تسعى المملكة المتحدة، عبر استضافة أول قمة إفريقية بريطانية، إلى تحقيق طموحات تجارية جديدة، إذ تبحر الآن دون الاتحاد الأوروبي، ولذلك تفكر المملكة فى الاستفادة من الفرص التجارية بشتى الطرق.
قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن حكومة رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، ستظل مقيدة بإجراءات الانفصال المطولة مع بروكسل، حال خروجها من الاتحاد الأوروبي، وعدم اليقين على المدى الطويل.
ومع ذلك، فإن المسئولين الأفارقة متشوقون إلى الكيفية التي ستبدأ بها بريطانيا الخطوة الجديدة، بعد عقد من الزمان كانت فيه القوة الاستعمارية السابقة بطيئة في استغلال ثروات القارة سريعة التغير.
وعلى مدار ثلاثة عقود، سعت كل من الصين والهند واليابان والولايات المتحدة وروسيا إلى تعزيز العلاقات مع إفريقيا، بعد ان أصبحت قوة كبيرة ناشئة.
ولكن سرعان ما شاركت المملكة المتحدة بهدوء فى عملية التنمية.
فعلى مدار العام الماضي، عينت 400 موظف لمناصب التجارة والأمن والتنمية عبر شبكتها الدبلوماسية الإفريقية، وفقًا لإيما وايد سميث، مفوضة أفريقيا في وزارة التجارة الدولية بالمملكة المتحدة.
وقالت وايد سميث، إن هذه التعيينات جاءت بغرض الاستفادة من تغير الأحوال ولتوسيع بصمتها فى القارة السمراء.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن القمة الأفريقية البريطانية ستشمل التركيز على الطاقة المتجددة والإسكان والتكنولوجيا. وستكون مدينة لندن في قلب هدف الحكومة البريطانية المتمثل في زيادة الاستثمار من أفريقيا.
وقالت وايد سميث، إن بريطانيا ثاني أكبر مستثمر بين مجموعة السبع الكبار في القارة الإفريقية.
وكشفت بيانات معهد دبى للاستثمار، أن حجم التجارة مع القارة زاد بنسبة 13.8% العام الماضي إلى 36 مليار جنيه إسترليني، في حين زاد الاستثمار الذي يهيمن عليه قطاع الطاقة بنسبة 7.5% ليصل إلى 38.7 مليار جنيه إسترليني.
وأشارت الصحيفة إلى بعض الشكوك، حول ما هو الجديد حول عروض بريطانيا للاستثمار فى القارة، إذ لا يمكن أن يتزايد بشروط التجارة الخاصة بالاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يتم فيه تقييم العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الحالي، تتدافع لندن لإبرام اتفاقيات التجارة وفقًا لشروط الاتحاد الأوروبي ذاتها.
ومنذ حوالى 20 عامًا، قال توم بورتيوس، مؤلف كتاب “بريطانيا في إفريقيا” إن المملكة المتحدة قادت الجهود الدولية للتعامل مع الفقر والديون في إفريقيا وتدريب قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي. وصاغت المملكة المتحدة سياسات الاتحاد الأوروبي بشأن التنمية والأمن والهجرة وحقوق الإنسان فى القارة السمراء.
وأضاف: “لا أرى سياسة متماسكة بشأن إفريقيا اليوم، أو أي تفكير جاد في كيفية التعويض عن فقدان التأثير الذي يأتي بمجرد مغادرة الاتحاد الأوروبي”.
ولكن عارضت وايد سميث، ذلك قائلة إن الكثير من العمل قد استمر، وأن المملكة المتحدة كانت تبني على أسس قوية بينما تتطلع إلى الأمام.
وتابعت: “لا أحد لديه مجموعة العلاقات التي لدينا مع افريقيا”، مؤكدة أنها “ديناميكية ومختلفة ويجب أن نكون واضحين ونفتخر بذلك”.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تتعافى فيه قيمة تجارة المملكة المتحدة مع البلدان الأفريقية .
وقال المفوض السامي الكيني لدى المملكة المتحدة، مانواه إسيبيسو: “ركزت بريطانيا لفترة طويلة على ما تعتبره قيمها الأساسية دون مراعاة للعالم المتغير”.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز” أن قمة “أفريقيا بريطانيا للاستثمار” ستركز على الاقتصاد، إذ سيتعلق الأمر بتعزيز الرخاء والشراكة المتبادلة، وخلق علاقة جديدة يمكن أن تعوض الخروج من الاتحاد الأوروبى.
وأضاف إسيبيسو، أن وجهات نظر رئيسة الوزراء السابقة تيريرزا ماى، بتجنب العلاقات الأفريقية، لم تكن عائقًا حقيقيًا، مستشهدا بما قاله جونسون، في مجلة “سبيكتيتور” قبل 18 عامًا : “المشكلة ليست أننا كنا في وقت من الأوقات موجودين هناك ولكننا لم نعد مسئولين الآن”.
ووصف لاي يحيى، مستشار السياسة في الاتحاد الأفريقي، الأمر بطريقة مختلفة..وقال إنه من وجهة نظر أفريقيا، فإن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد ألغت بريطانيا وأضعفتها.
وأشار إلى إحدى المفارقات المركزية والتي تتمثل فى أن المملكة المتحدة تتخارج الآن من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، تمامًا كما كانت البلدان الأفريقية بعد سنوات من التشجيع.
ولكن من جانب لندن، فإنها ستسعى بقوة للدخول فى التحالف الأفريقي، وكان آخرها مع منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية التي وقعت عليها 54 دولة.
وتابع يحيى: “الدور الذي تلعبه المملكة المتحدة الآن في إفريقيا، لا أعتقد أنه واضح حتى الآن بالنسبة للمملكة المتحدة”.
