يرى تقرير نشرته “واشنطن بوست” أن الاقتصاد الصيني يبدو جيدًا فى حال النظر إلى الإحصاءات الرسمية، فى حين أنه مع النظر إلى قرارات حكومة البلاد فإنه قد لا يبدو فى شكل جيد على الإطلاق.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة الصينية قد قررت الخميس الماضى إلغاء سياسة «الطفل الواحد» المطبقة منذ 36 عامًا، وهو ما يمثل إشارة إلى قلق الحكومة من نقص القوى العاملة مع تباطؤ المواليد، وارتفاع معدل الشيخوخة.
وتراجع عدد سكان الصين الذين فى سن العمل بنحو 3.71 مليون نسمة فى عام 2014، بعد أن سجل هبوطًا بوتيرة أقل فى عامى 2013 و2012.
وانخفض معدل المواليد فى الصين إلى النصف تقريبًا خلال السنوات العشرين الماضية، فى حين كان «وانغ فنغ» خبير التركيبة السكانية الصينية فى جامعة «كاليفورنيا»، وجامعة «فوردان» فى شنغهاى قد ذكر فى تصريحات لصحيفة «فاينانشيال تايمز» أنه خلال السنوات الثلاثة المقبلة سوف يظهر هبوط كبير فى الشباب الذين يدخلون سوق العمل فى البلاد.
وأوضح التقرير أن هناك العديد من الإشارات الأخرى الصغيرة التى تزيد من القلق بشأن التوقعات طويلة الآجل للاقتصاد الصينى.
وكان البنك المركزى الصينى قد قرر الأسبوع الماضى خفض معدل الفائدة الأساسى للمرة السادسة فى أقل من عام واحد، ليصل إلى 4.35% من 4.6%.
وأعلنت الحكومة الصينية أن البنوك التجارية يمكنها إقراض مزيد من أموالها إلى العملاء، فى حين يرى التقرير أن هذه التدابير لا توحى بأن الدولة ينمو اقتصادها بالفعل بمعدل 6.9% كما هو معلن بشكل رسمى عن الربع الثالث من العام الجارى.
وكان محللون قد أشاروا إلى أن أرقام النمو الاقتصادى الرسمية فى الصين قد تكون أعلى من الواقع، حيث إن الاقتصاد نما بمعدل بلغ 6.2% فى حين أن الحكومة أشارت إلى وجود معدل تضخم بلغ – 0.7%، وهو ما رفع النمو إلى 6.9%.
ويشير الخبير الاقتصادى «سايمون رابينوفيتش» إلى أنه من المرجح أن يكون الاقتصاد الصينى قد نما بمعدل يتراوح بين 5 و6% فحسب.
تساءل التقرير عن أسباب تباطؤ الاقتصاد الصينى، مشيرًا إلى أنه بصرف النظر عن التدابير التى تتخذها الحكومة الصينية، فإن الاقتصاد لا يمكنه أن يواصل النمو الكبير مع عدم وجود أشخاص كثيرين ينتقلون للعمل من المزارع منخفضة الإنتاجية إلى المصانع عالية الإنتاجية.
ويكشف الواقع أن الصين قد وصلت بالفعل للحد الأقصى لهذه التحول فى العام الماضى تقريبًا، وهو ما جعل العديد من الأشخاص ينقلون أموالهم إلى بلدان أخرى مع تباطؤ النمو، ما أدى إلى مزيد من الهبوط فى معدلات النمو الاقتصادى.
وأشار التقرير إلى أن الصين تمتلك بالفعل قواعد ضد نقل الأموال بسهولة، وهو ما يطلق عليه «ضوابط رؤوس الأموال»، وذلك لمنع الطفرات غير المستدامة، إلا أن الواقع يظهر أن هذه الإجراءات لا تعمل دائمًا.
وقد تتظاهر الشركات بدفع أموالاً أكثر من الواقع مقابل الواردات من الخارج، أو القيام بعمليات تهريب للأموال إلى الخارج، وبلغت الأموال الخارجة من الصين منذ بداية العام الحالى حوالى 500 مليار دولار أمريكى، بحسب تقرير «واشنطن بوست».
ويعتقد التقرير أن هذه الأمور لم تكن لتتحول إلى مشكلة باستثناء أن الصين جعلت الأمر كذلك، حيث إنه مع بيع المستثمرين اليوان من أجل شراء الدولار فإن هذا يعنى هبوط الطلب على العملة الصينية وهو ما يؤدى لتراجع قيمتها.
وقد يكون هبوط قيمة اليوان أمرًا جيدًا، حيث إنه يجعل الصادرات أكثر تنافسية ما يكفى لتعويض الأموال المغادرة للبلاد، إلا أن الصين قامت بتدابير من شأنها إبطال هذه الآثار الإيجابية، كما قامت بدعم اليوان من خلال بيع بعض حيازتها من الدولار فى الأسواق، وهو ما يجعل العملة المحلية لا تتراجع بالشكل المرغوب فيه.








