السفن التى تستخدم القناة أقل 20% عن 2008 وأكثر 2% فقط عن 2004
مؤسسة دولية: صناعة النقل البحرى فوجئت بمبادرة توسيع القناة
كابيتال إكونوميكس: التجارة الدولية يجب أن تنمو 9% سنوياً لتحقق قناة السويس أهدافها
احتاج حفر قناة السويس 10 سنوات وكلف المصريين أرواح الآلاف من العمال، وعندما اقترح المخططون ثلاث سنوات لحفر قناة ثانية رفض الرئيس المصرى، وأمر بأن يكون زمن الحفر عاماً واحداً.
وبعد 12 شهراً فقط يستضيف عبدالفتاح السيسى حفلاً بمناسبة أكبر توسعة للقناة منذ افتتاحها لأول مرة فى عام 1869.
وبحسب تقرير لوكالة الأنباء بلومبرج، فإن الأمر الأقل وضوحاً وسط هذه الاحتفالات هو الفوائد الاقتصادية لما تصفه لوحات إعلانية فى القاهرة وميدان تايمز سكوير فى نيويورك بأنه «هدية مصر للعالم»، والذى سيرفع استيعاب القناة لمرور مزيد من السفن، وفى وقت أقل لعبور 193 كيلومتراً بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
ويأتى حفل الخميس، الذى من المقرر ان يحضره كبار الشخصيات مثل الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند ونائب زعيم كوريا الشمالية كيم يونج نام، وسط تباطؤ نمو التجارة العالمية التى ترتبط حظوظ القناة به.
ونقلت الوكالة عن رالف ليزسينسكى، رئيس قسم الأبحاث بمؤسسة «بانشيرو كوستا بروكريج» ومقرها سنغافورة قوله: «من وجهة نظر صناعة النقل البحرى كانت هذه المبادرة لتوسيع قناة السويس نوعاً من المفاجأة، فلم يكن هناك حاجة ملحة أو طلبات لتنفيذ ذلك المشروع بقدر ما أعلم».
ووفقاً لبيانات وكالة بلومبرج، فإن قناة السويس لم تتعاف تماماً منذ أن تسببت الأزمة المالية العالمية فى هبوط الشحن فى عام 2009، وعلى الرغم من زيادة إجمالى الحمولة، فإن عدداً من السفن التى تستخدم القناة لايزال أقل 20% عن مستواه عام 2008 و2% فقط زيادة عما كانت عليه قبل عقد من الزمن.
ودون الحديث عن عنق الزجاجة يقول محللون، إن الإحصاءات تعكس تباطؤ نمو التجارة العالمى، حيث يتوقع صندوق النقد الدولى، أن يبلغ 3.4% كمتوسط فى الفترة 2007-2016، مقارنة مع 7% خلال العقد الماضى.
وتراجع مؤشر الشحن الجاف الذى يقيس معدلات شحن خام الحديد والفحم والحبوب، وينظر إليه على أنه قاطرة الاقتصاد العالمى، إلى مستوى قياسى بلغ 509 نقطة فى فبراير الماضى، فيما لايزال أقل 90% من المستوى القياسى لعام 2008، حيث سجل 11.793.
و قالت ميشيل بيرمان، رئيس بحوث المخاطر التشغيلية فى بى إم أى بوكالة فيتش: «لا يعد عامل السرعة فى الوقت الراهن هو الأساس لشحن الحاويات، ويعتبر قطاع الشحن البحرى أهم مستفيد من القناة»، وتابعت: «القضية الأكبر هى «فائض السفن» بالمقارنة بحجم الطلب، حيث تم بناء أكبر السفن حجماً على الإطلاق لخدمة خطوط الشحن بين آسيا وأوروبا، وهو ما يفاقم المشكلة».
وأوضح تقرير بلومبرج، أن الحكومة المصرية لم تنشر دراسات الجدوى لإظهار كيف ستجنى العائد على استثمار 64 مليار جنيه أو ما يعادل 8.2 مليار دولار، فيما أكد اللواء مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، أن التوسعة تأتى تلبية للطلب فى المستقبل، حيث من المتوقع تضاعف حركة المرور إلى 97 سفينة يومياً بحلول عام 2023.
