الانتهاء من دراسات الجدوى وطرح المشروع للمستثمرين 2016
أرفض رى الأراضى الصحراوية بمياه الآبار غير المتجددة حفاظاً علـى حق الأجيال المقبلة
3.5 فدان تتعرض للتبوير كل ساعة وهو أعلى معدل تصحر فـى العالم
تحلية مياه البحر الحل الوحيد لحل أزمة نقص المياه
إنشاء مدن صحراوية تستوعب سكان الوادى القديم أرخص من حل مشاكله
أكد الدكتور هانـى الكاتب، المستشار الزراعى لرئيس الجمهورية، لـ «البورصة»، إمكانية استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان بالغابات الشجرية فـى مصر، اعتماداً علـى مياه الصرف الصحى التى تنتجها محطات المعالجة التابعة للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، والمقدرة بنحو 5.5 مليار متر مكعب سنوياً.
وأضاف الكاتب – وهو واحد من 7 علماء فـى العالم متخصصين فـى انشاء قواعد بيانات عن الغابات، والتـى يعول عليها العالم فى حل أزمة تغيرات المناخ – أن المياه المعالجة ستوفر نحو 32 ألف فرصة عمل مباشرة، ونحو 70 ألف فرصة عمل غير مباشرة، وتسمح بإنشاء عدد من المصانع تقوم على تصنيع المنتجات الخشبية والورق وزيوت التشحيم والدهانات وغيرها من المنتجات غير الغذائية.
وقال إن تلك الكمية من المياه المعالجة، ستنتج حوالى 25 مليون طن من غاز ثانى أكسيد الكربون، يمكن بيعه للدول الصناعية حيث تفرض اتفاقية مكافحة التصحر الدولية على هذه الدول توفير مساحة من الغابات لإنتاج الغاز قبل التوسع الأفقى فـى الصناعات المؤدية إلى اتساع ثقب الأوزون.
وأكد أن نجاح المشروع يتطلب إنشاء هيئة خاصة بالغابات، كى يتعامل المستثمر مع جهة واحدة فـى إنهاء إجراءات المشروع الإدارية، لافتاً إلى ضرورة تأهيل العاملين الذين يعملون لدى المستثمر على كيفية إنتاج أشجار اقتصادية، خصوصاً أن فكر إنشاء الغابات جديد على المصريين.
كما أن مصر تحتاج إلـى تعديل القوانين والتشريعات الخاصة بإدارة الغابات، مشيراً إلـى أن القانون الحالـى لا يسمح بقطع الأشجار أو خفها حتـى تنمو بصورة جيدة، ويحدد طريقة امتلاك المستثمر للأرض، وهل هى بنظام حق الانتفاع أم بنظام التمليك؟
وتعجب «الكاتب»، من عدم إنشاء هذه الهيئة حتـى الآن، لافتاً إلى إنشاء مصر أول هيئة حكومية للغابات فى العالم، منذ 1000 عام لتمويل صناعة السفن فـى عهد الدولة الفاطمية، والتـى اعتمدت عليها فـى تمويل مشروعاتها المختلفة، فـى إشارة منه إلى إمكانية الاعتماد عليها فـى تمويل مشروعات التنمية فـى القرن الحادى والعشرين.
وأوضح المستشار الزراعى لرئيس الجمهورية، أن جامعة ميونخ مولت برنامجاً بمبلغ 4 ملايين جنيه، لتجميع البيانات اللازمة لزراعة الغابات فـى مصر، وتشمل البيانات تحديد المناطق الصالحة لإنشاء الغابات فـى الظهير الصحراوى للمدن المصرية، وأنواع الأشجار التى تجود زراعتها فى مصر والعائد الاقتصادى المتوقع من كل نوع، وكيفية معالجة مياه الصرف الصحـى لتحويلها لمياه صالحة للزراعة، متوقعاً الانتهاء منها عام 2016.
