بدأت بعض البنوك العاملة بالقطاع المصرفى المصرى الاستعداد للتوافق مع معايير بازل 3 من خلال دراسة زيادة رأسمالها وتدعيم إدارات المخاطر بها من خلال تدريب الكوادر على برامج جديدة لدراسة الحالات الائتمانية.
واعتبر مصرفيون، أن الالتزام بمعايير بازل 3 تحدٍ يواجه بعض البنوك، خاصة الصغرى التى تعجز عن دعم مراكزها المالية تبعاً للخطط والاستراتيجيات التى تحكم توجهاتها، بالإضافة إلى الحصة السوقية التى يستحوذ عليها كل بنك بين البنوك الأخرى العاملة بالسوق المصرى.
ورأوا أنه لا يزال هناك قصور فى تدريب الكوادر البشرية وتأهيلها لفهم المعايير والتعامل معها لتطوير القطاع المصرفى، معتبرين تلك التحديات من أول العوائق التى تواجه البنوك فى التطبيق.
قال مسئول بالبنك المركزى، إن البنوك لديها مشاكل كبيرة فى التطبيق أهمها عدم كفاية معدلات رأس المال مقابل نسب المخاطر بكل بنك.
وأشار إلى أن البنوك المصرية ليس لديها أى قاعدة بيانات تاريخية أواحصائية متكاملة عن المركز المالى لها، مشيراً إلى أن تلك البيانات تساعد الإدارة فى إنجاح عملية التطبيق.
أفاد بأن تطبيق معايير بازل 3 يضع مساهمى البنوك الصغيرة أمام خيارين الأول يتمثل فى ضرورة الالتزام أو تخفيض قيمة مساهماتهم فى هيكل الملكية وإفساح الطريق أمام دخول مساهمين جدد.
أما الخيار الثانى فيتمثل فى إمكانية دمج الكيانات المصرفية الصغيرة بكيانات أخرى كبيرة، تمهيداً للالتزام بالمعايير قبل انتهاء الموعد المحدد بحسب المسئول.
وتوقع المسئول عدم فصل القوائم المالية الخاصة بالمعاملات الاسلامية بالبنوك التقليدية ضمن الالتزام بالمعايير، معتبراً أنه لا داعى للفصل بل يمكن إدراجها كبند قائم بذاته ضمن بنود القوائم المالية.
قال محمد رزق، رئيس قطاع التفتيش والرقابة الداخلية بأحد البنوك العامة إن البنوك ملزمة أمام تطبيق معايير بازل 3 برفع رؤوس أموالها لمواجهة المخاطر السوقية المحتملة، وهو أكبر تحد فى تاريخ القطاع المصرفى لعدم قدرة بعض المصارف على ضخ أى زيادات تبعاً لحجم مراكزها المالية.
وتوقع رزق أن تشهد الفترة القادمة دمج الكيانات المصرفية ببعضها لمواجهة أعباء الالتزام بالمعايير الجديدة العالمية.
تابع رزق أنه لابد من وجود كوادر متخصصة بإدارة المخاطر تتم الاستعانة بها فى تطبيق معايير بازل 3، معتبراً أن تدريب العنصر البشرى يحسم عوائق التطبيق لها ويحد من مشاكله. قال مختار يوسف، المستشار السابق لرئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، رئيس قطاع المخاطر والديون المتعثرة، إن البنوك كان لديها إخفاقات كثيرة فى تطبيق معايير بازل 2، ولم تنته منها بعد لتتمكن من خوض تطبيقات المعايير الخاصة ببازل 3، وهذا ما يضع البنوك فى مأزق ويتحتم عليها عمل إعادة هيكلة لها.
وأوضح يوسف أن تطبيق المعايير يحتاج إلى دراسات تاريخية لمعدلات المخاطر والاخفاقات والأصول لكى يستطيع أى بنك استخدامها فى احتساب المخاطر المتوقعة، مدللاً أن جميع البنوك المصرية لديها مشكلات فى صحة الدراسات والبيانات التاريخية.
وتشمل المعايير الجديدة لـ«بازل 3» مجموعة من المحددات المتعلقة بآليات الرقابة الداخلية بالبنوك وشفافية حركة الأموال سواء عبر التحويلات الداخلية والخارجية أو عبر عمليات السحب والإيداع اليومية إلى جانب معايير أكثر تشدداً فيما يتعلق بقواعد الحوكمة والإفصاح وإعداد القوائم المالية للبنوك، وفق أسس محاسبية جديدة تعزز معدلات الاحتياطى وكفاية رأس المال والمخصصات وغيرها من البنود المالية التى تؤدى إلى تحديد الأرباح الحقيقية للبنوك مقارنة بما كان يحدث من قبل حيث كانت الأرباح لا تعبر بالضرورة عن واقع وحقيقة المراكز المالية للبنوك.
وأشار إلى أن البنوك لا تتوافر لديها دراسات احصائية تشمل اعداد البيانات اللازمة للمصروفات الحسابية لسرعة التوصل إلى النتائج المرادة عند عملية التطبيق.
واعتبر أن تدريب العنصر البشرى أهم تحد يواجه التطبيق المصرفى البنوك المصرية خاصة وأن هناك كوادر غير مؤهلة فى التعامل مع المعايير ولا يوجد لديها وعى بها.
ودعا مختار إلى ضرورة اخضاع الكوادر داخل البنوك إلى تدريب مستمر بالتعاون مع المعهد المصرفى والبنك المركزى، ونقل تجارب وخبرات الدول الأخرى وعلى رأسها الدول الأجنبية فى اجتياز مهام التطبيق، حيث تحفل هذه البلدان بجدارة فى تطبيق هذه النوعية من المعايير. وتوقع مختار أن تتغلب البنوك المصرية على هذه التحديات لأن لديها رغبة فى التطبيق ضمن متطلبات الإصلاح المصرفى.
قال ماجد فهمى، الخبير المصرفى، الرئيس السابق لمجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات إن العوائق التى تقف أمام البنوك فى التطبيق تختلف من بنك لآخر حسب نوعية المشكلات المتواجدة داخل كل بنك حتى يتمكن من معالجة نواحى الضعف والقصور.
وأوضح فهمى أن معظم المصارف ليس لديها مفهوم واضح عن معايير بازل 3 والبنود التى تنص عليها، وبالتالى فهى أمام تحد كبير فى التطبيق، بالاضافة إلى أن عملية معادلات بازل 3 معقدة جدا والأمر يحتاج وجود تكنولوجيا خاصة بمواصفات عالمية لتطبيق هذه المعايير.
ودعا ماجد المركزى إلى ضرورة مد المهلة المتاحة أمام البنوك والتى تنتهى خلال 3 سنوات المقبلة لحين توفيق أوضاعها حتى لا يقع عليها أى مخالفات مالية أو عقوبات من قبل البنك المركزى.








