ملعون أبو كوب « اللاتيه » المشروب المفضل لوزير الزراعة الدكتور عادل البلتاجى، فهذا المشروب الغريب على وزارة الزراعة فرضه الوزير على كل ضيوفه والمترددين على مكتبه حتى أصبح المشروب الرسمى للوزارة.
وتخيل معى عندما يدخل أحد المزارعين أو حتى كبار ممثليهم سواء فى الاتحاد التعاونى أو نقابات الفلاحين ويعزم الوزير على الحاج فلان مشروب اللاتيه فماذا سيدور فى ذهن الحاج فلان عن هذا المشروب الغريب الذى لا يعرفه ولكنه سيشربه مضطراً لأن الوزير يحبه، وعلى ما يبدو فإن هذا المشروب الغريب للوزير كان سبباً فى أن يشرد ذهنه بعيداً عن قضايا الزراعة والفلاحين باعتبارها شيئاً «مقرف» وغير حضارى.. ولذلك لم يكن غريباً على الوزير ان يتخذ قراراً بوأد محصول القطن الذى تربع لسنوات طويلة على عرش الأسواق العالمية.
ولأن مشروب اللاتيه ليس مشروباً مصرياً بل مشروب غريب فإن الوزير يبدو انه مغرم بكل ما هو غربى سواء القطن الأمريكى أو الدقيق الفرنسي.
أعلم ان هناك مشكلات تواجه محصول القطن وتحديداً فى عدم تسويقه العام الماضى ولكن لا يعنى ذلك أن يكون الحل إلغاء زراعته.. فكان يجب على الوزير أن يقرأ خريطة القطن عالمياً قبل ان يتخذ قراره.. الا يعلم الوزير أن دولة مثل بوركينا فاسو التى لم نعرفها إلا فى بطولة كأس الأمم الأفريقية قد صدرت لمصر نحو 40 ألف قنطار قطن هذا الموسم، وأصبحت من الدول المنتجة للقطن عالمياً فلماذا تلجأ بوركينا فاسو لزراعة القطن ولماذا تزرعه أمريكا أو الصين أو باكستان أو الهند؟!
المشكلة يا سيادة الدكتور الوزير ليست فى الزراعة ولكن فى إدارة وسياسات الزراعة.. نحن لا نعلم إن كان لدينا سياسة زراعية أم لا.. فإذا كنا نلغى زراعة القطن ونزرع مساحات محدودة من القمح وباقى أنواع الحبوب ونظل أكبر مستوردى الغذاء فى العالم.. فهل يعود بنا الوزير لزراعة الفراولة والمانجو؟. أى سياسة هذه التى تلغى الزراعة وتقتل الفلاحين بقرارات غريبة.. ألا يتابع الوزير حرب الغذاء فى العالم.. وأن هناك أكثر من مليار من البشر لا يجدون الخبز، أين مصر الزراعية التى كانت تشتهر بزراعة القطن والدخان وهذه المحاصيل بدأت زراعتها فى عهد محمد على وظلت مصر سنوات طويلة تصدر إنتاجها من القطن والدخان ومنذ سنوات ألغيت زراعة الدخان وأصبحنا نستورده بالمليارات وها نحن نلغى زراعة القطن ونستورده بالمليارات وكأن المليارات لدينا بالكوم..
الغريب ان قرار مثل ذلك يأتى مع اتجاه الدولة لزراعة مليون فدان فأى محاصيل ستتم زراعتها فى هذه المساحة الكبيرة وهل سيوصى الوزير بزراعتها؟!
سيادة الوزير العالم الكبير.. من بديهيات البحث العلمى الذى أنت فيه ضالع أنه عند طرح قضية بحثية أن يتم النقاش حولها مع المخاطبين بها واستعراض الواقع الحالى والمشكلات ثم طرح الحلول.. لا ان تختصر القضية على طريقة بلاش وجع دماغ ألغوا زراعة القطن.
ولعلك تدرك سيادة الوزير أن هناك دولاً تغرق أسواقنا بالغزول والأقطان وبأسعار أقل من تكلفة الزراعة ولكن لم نسمع فلاحيها يشكون ولم نسمع حكوماتها تفكر فى الغاء زراعة محصول يخسرها..
لماذا يا دكتور.. كنا ننتظر منك وأنت الوزير العالم فى الزراعة أن تأتى إلينا بفكر ونظريات علمية تساعدنا على احياء الزراعة وأن تعود كليات الزراعة التى يهرب منها الطلاب إلى كتائب استصلاح وزراعة فى الصحراء التى تتسع مساحتها وسيطر عليها الرأسماليون الجدد بزراعتها قرى سياحية وكومباوندات..
ولعلى مثل غيرى أسألك هل فكرت وأنت وزير ان تحتسى كوباً من الشاى فى الغيط وعلى نار حطب القطن أو عيدان الذرة مع فلاح بسيط وتسأله عن أحواله وعن ماذا يزرع ولماذا يزرع؟!.. صدقنى يا سيادة الوزير ستجد كوب الشاى هذا أطعم وأرخص كثيراً من كوب اللاتيه بتاعك.








