الوقاية خير من العلاج، مقولة طبية تنطبق على المنشآت الصناعية والتجارية التى قد تتعرق لحوادث الحريق، حيث يرى طلعت البهلول، رئيس أكاديمية الشرق الأوسط للسلامة والصحة المهنية حديثه إجراه مع «البورصة»، أن توافر وسائل الحماية وإجراءات السلامة المهنية بالشكل الفنى الجيد داخل الصروح الصناعية والتجارية يسبق فى أهميته التأمين على تلك المنشآت، نظرا لارتفاع الخسائر التى قد تتحملها المتمثلة فى الفترة الزمنية بين توقف الإنتاج وعودة التشغيل مرة أخرى، إضافة إلى حرمان العاملين من الحوافز التى تدفعهم لجودة الإنتاج واتقانه، على ما تتكبده شركات التأمين من خسائر بسبب التعويضات.
وشدد على أهمية المتابعة المستمرة من إدارة الحماية المدنية لتوفر وسائل الوقاية وإجراءت السلامة المهنية داخل المنشآت للحد من الخسائر التى قد تتحملها شركات التأمين فى حالة نشوب الحريق، خاصة أن المفترض فى التأمين أنه يغطى الحوادث العرضية والفجائية.
وأوضح أن هناك مجموعة من القواعد الخاصة بالسلامة المهنية، أولها الالتزام بإجراءات الصيانة المستمرة داخل المنشآت ومراعاة زيادة الأحمال وفقا لقدرة الشبكات، إلى جانب استخدام منتجات على جودة عالية فى توصيل خدمات المرافق يأتى على رأسها المياه والكهرباء.
وفقا لبهلول تتضمن القواعد توفير الخبرة الفنية للقائمين بأعمال التركيب والصيانة لتلك المرافق ومراعاة الطبيعة الكيمائية للمواد المستخدمة فى عمليات الإنتاج أو التى تخزن لمنع تأثرها بالعوامل الجوية التى قد تتسبب فى اشتعالها، خاصة بشركات البترول التى شهدت حوادث عديدة نظرا لتسرب الغاز نتيجة تفاعل مواد بترولية، إضافة إلى توفير انظمة اطفاء حديثة ومتطورة فى المخازن.
وشدد رئيس أكاديمية الشرق الاوسط للسلامة والصحة المهنية، على ضرورة تفعيل الطب الصناعى داخل المنشآت للتوصل إلى طبيعة الأمراض المهنية المرتبطة بطبيعة النشاط الصناعى، مشيرا إلى ارتفاع عدد الأمراض المهنية فى مصر من 29 مرضاً فى الستينيات إلى 48 حاليا فيما تصل الأمراض المسجلة، وفقا لمنظمة العمل الدولية إلى 111 مرضاً.
وأوضح أن ارتفاع تلك النسبة يحمل هيئة التأمين الصحى تكلفة اعلى وكذلك شركات القطاع التى تغطى العمالة بوثائق وفقا لطبيعة التعاقدات معها بخلاف تأثيرها السلبى على زيادة الإنتاج.
ونصح بضرورة إعداد ضوابط من الهيئة العامة للرقابة المالية للحد من معدل الخسائر وضمان عدم اخلال المنافسة السعرية بين الشركات أو الوسطاء فى الحصول على العمولة، بالنتائج المحققة بتأمينات الحريق.
قال إن قطاع الحماية المدنية يحتاج إلى إعادة تنظيم وتكامل وتنسيق بين الجهات المعنية التى تضم وزارات الداخلية والقوى العاملة والبيئة، إلى جانب التدريب المستمر للقائمن على تلك المسئولية.
وأوضح رئيس أكاديمية الشرق الأوسط للسلامة والصحة المهنية، أن هناك مادة متوافرة لإطفاء حرائق الزيوت النباتية مثل Tibe K وهى عبارة عن بودرة سائلة من الواجب إلزام الشركات العاملة بهذا المجال توفيرها ومتابعة صلاحيتها بشكل دورى من قبل الحماية المدنية.
ولفت إلى أن هناك أجهزة تقيس الأحمال وتكشف الأعطال والمناطق المتهالكة فى شبكات توزيع الكهرباء، ولكن غياب الوعى من قبل العملاء وعدم متابعة إجراءات الصيانة تتسبب فى الكثير من تلك الحوادث.
وأضاف أن هناك بعض الأخطار يصعب على شركة التأمين اكتشافها وقت المعاينة التى قد تكون السبب الرئيسى فى وقوع الحادث، وغالبا ما ترجع إلى الإهمال فى إجراءات الصيانة ومراقبة السلامة.
وأشار إلى تشدد الاتحادات العمالية فى مقاومة تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية من خلال الدفاع عن العمال المخطئين.
وطالب بضرورة التنسيق بين المحليات والحماية المدنية لمتابعة التخطيط الخاص بالمبانى، وضرورة توفير مخارج للطوارئ وتشديد العقوبات على المخالفين وعدم منح التراخيص للمبانى غير المتوافقة مع معايير السلامة.
ويفتقد السوق المصرى للكوادر الفنية المدربة على السلامة والصحة المهنية التى تتطلب التركيز عليها فى العملية التعليمية وإكسابهم خبرات متعددة للتعامل مع الاخطار، والاهتمام بالمركز القومى للسلامة والصحة المهنية.
وعلى جانب آخر أوضح البهلول، أن الجهات الرقابية من تتابع إجراءات السلامة والصحة المهنية والتى تمارس تلك السلطة حاليا، ولا تعمل بشكل واقعى وتهتم فقط باستيفاء الاوراق المطلوبة، مرجعا ذلك إلى قلة عدد العاملين بمكاتب السلامة والصحة المهنية التابعة لوزارة القوى العاملة مقابل الجهات والمنشآت المطلوب فحصها، حيث يصل عدد العاملين 250 فيما تتجاوز المنشآت أربعة ملايين.








