ضرورة فتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار فى تصنيع السفن فى محور قناة السويس
تفتقد مصر الاستراتيجية الواضحة والمحددة لبناء وتطوير صناعة السفن، وهو ما جعل ترتيبها يأتى فى ذيل قائمة الدول المصنعة للسفن. ومن الجدير بالذكر أن انتاج ترسانتى الإسكندرية، وبورسعيد لم يتجاوز 400 ألف طن منذ تأسيسهما على مدار 40 عاماً، بينما أنتجت كوريا الجنوبية خلال عام 2007 فقط نحو 20 مليون طن من السفن.
قال الدكتور أحمد حسني، أستاذ هندسة السفن بجامعة الإسكندرية، عضو جمعية المهندسين البحريين، ومهندسى بناء السفن، إن مصر لا تمتلك استراتيجية محددة الملامح لبناء وتطوير صناعة السفن بشكل يضعها على خط المنافسة مع الدول الكبرى المتقدمة فى هذا المجال.
أضاف أن صناعة السفن شهددت خلال الفترة الماضية تطوراً كبيراً فى عدد من الدول مثل كوريا الجنوبية، والصين، وسنغافورة، وعدد من البلدان الأوروبية، وامتد هذا التقدم ليشمل عدداً من دول الخليج مثل السعودية، والإمارات، والبحرين.
تابع حسنى: «رغم أن مصر تمتلك ترسانتين ضخمتين فى الإسكندرية وبورسعيد، فإن انتاجهما غير قادر على منافسة الدول المتقدمة سواء من حيث الكمية أو الجودة والكفاءة». ويقدر حجم صناعة السفن التى أنتجت فى ترسانتى الإسكندرية، وبورسعيد بنحو 400 ألف طن، وفقاً لحسني.
وتتوزع هذه النسبة بواقع حمولة قيمتها 60 ألف طن انتجت فى ترسانة بورسعيد، و300 ألف طن بترسانة الإسكندرية، وهى كميات ضئيلة مقارنة بما تنتجه الدول التى تنافس مصر فى مجال صناعة السفن.
فى المقابل بلغ إنتاج كوريا الجنوبية خلال 2007 فقط 20 مليون طن، واليابان 17 مليون طن، وأوروبا 4 ملايين طن، فيما انتجت باقى دول العالم 5 ملايين طن، وبذلك يكون إجمالى ما أنتجته ترسانات العالم فى عام واحد 51 مليون طن، وفقاً لدراسة حسني، مشيراً إلى أن المقارنة مع هذه الدول «محبطة ومخيفة».
وتتمركز صناعة السفن فى البلدان الساحلية، وتشهد هذه الصناعة منافسةً ضاريةً عالمياً بين دول الصين، وكوريا، واليابان، وعدد من الدول الأوروبية، إلى جانب دبى والسعودية. وتمتلك مصر موقعاً جغرافياً جيداً يمكن استغلاله ليكون منافساً للدول الكبرى لكن هناك عدداً من الأسباب يحول دون ذلك، أهمها عدم وجود كيان مستقل يقوم بوضع استراتيجية واضحة لتطوير الصناعة، بالإضافة إلى عدم وجود آليات لقياس كفاءة الترسانات العاملة حالياً فى مصر لإجراء مقارنات بين ما هو مستهدف منها وما هى عليه حالياً.
ومن بين الأسباب أيضاً الخسائر المالية نتيجة الاعتماد على استيراد المكونات الأساسية الخاصة ببناء السفن، والتى تصل 70% من إجمالى المكونات، علاوة على عدم وجود مصانع مصرية لإنتاج هذه المكونات، وندرة القدرات الهندسية المصرية فى مجال تصميم السفن الكبيرة، والاستعانة بمكاتب تصميمات خارجية، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع تكلفة بناء السفينة، وفقاً لحسني.
تابع أن من بين الأسباب المهمة غياب الكفاءة الفنية للعاملين فى مجال صناعة السفن، وتقاس انتاجية العامل بمتوسط عدد الساعات اللازمة لتصنيع طن صلب واحد من بدن السفينة، ويبلغ هذا المتوسط فى اليابان 9 ساعات، وإسبانيا 12 ساعة، وكوريا الجنوبية 18 ساعة، والصين 55 ساعة، أما فى مصر يصل عدد الساعات إلى 101 ساعة.
وتعول الحكومة كثيراً على مشروع تنمية محور مدن قناة السويس لإقامة ترسانات لصناعة السفن، وأبدى عدد من المستثمرين الأجانب استعدادهم للاستثمار فى هذا المجال.
ويرى الدكتور أحمد حسني، أن على الحكومة الاهتمام بصناعة السفن إذا أرادت تنشيط هذا المجال، لافتاً إلى ضرورة إنشاء هيئة عليا تجمع الخبراء المتخصصين فى صناعة السفن لا يزيد عدد أعضائها على 11 تشكل من الأكاديميين والخبراء والمستثمرين، والمسئولين الحكوميين.
وطالب بضرورة تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار فى مجال تصنيع السفن، وكذلك تشجع الحكومة على إنشاء مصانع جديدة لبناء مكونات صناعة السفن حتى لا نضطر لاستيرادها من الخارج، وضرورة إقامة مكتب خبرة مصرى فى مجال تصميم الوحدات البحرية بشكل عام، والسفن الكبيرة بشكل خاص لتعويض شراء التصميمات من الخارج، إلى جانب تطوير المفاهيم والقوانين الجديدة، بما يتناسب وسرعة القرارات والإجراءات لتسهيل عملية إنشاء وتصنيع السفن.
ودعا إلى الارتقاء بمنظومة التعليم الفنى لخدمة الصناعة بوجه عام وصناعة السفن بوجه خاص، وتعظيم دور البحث العلمى فى مجال بناء السفن عن طريق إنشاء مركز تابع لكل ترسانة للتوصل إلى الحلول العلمية لمشاكل التصنيع وتطوير الأداء داخل الترسانة بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث.
يذكر أن كل الترسانات الكبرى تتبع للدولة مباشرة ما عدا بعض الورش والمصانع الصغيرة فى دمياط والإسكندرية تختص فى صناعة اليخوت ولانشات ومراكب الصيد، وفقاً لحسني.
أضاف أن مجموعة من طلبة الجامعة قدموا مشروع تخرجهم بإنشاء ترسانة بحرية لصناعة وبناء السفن فى ميناء الأدبية، لأنها المكان الأمثل لمتطلبات إنشاء ترسانة بحرية وأحواض الصيانة للسفن الكبيرة.