كما توقع «الكاتب» أن تحقق زراعة الغابات فـى مصر، عائداً اقتصادياً كبيراً للمستثمرين، نتيجة ارتفاع معدلات نمو الأشجار فيها، بما يعادل 4 أضعاف معدل نموها فـى ألمانيا، حيث يصل طول شجرة الكافور الليمونى إلى 10 أمتار، وسمكها إلى 10 سنتيمترات خلال عام ونصف العام فقط من تاريخ زراعتها، وهو من أعلـى معدلات نمو الأشجار فـى العالم.
وأرجع عزوف المستثمرين عن الاستثمار فـى مجال الغابات، لصعوبة عمل دراسات جدوى دقيقة للمشروع، نتيجة افتقار مصر لقاعدة بيانات، يمكن الاعتماد عليها فـى توقع عائد رأس المال، علماً بأن الدولة أنشأت أول غابة عام 1995.
وأشار إلى إنشاء نحو 25 غابة علـى مدى العقدين الماضيين فـى الوجهين البحرى والقبلى علـى مساحة 14 ألف فدان، دون أن تحقق العائد الاقتصادى المرجو منها، لضعف قدرات العاملين الفنية، وعدم قدرتهم علـى إنتاج أشجار مستوية خالية من أى التفاف أو اعوجاج، وافتقارها لنظام إدارى يجيد التعامل مع أصحاب مصانع الأخشاب المستهلك الرئيسى لهذه الأشجار.
وقال إن الدراسات الأولية أكدت وجود 134 نوعاً من أشجار الغابات الاقتصادية فى حديقتى الحيوان والأورمان، وعلـى رأسها التيك الأبيض الذى ينتج أنواعاً من الأخشاب تفوق فـى جودتها خشب «الزان»، وخشب «الماهوجنى» الذى يعادل الخشب الزان، وأشجار «الجوجوبا» و«الجاتروفا» التـى يستخرج منها زيت تشحيم محركات الطائرات، وأشجار الكافور الليمونى الذى يستخرج منه عطر برائحة الليمون.
وأشار إلـى أهمية المشروع فـى التخلص من مياه الصرف الصحى وفـى تثبيت الكثبان الرملية حيث تفقد مصر %25 من محاصيلها بسبب هبوب رياح الخماسين مطلع الربيع من كل عام. كما أنها تستجلب السحب الممطرة، مما يتوقع معه زيادة معدل سقوط الأمطار فـى مصر، مع انتشار زراعة الغابات بطول الصحارى المصرية من حدودها مع السودان جنوباً وحتـى البحر المتوسط شمالاً.
وتوقع الكاتب، زيادة كمية مياه الصرف الصحـى إلى 17 مليار متر مكعب بحلول عام 2017، بناء علـى تصريحات الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، بما يسمح بالوصول بالمساحة المنزرعة بالغابات إلى 4.7 مليون فدان تعادل %50 من الأراضى المزروعة حالياً سواء فـى الوادى القديم أو فى الصحارى، وتوفر حوالى 300 ألف فرصة عمل تستوعب 1.5 مليون نسمة.
ورفض مستشار الرئيس، مبدأ التوسع الأفقـى فـى استصلاح الأراضـى الصحراوية اعتماداً على مياه الآبار غير المتجددة فى الصحراء الغربية، حفاظاً علـى حق الأجيال المقبلة فـى هذه المياه، لافتاً إلى ضرورة تأهيل الشباب علـى كيفية التعامل مع ندرة المياه فى الصحراء قبل توزيع الأراضى عليهم.
وأكد «الكاتب»، أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسـى بإنشاء المجلس العلمى الاستشارى للرئاسة، الذى يضم نخبة من خيرة علماء مصر على مستوى العالم، يدل علـى اتباع الرئيس المنهج العلمى فى حل مشاكل مصر.
كما أكد مستشار الرئيس، أن الحل الوحيد لأزمة نقص المياه التى تعانـى منها مصر، هو تحلية مياه البحر، لافتاً إلى ثبات حصة مصر من مياه النيل عند 55.5 مليار متر مكعب منذ اتفاقية عام 1959، مما ترتب عليه انخفاض نصيب الفرد إلى أقل من 650 متراً مكعباً سنوياً فـى الوقت الذى يقدر فيه حد الفقر المائى بنحو ألف متراً مكعباً سنوياً.
