البنك الدولى: أفضل مسار لتقدم أفريقيا يكمن فى تحويل النمو المرتفع إلى الاستدامة والشمول
ارتفع النمو الاقتصادى بشكل ملحوظ فى إفريقيا، على مدار الـ 15 عاما الماضية، بفضل النمو السكانى السريع الذى يدفع الأسواق الاستهلاكية الناشئة بشكل كبير، فضلا عن القوى العاملة غير المسبوقة التى يمكن أن توفر فرص نمو كبيرة.
ورغم هذا التحول الكبير، لايزال اقتصاد القارة يقوم بشكل كبير على القطاع الزراعى بمساندة القطاع غير الرسمى الضخم، والنمو المدفوع بشكل رئيسى من الموارد الطبيعية.
كما لا يزال يوجد واحد تقريبا من كل اثنين من الأفارقة، يعيش فى فقر مدقع، ويظل مبدأ عدم المساواة فى الدخل من بين أعلى المعدلات فى العالم.
إضافة إلى بقاء الإنتاجية عند مستويات منخفضة فى مختلف القطاعات من الزراعة، إلى التصنيع، والخدمات.
وأوضح البنك الدولى فى تقرير التنافسية العالمية للعام الحالى، التحديات الفريدة التى تواجه اقتصادات القارة السوداء.
وأكد البنك، أن أفضل مسار لتقدم إفريقيا يكمن فى تحويل النمو المرتفع إلى نمو مستدام وشامل من خلال رفع الإنتاجية فى جميع قطاعات الاقتصاد وخلق فرص عمل جيدة.
ورغم وجود مناطق أخرى فى العالم، تؤكد أن القطاع الصناعى المتنامى قوة دافعة للتنمية الاقتصادية، إلا أن مسيرة إفريقيا مختلفة تماما، إذ لايزال القطاع الزراعى يقوم بتوظيف أكثر من نصف سكان القارة ويمثل أكثر من 50% من الناتج المحلى الإجمالى.
واتخذ هذا التحول مكانة كبيرة فى قطاع الخدمات فى السوق، وعلى وجه الخصوص فى مجال تجارة التجزئة والتوزيع والخدمات التجارية الأخرى.
وهناك مجال لتحسين إنتاجية العمل فى قطاع الزراعة والخدمات التجارية، ولكن رغم ثروة الأراضى الصالحة للزراعة، فإن افريقيا لديها أعلى معدلات فى العالم من نقص التغذية، وتستورد العديد من المواد الغذائية الأساسية.
ويتسم القطاع الزراعى إلى حد كبير بضعف الانتاجية.. ولم يستفد من الثورة الخضراء التى ساعدت الكثير من دول العالم النامي.
وأكد البنك فى تقرير التنافسية أن تطوير سلاسل القيمة الزراعية بمثابة مفتاح النجاح لهذا القطاع.
وقال إن سلاسل القيمة فى افريقيا يجب أن تتضمن وصلات للصناعات الزراعية التجارية الكبيرة التى تعود بالنفع على صغار المزارعين.
وتعد الحياة التنظيمية والمؤسسية والأدوات المالية المناسبة، وزيادة الإنفاق فى مجال البحوث أمراً حيوياً لتشجيع إنتاج المحاصيل ذات العائد المرتفع.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يتحدى فيه الدور متزايد الأهمية من الخدمات فى الاقتصادات فى جميع أنحاء إفريقيا، الفهم التقليدى لمسيرة التحول الهيكلي، ويستخدم التقرير إحصاءات التجارة الجديدة لإظهار أن صادرات الخدمات أصبحت أكثر أهمية للقارة مما كانت عليه فى الماضى.
وعلى سبيل المثال، ارتفعت الصادرات الاثيوبية بنسبة 83% إلى هولندا.. لكن لاتزال صادرات الخدمات من أفريقيا تشكل جزءاً صغيراً من مجمل الصادرات.
وأوضح التقرير أنه من أجل دفع المكاسب المحتملة فى هذا القطاع، تحتاج البلدان فى إفريقيا إلى تقليل الحواجز المباشرة للتجارة فى الخدمات، فضلا عن اللوائح التى تعيق بشكل غير مباشر التجارة.
وتشير البيانات الأخيرة إلى أن المشاركة فى سلاسل القيمة العالمية مرتبطة بالفوائد الاقتصادية، ولا سيما بالنسبة للاقتصادات النامية، إذ تساعد المشاركة من البلدان على تعزيز الإنتاجية، وتطوير المهارات، وتنويع الصادرات.
ولا تزال مشاركة المنطقة فى سلاسل القيمة العالمية صغيرة، وثلثى تلك المشاركة متعلق بالدول الغنية للقارة فى الموارد الطبيعية وانخفاض مستويات التصنيع.
وتعتمد مواصلة تطوير سلاسل القيمة العالمية على تنفيذ مجموعة واسعة من السياسات، مع التركيز بشكل خاص على تسهيل التجارة وسياسات الاستثمار، وتحسين البنية التحتية للنقل والحصول على التمويل.
ويخلص التقرير إلى ضرورة النظر فى الإجراءات التالية لمعالجة التحديات التى تواجه القارة السمراء.
أولا: تطوير النقل وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والبنية التحتية، إذ أن زيادة الإنفاق على البنية التحتية الريفية تساعد على تقليل اعتماد القارة على الزراعة من خلال دعم تكثيف الرى، وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتحسين الوصول إلى الأسواق المدخلات الوسيطة والمنتجات الزراعية.
وسوف تساعد أيضا فى فتح آفاق التجارة الداخلية والمشاركة فى سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية، فالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أمر بالغ الأهمية لتوفير الخدمات داخل البلدان.
ثانيا: دعم جودة التعليم.. فرغم أن القارة حققت تقدما كبيرا فى تحسين فرص الحصول على التعليم الابتدائي، لا تزال معدلات الالتحاق بالتعليم العالى منخفضة بشكل مخيب للآمال.
وتوضح الأدلة التجريبية، أن الالتحاق بالتعليم العالى من العوامل المهمة لخدمة البلدان النامية، وتعود بالنفع فى المقام الأول على النشاط التجارى.
ثالثا: خفض الحواجز التجارية، إذ تشير التقديرات إلى أن من 60% إلى 90% من تكاليف التجارة تتعلق بالتدابير غير الجمركية.
ويعيق التأخير وعدم القدرة على التنبؤ، مشاركة المنطقة فى سلاسل القيمة العالمية لكثير من الصناعات التى تعتمد على الإنتاج وتشمل الخطوات الأساسية تبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير.
رابعا: تعزيز الإطار التنظيمى.
فقد أدى غياب أسواق الأراضى إلى منع المزارعين الأكثر كفاءة من زيادة إنتاجهم، وتحد حيازة الأراضى غير الآمنة، من قدرة المزارعين على استخدام أراضيهم كضمان لعملية الوصول إلى أسواق الائتمان.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يتم فيه تقييد أجزاء كبيرة من قطاع الخدمات مثل الاتصالات، والخدمات المهنية والنقل فى العديد من بلدان القارة السوداء.