31.6 مليار دولار قيمة التبادل التجارى بين البلدين العام الماضى
العام الماضي، كان رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، أحد رؤساء الدول الذين حضروا حفل افتتاح الألعاب الأوليمبية الشتوية عام 2014، والتقى بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وأشاد بالروابط القوية بين موسكو وأنقرة، ولكن يبدو أن مثل هذا الدفء بات ذكرى بعيدة فى تلك الأيام.
وأوضحت صحيفة فاينانشيال تايمز، أن الرجلين أصبحا على خلاف فيما يتعلق بالأزمة السورية، ومشاحناتهما تهدد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وخاصة فى قطاع الطاقة، إذ تعد تركيا ثانى أكبر مستهلك للغاز الطبيعى الروسي، وكان من المفترض أن يدعم خط أنابيب جديد عبر البحر الأسود الشراكة بينهما، إلا أن مستقبله بات غامضا فى الوقت الحالى.
وحذر أردوغان، الذى يشغل حاليا منصب الرئيس، من مخاطرة روسيا بخسارة عقد قيمته 20 مليار دولار لبناء محطة طاقة نووية فى تركيا على ساحل البحر المتوسط، وذلك بسبب تدخلها العسكرى فى سوريا، كما أشار إلى أن أنقرة قد تبحث عن مصدر آخر للغاز.
وتشير تصريحاته إلى أن موسكو، التى تعانى بالفعل من العقوبات التى تفرضها الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، قد تصبح أكثر انعزالا اقتصاديا من الدول التى تقع غرب البلاد.
وأخذت العلاقات فى التدهور منذ أن بدأت روسيا فى إرسال أسلحة وعتاد لتعزيز نظام الرئيس السورى بشار الأسد، الذى يعارضه أردوغان بشدة، وتعمق الانشقاق بين الدولتين مطلع أكتوبر الجاري، عندما انتهكت الطائرات الروسية التى تقاتل فى سوريا المجال الجوى التركي، مما أثار احتجاجات غاضبة فى أنقرة ومقر التحالف العسكرى لحلف الناتو فى بروكسل.
وقال سينان أولجن، باحث زائر فى مركز كارنيجي، «اتفق أردوغان وبوتين منذ فترة طويلة على ألا يتفقا بشأن سوريا، وحاولا تقارب وجهات النظر للحد من الخلافات وعدم تأثر العلاقات الاقتصادية الثنائية، إلا أن الخلافات بينهما ازدادت سوءاً.
وبلغت قيمة التبادل التجارى بين البلدين العام الماضى 31.6 مليار دولار تشكل صادرات الطاقة الروسية نسبة كيرة منها.
وقال أردوغان مؤخرا، إن تركيا تستهدف الوصول بهذه القيمة إلى 100 مليار دولار مطلع عام 2023.
وتصدرموسكو الغاز والبترول إلى أنقرة، وتستورد المنتجات الزراعية والآلات والخدمات من تركيا التى استوردت 27.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى العام الماضي، وهو ما يعادل 56% من إجمالى استهلاكها.
وفازت شركة الإنشاءات التركية، التى قامت ببناء جزء كبير من البنية التحتية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية، بعقود تبلغ قيمتها 50 مليار دولار فى روسيا منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، كما كانت تركيا للعام الثالث عشر على التوالى الوجهة الأولى للسياح الروس، إذ قضى 3.3 مليون إجازاتهم العام الماضى فى أنقرة، وساهموا بنحو 3.7 مليار دولار فى الاقتصاد التركي.
وليس من الواضح كيف سيتمكن الجانبان من تفكيك مثل هذه العلاقة القوية، ولاسيما فى قطاع الطاقة – وقال أليكسى جريفاش، نائب رئيس صندوق أمن الطاقة القومى الروسي: «لا تستطيع تركيا أن تدير ظهرها للغاز الروسي- فهذا لا يُعقل اقتصاديا- فهى لا تملك أى بديل عنه».
وضعف التعاون بين روسيا وتركيا فى مجال الطاقة نوعا ما حتى قبيل تدخل موسكو فى سوريا، فالمفاوضات بشأن خط أنابيب جديد ينقل الغاز الروسى إلى تركيا عبر البحر الأسود تحرز تقدما بصعوبة.
وكان يهدف خط الأنابيب الذى أُعلن عنه فى قمة بوتين- أردوغان ديسمبر الماضي، إلى توصيل ما يصل إلى 63 مليار متر مكعب سنويا من الغاز إلى محور على الحدود التركية ـ اليونانية، ومن ثم يمكن مد خط الأنابيب إلى جنوب أوروبا.
ولكن «جازبروم»، شركة الطاقة الروسية، رفضت المطالب التركية بتخفيض سعر الغاز، وأعلنت مؤخرا أنها قد تخفض سعة خط الأنابيب المخطط لها بنحو النصف، ولم يتم التوقيع حتى الآن على اتفاق حكومى دولى ملزم، بالإضافة إلى ذلك، فإن خطط روسيا لبناء أول محطة طاقة نووية فى تركيا دخلت نفقا مظلما.