وأشار إلى امتلاك مصر 2400 كيلو متر طولى من الشواطئ علـى البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، تتطلب إيجاد وسيلة رخيصة لإنشاء محطات تحلية لمياه البحر اعتماداً علـى الطاقة المتولدة من الشمس، لافتاً إلى امكانية الاعتماد عليها مبدئياً فـى توفير مياه الشرب للسكان بدلاً من نقل مياه النيل للمدن الصحراوية.
وذكر أن مصر خسرت %9 من أرضها الصالحة للزراعة فى الـ 36 عاماً الأخيرة، بسبب التعدى بالبناء على الأرض الزراعية فى الوادى والدلتا. وطبقاً لتقرير الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر فإن هناك 3.5 فدان تتعرض للتبوير كل ساعة، وهو أعلى معدل تصحر فـى العالم.
وهذا التبوير ينذر بخطر شديد علـى معدلات الاكتفاء الذاتى من الغذاء فـى مصر، ويزيد من خطورته ارتفاع مستوى سطح البحر، حيث تعد مصر ثالث دولة فـى العالم بعد الجزر البحرية ودولة فيتنام تعرضاً لهذا الخطر، مشيراً إلى تراجع خط شاطئ رشيد عدة أمتار بصورة تنذر بتآكل أجزاء من شمال الدلتا خلال نصف قرن.
وقال إن الحل الوحيد لخلخلة الكثافة السكانية فـى الوادى القديم هو إنشاء مدن خضراء فـى الصحراء يراعى فيها البُعد الحضارى، لنقل الأنشطة السكانية المختلفة اليها. وقال إن تكلفة إنشائها فى الصحراء التـى تمثل %95 من مساحة مصر لبناء هذه المدن، أرخص من معالجة مشاكل البنية الأساسية من طرق وشبكات صرف صحى فـى المدن القديمة.
كما أشار إلى ارتفاع معدل الكثافة السكانية فـى هذه المدن لأكثر من 20 ألف نسمة فـى الكيلو متر المربع، فـى الوقت الذى تقدر فيه الكثافة السكانية فـى محافظة الوادى الجديد بنحو 166 فرداً فـى المناطق المأهولة بالسكان، وفرد واحد لكل كيلو متر مربع فـى المناطق الخالية من السكان.
وقال مستشار رئيس الجمهورية إنه وضع تصوراً علمياً للمدن الخضراء فـى الصحراء، راعى فيها انسيابية الحركة المرورية داخل المدينة بصورة يسهل معها الانتقال من مكان لآخر بواسطة الدراجات بدلاً من السيارات، وأن تعتمد على الطاقة الجديدة سواء كانت شمسية أم طاقة رياح، فـى توليد الطاقة اللازمة لإنارة المنازل والطرق، وأن تحقق الاكتفاء الذاتى لسكانها من الغذاء والخدمات وفرص العمل.
وأكد «الكاتب» أن المدينة الحضارية التـى تستوعب مليونى نسمة، لن تتعدى أبعادها 3.4 كيلو متر طولاً و2 كيلو متر عرضاً، تُخصص %80 من هذه المساحة للأنشطة الزراعية، و%10 للأنشطة الصناعية، و%10 للإسكان، إذ يجب أن نحقق للسكان رفاهية المعيشة التـى تتناسب مع حضارة القرن الحادى والعشرين.
أضاف أن التصميم يشمل إنشاء سلسلة مدن صغيرة تستوعب الواحدة منها نصف مليون نسمة، وأخرى تستوعب مليون نسمة وربطها بالمدينة الرئيسية، حتى يمكن استيعاب أكبر تجمع سكانى ممكن، فى أقل مساحة ممكنة، بأقل تكلفة ممكنة، مع توفير جميع الخدمات التى تجعلهم فـى غنى عن الانتقال إلى العاصمة.