“البربرى”: الطاقة والسياحة على رأس القطاعات الواعدة فى السوق المحلية
مصر تربة خصبة لنمو مجال رأس المال المخاطر شريطة تسهيل الموافقات الحكومية
تذبذب الاوضاع الامنية والمالية ما زال يمثل تحدياً كبيراً امام رؤوس الاموال الاجنبية
طالب منصور البربرى الخبير فى مجال الاستثمار والتمويل الحكومة بالعمل الجاد فى الفترة الحالية لايجاد اليات قانونية لدمج الاقتصاد غير الرسمى فى منظومة الاقتصاد الرسمى للبلاد، معتبراً أن تلك الخطوة كفيلة بالحل السريع لمشاكل البلاد الاقتصادية خلال العام المالى الجارى على اقصى تقدير.
وتعانى البلاد من عجز شديد فى الموازنة تدور التوقعات الى انه سيبلغ نحو 14% بنهاية العام المالى الحالى، فيما تختلف التقديرات الرسمية للوقوف على حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر، فهناك تقدير للاقتصادي الشهير فرناندو دوستو بأن الاقتصاد غير الرسمي في مصر يقدر بنحو 395 مليار دولار، بما يعادل 2.6 تريليون جنيه، غير أن تقديرا حديثا لاتحاد الصناعات المصرية يقدر حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر بنحو تريليون جنيه، متضمنة العقارات غير المسجلة
وتزايد حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، بسبب غياب العديد من المؤسسات المعنية بمراقبة النشاط الاقتصادي بالأسواق ،ك الإدارات المحلية، ورجال الشرطة المدنية والمرافق، وانشغالهم بمواجهة الفعاليات السياسية وأعمال العنف والشغب التي لم تنقطع على مدار الأشهر الخمسة الماضية.
وتقدر دراسة اتحاد الصناعات وجود الاقتصاد غير الرسمي في مجال الصناعة بنحو 40 ألف مصنع غير قانوني، تمارس نشاطها في أماكن غير مرخص بها، أو أنها تعمل في إطار بعيد عن إجراءات الأمن الصناعي، فضلًا عن شروط السلامة والصحة. ويطلق على هذه الصناعات في مصر مصانع “بير السلم”.
واعلن البنك الدولي في 2013 زيادة حجم الاقتصاد غير الرسمي وانخفاض العمالة الرسمية في قطاع الصناعة 5 % وفي قطاع المقاولات 8 % وفي قطاع الخدمات 15 %، وأضاف أن أعداد العمالة غير الرسمية ارتفعت إلى 40 % عام 2012 وإلى 45 % عام 2013 في حين انها عام 98 كانت العمالة غير الرسمية 30 %.
والاقتصاد غير الرسمي يضعف قوة الاقتصاد الرسمي لأن أسعار سلع الاقتصاد غير الرسمي منخفضة لعدم سداد الضرائب لعدم دفع الرسوم الجمركية لأنها رديئة الصنع غير مطابقة للمواصفات خاصة أن مستوى الدخول لأكثر من 70 % من المصريين منخفض أو متوسط.
واقترح البربرى عدة حلول امام الحكومة لدمج الاقتصاد غير الرسمى لعلاج هذه القضية، تكمن فى ضرورة النظر لهذا القطاع على انه المشغل الأكبر في سوق العمل، فنحو 70 % من الداخلين في سوق العمل الجدد يشتغلون في الاقتصاد غير الرسمي خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011 ، مع الاهتمام بعدم النظر على هذا الاقتصاد من منطلق الجباية وتحسين الحصيلة الضريبية فقط.
وأضاف أن ضم الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي يتطلب تخفيض الضرائب على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة 10 % ومشاركة الدولة في تحمل التأمينات الاجتماعية وتخفيض نسبة صاحب العمل، وطالب بتيسير إجراءات التراخيص وخفض الرسوم الخاصة بتراخيص تأسيس المشروعات الصغيرة.
وشدد على تفعيل دور الدولة في الرقابة والتفتيش وتسجيل المشروعات غير الرسمية ودور مأموريات الضرائب شعبة الحصر وتفعيل إقامة المجلس الاعلى للضرائب الذي إحدى المهام المنوط بها حصر المجتمع الضريبي.
وذكر البربرى أن عودة الاقتصاد غير الرسمي وضمه لاقتصاد الدولة الرسمي يضاعفان حصيلة الضرائب وإيرادات الدولة إلى 150 مليار جنيه أو ما يزيد على ذلك ويقلل ويخفض الاحتكار، إضافة لتطبيق شروط السلامة والصحة على السلع والخدمات التي تقدم وتنويع مصادر الدخل للاقتصاد وبشكل عام وزيادة معدلات النمو بنحو 1.3: 2 % سنويًا وزيادة الناتج القومي المصري وتحقيق العدالة الضريبية لكل من يسدد ما عليه للدولة.
وعن الازمة الاقتصادية العالمية والمرتبطة بانخفاض اسعار البترول، فقد اشار الى ان الحكومة عليها الاسراع بتقليل اسعار صرف العملة المحلية فى اقرب وقت، موضحاً ان تلك الخطوة من شأنها زيادة بريق وجاذبية السوق المصرية امام رؤوس الاموال الاجنبية الراغبة فى الاستثمار فى مصر، والتى تتزامن مع موجة التوقعات الخاصة باحتمالية تراجع نسب النمو فى اقتصاديات روسيا والصين، بالاضافة للولايات المتحدة.
