احمد الكلاوي يكتب: الدولة الحديثة والدولة المستحيلة


لم تعرف الدولة الحديثة كتعبير عصرى عن الدولة المدنية بمفهومها ولم توجد ولم تنشأ اركانها ومقوماتها الا فى التاريخ الحديث وهى حصريا من انتاج الغرب (اوروبا واميركا بصورة اساسية ) الذى يعيش تاريخا حديثا صنعه هو بنفسه يتالف ويتسق مع تاريخه ومنتجاته من العلم والتنوير والتقدم الصناعى ، والتكنولوجى ، والقومية ، والراسمالية وتراث من الدساتير والقوانيين الى جانب ميراث هائل من الديمقراطية والتعددية الحزبية الى اخره.

كذلك فان الدولة الحديثة لم تعد تعترف بالاركان التقليدية للدولة من شعب واقليم وسلطة حاكم ثم والاهم اعتراف المجتمع الدولى بل اصبحت  الدولة الحديثة هى الكيانات الاقتصادية الضخمة التى تحولت الى ديناصورات عملاقة تسيطر اوعلى الاقل تؤثر تأثيرا قويا ومباشرا على مقاليد معظم الدول سواء كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية مثل جوجل ومايكروسفت وابل وسامسونج وغيرها واصبحت عبر ملكيتها لوسائل التكنولوجيا الحديثة تسيطر على معظم دول العالم اكثر مما تفعله وهو ما يدفعنى بمصطلح الاستعمار الاقتصادى الناعم  واكتملت فيها الى جانب ذلك اركان الدولة التقليدية ولو بصورة ضمنية ( الاقليم ) :فهى موجودة تقريبا فى كل اقليم من اقاليم العالم  ( الشعب) : فاحتوت كل شعوب العالم واثرته بمنتجاتها واصبح استحالة العيش بدونها بل اصبحت رابطا للتواصل بين شعوب العالم ( السلطة الحاكمة): فلها قواعدها القانونية  وتشريعاتها التى تفرضها كسلطة على مستخدميها ( الاعتراف الدولى ) فقد اعترفت بها ودانت لها كل شعوب الارض بل والمجتمع الدولى والمنظمات الدولية..

اما عن الدولة المستحيلة فهى تلك التى تتخذ من الدين والعقيدة بابا للنشأة والتكوين فعلى سبيل المثال ومع  بداية القرن التاسع عشر اقتصرت الشريعة الاسلامية على تزويد قوانين الاحوال الشخصية بالمادة الخام وفى حدود ضيقة واختصرت فى النهاية على اصباغ الشرعية من  خلال اشتقاق مبادىء معينة من الشريعة يعاد تشكيلها لمواءمة ظروف العصر الحديث ..

وبالتالى فان الدولة الاسلامية الحديثة غير متصور اقامتها حتى ولو من باب الافتراض وما تعنيه من انتقاء احكام بتر الاعضاء والرجم وغيرها وذلك لتعارضها مع الاصل الجغرافى والنظامى والمعرفى للدولة الحديثة  وقد قبل المسلمون اليوم و كجزء من هذا العالم مشروع الحداثة  بمن فيهم مفكريهم وأئمتهم وامنوا بالدولة المدنية او الحديثة كأمر واقعى بل انهم سلموا بمقتضيات المواطنة والديمقراطية فيها ..

فعلى من يقف  بالدين وغلاف العقيدة والتدين لنشر فكرة مثلا الدولة الاسلامية فى العراق والشام والاساءة الى الاسلام والمسلمين من ارهابهم وارهاب العالم  بالذبح والدم ولقتل بأشكاله والتفجير بأنواعه  من خلال مجموعة من المردة والشياطين والمرتزقة  .. قضوا تماما على اى خيال لاقامة مثل تلك الدولة التى هى من الاساس مستبعدة كامكان مفهومية

المقال بقلم د/ مستشار احمد مصطفى الكلاوى

 

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsaanews.com/2015/07/12/717458