توقع تشارليز روبيرتسون كبير محللى الاقتصاد الكلى، فى بنك الاستثمار “رينيسانس كابيتال” ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصرى إلى 6% خلال العام المالى المقبل، على أن ينمو الاقتصاد من 5 إلى 6% خلال الأعوام التسعة التالية، وقد ترتفع النسبة بواقع 1% وفقاً لسيناريو أفضل.
وقال روبيرتسون فى حوار لـ”البورصة” إن الفوائد الحقيقية التى يحصل عليها المستثمرون فى مصر لازالت بين الأعلى فى العالم ومغرية جداً.
أضاف أن “رينيسانس كابيتال” قدم استشارات للعديد من المستثمرين العام الماضى للاستثمار فى أدوات الدين الحكومى، والتى وصلت عوائدها إلى نحو 35% مع الأخذ فى الحسبان ارتفاع سعر صرف الجنيه بنحو 11% أمام الدولار.
وأشار روبيرتسون إلى ضرورة خفض معدلات الفائدة المصرية بنحو 2 إلى 3% إضافية لدفع المزيد من الفرص فى السوق.
أوضح أنه توجد علاقة وثيقة بين معدلات الفائدة المنخفضة وقيمة وحجم القطاع المصرفى فى أى اقتصاد، حيث تعد قيمة القطاع المصرفى المصرى متراجعة بالمقارنة بأسواق أقل حجماً.
وقال روبيرتسون، إن متوسط الأجور فى دول وسط أوروبا مثل أوكرانيا وبولندا ورومانيا شهد ارتفاعات كبيرة خلال العقد الماضى ما قلل من جاذبية تلك الأسواق للمستثمرين الصناعيين، وهو الدور الذى يجب أن تروج له مصر فى ظل انخفاض الأجور والتى أصبحت بعد تعويم العملة أرخص من الصين والفلبين.
ونصح روبيرتسون بضرورة الترويج للاستثمار فى مصر للشركات الصناعية الصينية، والتى تسعى لتفادى الحروب التجارية مع الولايات المتحدة ودول أوروبا فضلاً عن قرب موقع مصر لتلك الأسواق، إلا أن المشكلة الحالية تكمن فى تراجع الطلب الاستهلاكى فى أوروبا بصورة حادة، ويكمن الأمل حالياً فى استعادة الطلب فى تلك الأسواق.
أضاف أن نسبة الاستثمار الأجنبى المباشر غالباً ما تتراوح بين 2 إلى 3% فى السوق المصرى من الناتج المحلى الإجمالى، والتى سجلت العام الماضى نحو 8 مليارات دولار.
أوضح أنه مع توقعات نمو الاقتصاد حتى نهاية 2030، سيرتفع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر بين 12 إلى 18 مليار دولار سنوياً.
ورشح روبيرتسون منطقة شمال أفريقيا كأكثر المناطق الجاذبة للاستثمار عالمياً خلال العقد المقبل، كما أنها تمثل سوقاً كبيرة من حيث تعداد السكان أكبر من روسيا، فيما تعد مصر أحد أفضل الوجهات فى شمال القارة مع تعداد سكانى يتجاوز 100 مليون نسمة واتفاقيات تجارية تفتح السوق لنحو 1.5 مليار أفريقى.
وأجرى كبير محللى الاقتصاد الكلى، فى “رينكاب” دراسة موسعة حول اقتصادات القارة الأفريقية، والتى ربطت بين عدد من المتغيرات الرئيسية وعلاقتها بجذب الاستثمارات للاقتصاد، والتى تضمنت نسب التعليم، وتوفر الطاقة، ومتوسط الأجور، وأسعار الفائدة.
وأظهرت المؤشرات ارتفاع جاذبية السوق المصرى فى معظم المؤشرات، حيث تبلغ نسبة المتعلمين فى مصر 74% من السكان وفقاً لآخر إحصائية لليونسكو فى 2017، والتى تأتى فى مكانة جيدة، إلا أنها يجب العمل على زيادتها لمستويات تزيد عن 90% خلال السنوات المقبلة وزيادة الاستثمارات الموجهة للتعليم.
فيما احتلت مصر مرتبة متقدمة جداً فى مؤشرى تعداد السكان، وتوافر الكهرباء والطاقة، اللازمين لخلق سوق كبير للمستثمرين وتوفير الطاقة اللازمة للإنتاج الصناعى، بعد الاستثمارات الضخمة التى شهدها السوق المصرى فى السنوات الأخيرة وإضافة نحو 30 جيجا وات من الكهرباء، فضلاً عن اكتشافات الغاز والتى ساهمت بصورة رئيسية فى تخفيف الضغط على الموازنة العامة.
كما أشار روبيرتسون إلى الارتفاع الكبير فى الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى والذى تجاوز 45 مليار دولار ما يغطى الواردات المصرية لمدة 8 أشهر.
وقال إن تغطية الواردات لأربعة أشهر معدل كافى، و5 أشهر يعد معدل أكثر من المطلوب، إلا أنه أشار إلى أن الجزء الأكبر من الإحتياطى مرتبط بالاستثمارات فى إصدارات الدين الحكومى والتى تمثل ما يقرب من نصف الاحتياطى.
وخلال السنوات الماضية ارتفعت نسبة الاستثمار للناتج المحلى الإجمالى فى السوق المصرى والتى وصلت إلى 15% بنهاية العام المالى الماضى، وتعد أحد العوامل السلبية التى يجب التركيز عليها وزيادتها خلال الفترة المقبلة، عبر تمهيد الطريق بصورة أكبر للقطاع الخاص، خاصةً وأن دول أخرى فى القارة مثل المغرب تصل فيها نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلى الإجمالى لمستويات 35%.
وقال روبيرتسون إن هناك علاقة وثيقة بين معدل الإنجاب ونسب الادخار الموجه للاستثمار، حيث تشير الدراسات على العديد من الأسواق الناشئة مثل الصين إلى أنه كلما انخفض معدل الإنجاب من طفل إلى طفلين ارتفعت معدلات الادخار والاستثمار بنسبة أكبر.
أضاف أنه مع الانطلاقة الكبيرة للاقتصاد المصرى منذ تحرير سعر الصرف فى 2016، والتى مثلت خطوة كبيرة لاستعادة الاقتصاد لطريق نمو حقيقى وإصلاح هيكلى جريء كان الأكثر إثارة خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن حصة السوق على مؤشر “مورجان ستانلى للأسواق الناشئة” باتت ضئيلة للغاية، حيث يلزم مديرى الاستثمار نحو 3 ساعات فقط سنوياً لدراسة السوق مقابل أكثر من 5 شهور بالنسبة للسوق الصينى، ما يجعل معظم صناديق الاستثمار التى تستهدف الأسواق الناشئة أقل اهتماماً بسوق الأسهم المصرية، فيما يستحوذ السوق المصرى على نحو 10% من الوزن النسبى لاستثمارات الصناديق التى تستهدف الأسواق المبتدئة.
ويرى روبيرتسون أن برامج الخصخصة والطروحات الحكومية من شأنها تقديم شركات واعدة فى قطاعات جديدة على السوق قد تغير من الوزن النسبى للسوق خلال السنوات المقبلة.