يشكل تاريخ الأندلس ما يزيد عن 800 عام من التاريخ الاسلامي و تحديداً من عام ( 92هـ – 711م ) إلى ( 897هـ – 1492م ) و هو تاريخ غني بالاحداث التي كانت ترسم شكل العالم في ذلك الوقت و خلال ثمانية قرون شكلت الأندلس نموذجاً متميزاً من الاندماج بين الثقافات و الاديان المختلفة و نهضة على مختلف الاصعدة, الحضارية, الاقتصادية, المعمارية و الفنية لذا فالحديث عنها يحتاج الى صفحات طويلة.
في هذه المقالة نسلط الضوء على محطات رئيسية من تاريخ الاندلس
الأندلس شبه الجزيرة التي كانت تسمى لدى العرب القدامى وندال، و الأندلس محرفة من وندلس إذ اعتاد العرب ابدال الواو ألفا. وهم شعب جرماني نزحوا من جرمانيا (ألمانيا وبولندا) إلى إيبيريا(اسبانيا والبرتغال)
توجهت الأنظار الى الاندلس مبكرا من عمر الدولة الاسلامية، فلقد استطاعت الجيوش الإسلامية أيام عثمان بن عفان الوصول إلى القسطنطينية ومحاصرتها، إلاَّ أنها لم تستطع أن تفتحها، فقال عثمان بن عفان : “إن القسطنطينية إنما تُفتح من قِبَل البحر، وأنتم إذا فتحتم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر آخر الزمان”
في طريق الدخول الاندلس نزل الجيش الاسلامي بقيادة طارق بن زياد في جبل على المضيق لا يزال يسمى في اللغة الاسبانية بجبل طارق وعرف المضيق بمضيق جبل طارق
عهد الفتح والامارة الأموية (92هـ/ 711م – 138هـ/ 755م)
وكان حُكم الأندلس في هذه الفترة يتولاَّه رجل يتبع الحاكم العام للمسلمين، وهو الخليفة الأموي الموجود في دمشق في ذلك الوقت وبعدها في عهد الدولة الأموية (140هـ/ 757م – 399هـ/ 1009م) اعلنت الدولة الأموية في الأندلس منفصلة عن الخلافة في المشرق الإسلامي، وكان ذلك بعد سقوط الدولة الأموية في المشرق
عهد دويلات الطوائف (400هـ/ 1010م – 483هـ/ 1090م)
قسمت دولة الاندلس خلال هذه الفترة الى اثنان وعشرون دويلة كان الحكم فيها على المدن وكل حاكم يدعي نفسه خليفة المسلمين
عهد دولتي الموحدين والمرابطين (484هـ / 1091م – 635هـ / 1238م)
كانت الدولة الأندلسية في هذه الفترة تابعة للحكم في المغرب الاسلامي، فكانت تابعة لدولة الموحدين وتبعتها دولة المرابطين وكانت نهايتها بسقوط مدن الأندلس تباعا وانحصار الحكم الاسلامي في غرناطة عام635هـ
مملكة غرناطة ونهاية الحكم الاسلامي (635هـ/ 1238م – 897هـ/ 1492م)
وهذه اللوحة تصور تسليم غرناطة حيث يسلم أبو عبد الله الصغير مفتاح المدينة لفرناندو وايزابيلا.
في أوج دولة الأندلس ظهرت الحضارة في جميع المجالات من سياسية واجتماعية وعمرانية وعلمية وادارية واقتصادية وثقافية وكان هذا في 336هـ/ 948م – 360هـ/ 971م وذلك عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم بن عبدالرحمن
أصبحت قرطبة في أوج الأندلس من أكبر مدن العالم سكانا، بلغ عدد سكانها نصف مليون ولم يكن مدينة أكبر منها إلا بغداد، وبلغت دورها ثلاث عشرة ألفا، وثلاثة آلاف مسجد، وقسمت الى مناطق ادارية وشرطة ليلية ونهارية وأطلق عليها لقب “جوهرة العالم” في ذلك الزمان
اشتهرت طيلطلة بمدينة الترجمة، حيث التقى فيها العلماء وانطلقت منها ترجمات العلوم الى اوروبا بما في ذلك انجلترا واسكوتلندا
انتشرت المكتبات والكتب في أنحاء الأندلس فبلغ عددها 70 مكتبة مفهرسة ومصنفة، وظهر النساخون والمجلدون وكثر التأليف والمؤلفون، ولاسيما في عهد بعض الحكام ممن شجعوا العلم واهتموا به كالحكم الثاني الذي وصف بأنه كان جماعاً للكتب وكان يرسل المبعوثين إلى بغداد ودمشق والقاهرة وحلب والمدن الأخرى التي تهتم بالكتب، وذلك لشراء الكتب بأثمان عالية حتى استطاع أن يجمع نحو 400 ألف مجلد لمكتبته.
جامع قرطبة، من أبرز المعالم في الأندلس وتم انشاؤه على مراحل، ففي بداية الحكم الاسلامي كان موقع المسجد كنيسة للنصارى اخذ المسلمون نصفها وابقوا للنصارى نصفها، ثم اشترى عبدالرحمن الداخل نصفها الثاني عام 170هـ ليتم المسجد، واتسع في أوجه في عهد الحاجب المنصور عام 368هـ/ 979م. بعد سقوط الاندلس حول الاسبان المسجد الى كنيسة و يطلق عليه اليوم اسم كاثدرائية قرطبة
يقدر الباحثون و المهتمون بالأندلسيات والثقافة الإسبانية المفردات العربية التي دخلت إلى اللغة الإسبانية تقدر بثلاثين في المائة (30 %) من محتويات القاموس الإسباني
لا تزال مباني الأندلس القديمة قائمة في مدن اسبانيا الحديثة خاصة في الجنوب الاسباني، في اقليم اندلسيا، ولا تزال المناطق المأهولة اليوم بالسكان هي نفسها التي أهلت بهم في عهد الدولة الأندلسية
