61% حصة بكين من صادرات الغاز التركمانى العام الماضي
يعد وجود حفنة من المبانى الجديدة اللامعة، أحدها برج من الرخام والزجاج به محل يبيع العسل الروسى وبجواره محل أحذية حريمى صيني، وسط أرض جرداء منظراً غير مألوف.
«خورجوس»، هى الخط الفاصل بين الصين وكازخستان، وتأمل الصين فى تحويل تلك النقطة الحدودية، التى كانت يوماً ما حافة الإمبراطورية الروسية، إلى بوابة جديدة نحو الغرب.
وتعد «خورجوس» أحد المشروعات عبر المنطقة المصممة لإدراك حلم الصين بإنشاء طريق الحرير الجديد، ومع وعود باستثمارات تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
ويمكن أن تعيد الاستراتيجية الصينية، إذا تحققت، تشكيل الاقتصادات السوفيتية السابقة فى وسط آسيا، التى تضررت بشدة جراء انخفاض أسعار السلع والركود فى روسيا.
لكن الاعتماد المتزايد على الصين فى الوقت الذى يزداد فيه الغموض حول قوة اقتصادها لا يعد شائعاً فى دول وسط آسيا، وإطلاق حملة الدمج الإقليمى وضع بكين على مسار تصادمى مع موسكو، التى تضغط على هذه الدول للانضمام إلى الاتحاد الاقتصادى الأوراسي.
كما أن هذا الأمر يزيد المخاطر بالنسبة لبكين، فمع استثمار الصين على نحو أكبر فى تلك المنطقة الهشة التى تقع على الحدود مع أفغانستان، ستجد صعوبة فى مقاومة انخرطها فى الشئون العسكرية والسياسية.
وأوضحت صحيفة فاينانشيال تايمز، فى تقرير لها، أنه مع توسع نفوذ الصين فى أجزاء من الاتحاد السوفيتى السابق، قد تصبح وسط آسيا محور «اللعبة الكبرى» الجديدة بين بكين وموسكو، وربما إيران وتركيا والدول الغربية.
ولكن مع تلاشى الاهتمام الغربى بالمنطقة مع الانسحاب العسكرى من أفغانستان، وركود الاقتصاد الروسى الذى حد من قدرتها على الاستثمار، فربما تتحول «اللعبة الكبرى» فى المنطقة، وتكون من جانب واحد، إذ أصبحت الصين على مدار العقدين الماضيين القوة الاقتصادية البارزة فى المنطقة.
ويرحب الآن العديد من الحكومات فى وسط آسيا بالاستثمارات الصينية المحتملة بوصفها فرصتها الأخيرة لدرء التباطؤ الاقتصادى الذى قد يهدد استقرارها السياسي.
وارتفعت قيمة التجارة بين الصين والدول الخمس فى وسط آسيا- كازخستان وكريجيزستان وطاجكستان وتوركمانستان وأوزبكستان- من 1.8 مليار دولار فى عام 2000 إلى 50 مليار دولار فى عام 2013، وذلك وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، قبل أن تنخفض انخفاضاً طفيفاً، وسط تراجع أسعار السلع، وهذا يعنى أن الصين تجاوزت روسيا فى السنوات الأخيرة لتصبح الشريك التجارى الأكبر الوحيد فى المنطقة.
ويقول أجريس بريمانيس، خبير اقتصاد وسط آسيا فى البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية: «إذا نظرت إلى الاحتياجات الاستثمارية فى المنطقة، تعد المشاركة الصينية مهمة جداً، والتى تزداد نشاطاً فى جميع القطاعات، ولا يمكن رؤية رؤوس الأموال الغربية أو العاصمة الروسية تحل محلها».
وفى كازخستان، تمتلك الشركات الصينية ما بين خمس وربع إنتاج البلاد من البترول، وفى تركمانستان، التى تمتلك رابع أكبر احتياطيات للغاز فى العالم، تحل الصين محل شركة «جازبوم» الروسية كمشترٍ رئيسى للغاز التركماني، إذ شكلت الصين نحو 61% من صادرات البلاد من الغاز العام الماضي.
ويعود الفضل فى هذا التحول على نحو كبير إلى خط أنابيب الغاز بين الصين ووسط آسيا، الذى افتُتح عام 2009، ومنح اقتصادات المنطقة الغنية بالطاقة مساراً رئيسياً للصادرات لا تسيطر عليه موسكو.
وأصبحت الصين، أيضاً، قوة اقتصادية فى الدول الأكثر فقراً فى المنطقة، واستثمرت الشركات الصينية فى مصافى البترول ومصانع الأسمنت فى كيرجيستان وطاجيكستان، وفى الطرق والأنفاق عبر المنطقة.
وصرح نائب وزير المالية فى طاجيكستان لصحيفة فاينانشيال تايمز بأن بكين ستستثمر 6 مليارات دولار فى البلاد خلال السنوات الثلاث المقبلة أى ما يعادل ثلثى الناتج المحلى الإجمالى السنوى فى طاجيكستان.
وتعنى هذه الهيمنة الاقتصادية، غالباً، أن الصين، وليس روسيا، هى الراعى الأهم لحكومات وسط آسيا.