وقال مميش رداً على أسئلة عبر البريد الإلكترونى: «من خلال خلق ممر ثانى للقناة نصبح قادرون على تقليل فترات الانتظار، مما يقلل من نفقات الوقود والتكاليف، مع عدم وجود زيادة فى الرسوم لدينا».
وبحسب مؤسسة كابيتال اكونوميكس، فإن حجم التجارة العالمية يحتاج إلى الارتفاع بنحو 9% فى السنة لوصول قناة السويس إلى هدفها واصفة الهدف بأنه «على الأقل يمكن القول أنه من غير المرجح أن يتحقق».
يمر حوالى 8% من البضائع فى العالم الآن عبر قناة السويس بحسب هيئة قناة السويس، فالسفر من سنغافورة إلى نيويورك عبر قناة السويس يقلل من المسافة بنسبة 19%، مقارنة بالطريق عبر المحيط الهادئ، وقناة بنما ويوفر 42% من الطريق بين الخليج العربى وروتردام فى هولندا لان المرور بقناة السويس يلغى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح فى أقصى جنوب القارة الأفريقية.
ويقول نيل أتكنسون، رئيس وحدة التحليل فى لويدز قسم المعلومات، إنه حتى من دون أى تطوير، فإن القناة ستكون دائماً جذابة.
وتسمح القناة الجديدة بحركة المرور فى الاتجاهين، حيث تقلل من وقت العبور إلى 11 ساعة بدلاً من 18ساعة، وفقاً للشركة المشغلة للقناة، لكن التوسعة لن تمكن السفن الأكبر من استخدام الممر المائى، ومن المتوقع إنشاء موانئ جديدة وخدمات لوجيستية فيما بعد، ويتضمن المشروع ستة أنفاق تحت القناة، وتتوقع السلطة إيرادات تصل إلى أكثر من 13 مليار دولار بحلول عام 2023 بدلاً من 5.5 مليار دولار فى عام 2014.
ويعتقد سايمون كيتشن المحلل الاستراتيجى فى بنك الاستثمار للمجموعة المالية هيرميس بالقاهرة أن مقولة «أكمل البناء والاستثمارات ستأتى ليست كافية»، مضيفاً أن الشركات سوف تطلب توفير محفزات لبناء المصانع وغيرها من التسهيلات، فالحكومة تحتاج لإعطاء السفن سبباً لتبحر عبر قناة السويس.
لكن البعض له وجهة نظر أكثر إيجابية فقد نما الاقتصاد المصرى السويس أكثر من 4% فى الأشهر التسعة حتى مارس الماضى لأول مرة منذ عام 2010، ويرجع ذلك أساساً إلى الإنفاق على البنية التحتية ذات الصلة لتطوير القناة.
كما يسهم العبور القصير فى توفير 4% من تكاليف الرحلات اعتماداً على طول المسافة بحسب تقديرات مركز البحوث الاقتصادية «إس آر إم» ومقره فى نابولى فى إيطاليا.
قال مايكل ستورجارد، المتحدث باسم «خطوط ميرسك» أكبر شركة شحن حاويات فى العالم لبلومبرج إنه كان من الضرورى الحفاظ على جاذبية قناة السويس، ورغم ذلك أكد أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت «ميرسك» سوف تسير سفن أكثر عبر قناة السويس.
ويرى عمرو عادلى الباحث فى معهد كارنجى للسلام من بيروت أن أى مردود اقتصادى فى المستقبل يجرى تضخيمه للتوظيف السياسى من قبل الحكومة لبناء الثقة فى قيادة السيسى.
أضاف عدلى: «يحاول السيسى كسب الشرعية من خلال إنجازات حكومته ويعتقد أن قناة السويس تظهر أن الحكومة يمكنها تقديم شئ، وتستطيع الالتزم بشئ ما والقيام به».