ولخص التحديات التى تواجه مصر فى الفترة الحالية فى عدد من البنود، تتركز فى استمرار مخاوف المستثمرين من عدم استقرار الاوضاع المالية والامنية فى البلاد، بالاضافة الى البيروقراطية الحكومية فى منح الموافقات اللازمة لانشاء اي مشروع جديد، علاوة على تردى حالة البنية التحتيه من الطرق والكبارى بشكل يؤثر على حركة المستثمرين بالداخل، فضلاً عن استمرار تقييدات تحويل الاموال للخارج.
وعلى صعيد القطاعات المرشحة لجذب استثمارات فى مصر، اعتبر قطاع السياحة كان الخاسر الاكبر من المجالات الاقتصادية فى البلاد بعد ثورة يناير، وتوقفت بعد الاعمال السياحية فى المناطق السياحية خلال الثلاثة سنوات الماضية، موضحاً انه فى ضزء ذلك فان قطاع السياحة من ابرز القطاعات القادرة على جذب مزيد من الاستثمارات والتمويلات فى المرحلة المقبلة.
ورأى ان قطاع الطاقة من ابرز القطاعات المحلية المرشحة لجذب مزيد من الاستثمارات سواء المحلية أو الاجنبية خلال الفترة المقبلة، ولكنه طالب الحكومة باعادة النظر فى التسعير الاخير الذى وضعته الحكومة لشراء الكهرباء من القطاع الخاص، حيث ان الاسعار المقترحة لا تتناسب على الاطلاق مع التكلفة الحقيقية للانتاج.
أعلنت الحكومة فى الاونة الاخيرة عن تحديد أسعار شراء الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة، وذلك في إطار جهود لمواجهة أزمة حادة في الطاقة عن طريق تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار.
وقال وزير الكهرباء محمد شاكر إن الحكومة قسمت أسعار شراء الطاقة من المحطات الشمسية إلى خمس شرائح تبدأ من 84.8 قرش (0.12 دولار) للكيلووات لمشاريع القطاع المنزلي التي من المتوقع ألا تزيد قدرة أي منها على عشرة كيلوواط
ويصل السعر في الشريحة العليا إلى 102.5 قرش للكيلوواط ساعة للمشاريع التي تدور قدرتها بين 20 و50 ميغاوات، وستقدم وزارة المالية قروضا للمواطنين الراغبين في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بشروط ميسرة وفائدة أربعة بالمئة
ومن المتوقع أن تبلغ إجمالي قدرة التوليد من مشاريع الطاقة الشمسية وفقا لتلك الأسعار 2300 ميغاوات، وقال الوزير إن أجل اتفاقات شراء الكهرباء بتلك الأسعار سيكون20 عاما لمشروعات الرياح و25 عاما لمشروعات الطاقة الشمسية
وتنوي الحكومة تشجيع الطلب على الكهرباء المنتجة من المصادر المتجددة عن طريق وضع نسب إلزامية لشرائح من المستهلكين سيجري تحديدهم لشراء تلك الطاقة بأسعار اقتصادية.
ولا تزيد قدرة توليد الكهرباء من المصادر المتجددة في الوقت الحالي على واحد بالمئة من الإجمالي وبواقع 547 ميغاوات لطاقة الرياح و20 ميغاوات للطاقة الشمسية
وحددت الحكومة أسعار شراء الكهرباء المولدة من طاقة الرياح بمستويات تبدأ من 68.40 قرش للكيلوواط ساعة وتصل إلى 82.08 قرش وذلك بناء على عدد ساعات التشغيل في العام
وتتوقع مصر أن تصل القدرة المولدة من طاقة الرياح للمشاريع المتعاقد عليها بتلك الأسعار إلى 2000 ميغاوات
وتأمل مصر أن تساعدها مشاريع الطاقة المتجددة ومشاركة القطاع الخاص في حل أزمة حادة بقطاع الكهرباء في البلد الذي يقطنه 85مليون نسمة وأصبح يعاني من انقطاعات شبه يومية في التيار الكهربائي
وفى سياق متصل، وصف البربرى مصر بالتربة الخصبة لتنمية وازدهار نشاط رأس المال المخاطر خلال الفترة المقبلة، ولكنه نصح الحكومة فى هذا المجال بتقليص حدة المستندات اللازمة لبدء اى مشروع جديد.
ورأس المال المخاطر أحد اشكال التمويل للمشروعات الريادية فى اول مراحل الانشاء والتي تتميز بكونها تمتلك فرصة نجاح ونمو عالية، وبنفس الوقت يتسم الاستثمار بها بمخاطرة عالية، ويحصل مستثمري رأس المال المخاطر على عوائد جراء حصولهم على حصص في المشروع الذي يستثمرون فيه, والذي يمتلك في العادة تكنولوجيا جديدة ، أو خطة عمل في شركات التي تعمل في مجال التقنيات المتقدمة، والتكنولوجيا الحيوية، وتقنية المعلومات والبرمجيات.
كتب : عبدالهادى فوزى ومحمد صلاح