على الرغم من سماح البنك المركزى بخفض قيمه الجنيه مقابل الدولار بقيمه 38 قرشا فى مزادات متتاليه بدأت منتصف يناير الماضى ليستقر سعر صرفه عند 7.53 جنيه إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول ما إذا كان الجنيه قد بلغ قيمته العادلة أمام الدولار.
وإستبعد مصرفيون وخبراء إقتصاد إجراء المركزى لتحفيضات جديده على قيمه الجنيه فى الوقت الحالى تفاديات لإرتفاعات كبيره فى معدلات التضخم ، خاصه عقب أن أتت التحفيضات الأخيره فى قيمه العمله المحليه ثمارها فى القضاء على السوق الموازى وتقليص فجوه الأسعار بين السوقين الرسمى ونظيره الغير رسمى .
قال هيثم عبد الفتاح رئيس قطاع الخزانه بأحد البنوك العامه أن تخفيض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بأكثر من 35 قرشا لم يحقق القيمه العادله له ، مشيرا إلى أنه فى ضؤ المؤشرات الراهنه يتطلب الجنيه التخفيض بقيمه تصل تتجاوز 35 قرشا بما يعادل 0.5% ليقترب من 8 جنيه .
أضاف عبد الفتاح أن المركزى يستهدف فى المقام الأول التضخم ومزيد من الخفض سيتسبب فى زياده معدلاته ، لذا إستبعد خفضا جديدا قريبا .
وإتخذ البنك المركزي خطوة مماثلة في النصف الأول من عام 2014 لكنه أبقى الجنيه مستقرا عند 7.14 جنيه مقابل الدولار على مدى ستة أشهر وسط ما أرجعه متعاملون إلى مخاوف من أن يؤدي مزيد من الهبوط في قيمة الجنيه إلى ارتفاع معدل التضخم ، و ارتفع التضخم في مصر بعدما خفضت الحكومة دعم الطاقة في يوليو الماضي وهو ما دفع البنك المركزي لزيادة أسعار الفائدة 100 نقطة أساس في ذلك الشهر.
وقال هشام رامز محافظ البنك المركزى إن الهدف من تحريك تخفيض قيمة الجنيه هو توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق غير الرسمية لتبديل العملات الأجنبية. ونجحت الاجراءات التى اتخذها البنك مؤخرا فى توحيد سعر الدولار فى سوق الصرف تقريبا، لكن خبراء يقولون إنه مازال من المبكر القول بأن هذه الاجراءات لها أثر مستدام.
قال فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية أن القيمة الحالية لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار لا تمثل القيمة الحقيقية أو العادلة للجنيه .
أضاف أن البنك المركزى لن يستطيع توحيد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وفقا لمعدلات العرض و الطلب إلا فى حالة أن تكون معدلات الاحتياطى من النقد الاجنبى كافية للوفاء بالطلبات فى السوق دون قيود لتوفير العملة من البنوك.
وفقد احتياطى النقد الأجنبى أكثر من 20 مليار دولار منذ اندلاع ثورة شعبية فى 2011 ليهبط من 36 مليار دولار فى ديسمبر 2010 إلى 15.5 مليار دولار الشهر الماضى.
تابع الفقى أنه القيودا التى أقرها المركزى لتوفير العملة تعترض وصول العمله المحليه لقيمتها العادله ، مشيرا إلى أن تلك القيود والتى يتمثل أبرزها فى الأولوية لاستيراد السلع الأساسية و الأدوية بجانب وضع حدا للإيداع بالدولار ب 50 ألفا شهريا ساهمت فى تحديد السعر الراهن للجنيه .
أضاف الفقى أنه يصعب تحديد السعر العادل للجنيه فى الوقت الحالى فى ضؤ التغيرات المتلاحقه والقيود المطبقه لتقليص الفجوه بيءن أسعار السوق الرسمى والموازى ، مشيرا إلى أن السعر الحالى ليس السعر الحر المطابق للعرض و الطلب.
و علق الفقى على ثبات أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه فى عطاءات البنك المركزى الدورية عند 7.53 جنيه بأنها أسعار أيضا غير مناسبة خاصة و أن البنك يحدد كمية العطاء و متحكم فى أسعار الصرف فيه أيضا.
أضاف أنه بالتأكيد الارتفاع فى أسعار صرف الدولار فى مواجهة الجنيه من 7.15 جنيه إلى 7.53 جنيه سيؤتى ثماره على حجم التصدير و انخفاض تكلفة البضائع التى تأتى من الخارج و لكن هذا الأمر يتطلب المزيد من الوقت.
وساهمت مساعدات بقيمة 23 مليار دولار على الأقل حصلت عليها مصر من دول خليجية خلال السنة ونصف السنة الأخيرة فى تجنيب البلاد كارثة اقتصادية مع انهيار مواردها الرئيسية من النقد الأجنبى ممثلة فى السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
و استبعد الفقى أن يحدث بيع البنك المركزى 420 مليون دولار للبنوك فى الإنتربنك الدولارى قبل اسبوعين تأثيرا سلبيا على معدل الاحتياطى الأجنبى مرجحا توفير هذه الكمية من الدولارات من مصادر أخرى على سبيل المثال ارتفاع إيرادات قناة السويس.
قال عمرو حسنين رئيس شركة ميريس فى الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى أن تحديد القيمة العادلة لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار و معرفة سعر الصرف العادل صعب فى هذه الفترة خاصة عقب قرار البنك المركزى الأخير بوضع سقف للإيداع المصرفى من الدولار بـ10 آلاف دولار يوميا و 50 ألفا شهريا للعميل الواحد.
أضاف أن الأمر يتطلب فى المقام الأول معرفة تداعيات هذا القرار و الذى يمكن أن يستغرق ما لا يقل عن شهرين عندها نستطيع تحديد القيمة الحقيقية للجنيه و هل إذا كان جاذبا للاستثمار أم لا.
ويمثل سعر الجنيه عاملا أساسيا فى جذب الاستثمارات الأجنبية، نظرا لارتفاع الفائدة عليه إلى 9.75%، لكن تقلبات سوق الصرف والمخاوف من عدم توافر النقدية للخروج من السوق فى أى وقت حالت دون الاستفادة من فقدان العملة المحلية أكثر من 36% من قيمتها خلال السنوات الأربع الأخيرة.