تنتظر الأسواق المالية من رئيس البنك المركزي الأوروبي “ماريو دراجي” غداً الخميس أن ينفذ تعهده الذي أعلنه مرارًا على مدار العامين ونصف الماضيين باتخاذ “كل ما يلزم” للحفاظ على مستقبل اليورو.
واعتبر تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية أن كل العقبات القانونية، والاقتصادية، والسياسية أمام البنك المركزي الأوروبي تم تذليلها، وتشير كل التوقعات إلى اتجاه البنك لإعلان برنامج لشراء سندات سيادية، في خطوة تعادل برامج التيسير الكمي التي سبق وقام بها بنكا إنجلترا، والاحيتاطي الفيدرالي الأمريكي منذ 6 سنوات.
واستخدمت الحكومة الألمانية لهجة حادة تجاه محاولات زيادة النشاط في الدول التسع عشرة الأعضاء في منطقة اليورو، خوفًا من أن تضطر إلى تحمل أي خسائر محتملة قد تنتج عن خطة شراء السندات.
ولا يزال البنك المركزي الألماني يسعى بقوة لتقليص حجم برنامج الشراء المحتمل للسندات الأوروبية، والتأكيد على تحمل كل البنوك المركزية في منطقة اليورو لمخاطر السندات الخاصة بها.
وارتفع سقف المطالب بشأن برنامج التيسير الكمي للمركزي الأوروبي مع كثرة الحديث عن الخطة المزمعة، حيث تسعى الأسواق إلى إعلان “دراجي” قيمة محددة لمشتريات السندات، كما تريد توضيحا دقيقا لكيفية عمل البرنامج.
وأشار التقرير إلى أن التحديات التي تواجه البنك المركزي الأوروبي اختلفت منذ شهر يوليو/تموز 2012، عندما أعلن لأول مرة دراسة إطلاق برنامج للتيسير الكمي، ففي هذا الوقت كانت الأزمة تكمن في ارتفاع معدل الفائدة على السندات الحكومية الخاصة بإيطاليا، وإسبانيا، وسط مخاوف سوقية بشأن احتمالية انهيار منطقة اليورو.
وأضاف التقرير أن المشكلة في الوقت الحالي تتمثل في “سبات اقتصادي كبير”، يعد الأكبر منذ الكساد خلال عامي 2008 – 2009، بالإضافة إلى تراجع الأسعار عن مستوياتها منذ عام مضى، مع استمرار وجود مخاوف بشأن انهيار اتحاد العملة الموحدة، في حال دخول دول المنطقة في مرحلة كساد تؤدي إلى ارتفاع تكلفة بعض الديون السيادية بشكل تعجز الدول عن تحمله.
وفي حين يسعى المركزي الأوروبي إلى التخلص من خطر الكساد، إلا أن هناك بعض المخاوف بشأن إمكانية عدم نجاحه في تحقيق هذا الهدف، مع وجود آراء تشير إلى أن خطة التيسير الكمي قد تكون “متأخرة للغاية”.
ويقول ” جوناثان لوان” كبير الاقتصاديين في “كابيتال إيكونومكس”: إنه من المؤكد أن المركزي الأوروبي سوف يعلن برنامجًا للتيسير الكمي، إلا أن الحذر الذي يتمتع به البنك، والاعتراضات الألمانية على الخطة تزعزع الثقة بشأن مدى حجم وتأثير الخطة بالشكل الذي يسمح بإنقاذ منطقة اليورو من الكساد، ودعم النمو الاقتصادي.
وبالرغم من أن بنكي إنجلترا، والاحتياطي الفيدرالي اللذين سبق وقاما بطرح برامج للتيسير الكمي يعتقدان أنها أدت إلى ارتفاع النمو والتضخم من مستوياته السابقة، إلا أن “دافال جوشي” الخبير في “بي سي إيه” للأبحاث يرى أن التباين الشديد مؤخرًا في معدلات النمو والتشغيل بين الاقتصادات الكبرى عالميا يرجع أساسا إلى سياسة مالية مثل التقشف، وما إذا كانت الحكومات قد سهلت القروض الجديدة عن طريق إصلاح أنظمتها المصرفية.
وأوضح تقرير “الجارديان” أن شراء السندات عبر البنك المركزي الأوروبي سوف يعمل عبر واحدة من 3 قنوات فحسب، وهي أن تقوم البنوك باستغلال الأموال التي سوف تحصل عليها من بيع السندات في زيادة إقراض المستهلكين والأعمال، وأن تؤدي عملية شراء السندات من السوق إلى تخفيض معدلات الفائدة، مع ارتفاع أسعارها السوقية، وأخيرًا بأن تستغل الدول شراء السندات لتقليص قيمة العملة، حيث إن زيادة المعروض من العملات المختلفة سوف يجعلها أقل جاذبية.
ويعتقد المحللون أن البنوك لن تتمكن من زيادة الإقراض بصرف النظر عما سوف يفعله البنك المركزي الأوروبي، مع حقيقة أنها تمتلك بالفعل الكثير من الأموال في الوقت الحالي، كما أن العائد على السندات الحكومية في منطقة اليورو منخفض للغاية بالفعل.
وأوضح التقرير أن هذه الحقائق تترك فقط إمكانية أن تؤدي عملية شراء السندات إلى تخفيض سعر الصرف كوسيلة غير مباشرة للوصول إلى النمو والتضخم الذي يسعى المركزي الأوروبي إلى تحقيقه.