل حدة نسبياً فى الدول التى لم تمر بمرحلة شعبوية من التأميم. ومع ذلك يشتكى رواد الأعمال من التنظيمات الكثيرة والتعسفية حتى فى دول مجلس التعاون الخليجى التى تتمتع بإجارة جيدة نسبيا.
ومازالت شركات التصنيع العربية تعتمد بشكل خاص على دعم الطاقة الحكومي، وقدر صندوق النقد الدولى حصة دعم الطاقة من الناتج المحلى الإجمالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة %8.6 فى 2011، أى أعلى من المتوسط العالمى بمقدار 12 مرة. كما أن الإنتاج يميل نحو البضائع عالية الاستهلاك للطاقة ومنخفضة التكنولوجيا.
ولضعف القطاع الخاص فى سوق العمالة عواقب اجتماعية وسياسية واضحة. فالقليل من العرب لديهم وظائف رسمية جيدة الأجر فى القطاع الخاص. ومقابل ذلك، تعمل أعداد متفاوتة إما فى الحكومة أو فى وظائف غير مؤمنة منخفضة الراتب فى الاقتصاد غير الرسمي.
ويشكل العاملون فى القطاع الحكومى حتى فى الدول الفقيرة مثل الأردن ومصر ما بين ربع وثلث الوظائف. وبالنظر إلى تقديرات صندوق النقد الدولى لحجم القطاع غير الرسمى فى الاقتصادات العربية غير الخليجية الذى يتراوح ما بين %25 و%45، فإن حصة الوظائف الخاصة الرسمية المتبقية ضئيلة.
وتعد قوانين تنظيم سوق العمالة أحد أهم العوامل فى إعاقة خلق وظائف ذات جودة عالية. فالقواعد المعنية بحماية الموظفين من الطرد عادة ما تقف حاجزاً فى طريق التوظيف، مما يمنع الشركات من النمو.
ومع ذلك، فإن مجرد إزالة قواعد حماية العامل ليست الحل، خاصة فى عصر ارتفاع سقف التوقعات بعد الثورات العربية، لذا ينبغى أن تفكر الحكومات فى ميثاق اجتماعى جديد.
وقدمت حكومات الدول العربية الفقيرة والغنية على حد سواء، الرعاية والدخل الأساسى من خلال التوظيف فى القطاع العام ودعم الطاقة، وكلتاهما طريقتان رجعيتان وانتقائيتان ومكلفتان لمشاركة الثروة.
وينبغى أن تستغل الموارد المالية التى تمتصها هذه الهياكل التى تتصف بالمحاباة، فى بناء شبكات ضمان اجتماعى حديثة وشاملة.
كما ينبغى توظيف مزيد من الموارد فى التدريب وتحديث أنظمة التعليم الحكومى التى تعد شاملة ولكنها ذات جودة منخفضة، وسوف يؤدى تحسين المهارات إلى تعزيز الإنتاجية، ويقلل حواجز إنشاء شركات جديدة.
وسوف تجبر إصلاحات نظام الدعم، الشركات التصنيعية العربية على تطوير منتجات كثيفة الاعتماد على التكنولوجيا فى قطاعات جديدة. كما أن هذه الإصلاحات سوف تحرر الموارد الحكومية، ومن ثم يمكن استخدامها فى تقديم قروض للشركات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات المشتركة، مما سيسمح لهم بالتجريب والاكتشاف الذى قاد إلى التقدم التكنولوجى فى الأماكن الأخرى.
ويمكن تمويل هذه السياسات على المدى المتوسط من خلال تقليل العمالة الحكومية وإصلاح نظام الدعم.
والتغير ليس مستحيلاً فالرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى نجح مؤخراً فى رفع أسعار الطاقة محلياً – دون أى استراتيجية تعويض واضحة، وإذا كانت هذه الخطوات الصعبة ممكنة سياسياً، فإن إعادة هندسة الدول بشكل أذكى بطريقة تعود بالنفع على الباحثين عن الوظائف والعمالة متدنية الوضع، سيكون بالتأكيد ممكنا.
إعداد – رحمة عبدالعزيز
المصدر – الفاينانشيال تايمز








