يضر فيروس “كورونا” بالصادرات الصينية ويعرقل سلاسل التوريد العالمية، وظل ثانى أكبر اقتصاد فى العالم فى حالة جمود تقريباً لمدة أسبوعين بعد أن مددت الحكومة عطلة العام القمرى الجديد لاحتواء المرض الذى قتل أكثر من ألف شخص وأصاب 40 ألف شخص على مستوى العالم.
ورغم العودة الحذرة للموظفين إلى العمل، أجلت الكثير من الشركات عودة الإنتاج فى الصين وغيرها، ويتجنب المستهلكون المتاجر والمطاعم ولاتزال الانتقالات مقيدة جزئياً.
وقال نيل شيرينج، الخبير الاقتصادى فى “كابيتال إيكونوميكس”، إن انتشار الفيروس أو بمعنى أدق محاولات احتوائه تشكل تهديد على المدى القريب للنمو العالمى، ومن المتوقع أن يكون التأثير الاقتصادى أكبر بكثير من فيروس “سارس” الذى ظهر فى الصين كذلك فى 2002، وتعد الصين حالياً أكبر 4 مرات وأكثر تداخلاً مع بقية العالم.
ويتوقع بنك “دويتشه” الألمانى أن يكون النمو الصينى عند 4.6% أى أبطأ بنسبة 1.5% فى الربع الأول من 2020، مقارنة بنفس الفترة فى 2019، بينما توقع أن يكون النمو العالمى أبطأ بنسبة 0.5%.
وتوقعت شركة الاستشارات الاقتصادية، “أكسفورد إيكونوميكس”، تأثيراً أكبر على النمو الصينى وخفضت توقعاتها للنمو العالمى إلى 2.3% فى 2020 من 2.5%، وهو معدل نمو سيكون الأبطأ سنوياً منذ 2009.
وتعد الصين أكبر مصدر للمكونات الإلكترونية بقيمة أعلى مما تصدره ألمانيا بـ5 مرات، وتشكل 30% من إجمالى الصادرات عالمياً، وفقاً لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، وقالت آنا بواتا، الاقتصادية فى قسم أبحاث “أليانز”، إن تفشى فيروس “كورونا” سوف يبقى على الأرجح قطاع التصنيع فى ركود فى النصف الأول من 2020، وتخضع الإلكترونيات والحواسيب لأكبر التهديدات.
وبدأ نقص المكونات تظهر آثاره بالخارج، وحذرت شركة تصنيع السيارت الإيطالية الأمريكية “فيات كرايسلر”، من أنها تكافح للحصول على الأجزاء الرئيسية من الموردين الصينيين، وقد تضطر إلى وقف الإنتاج فى غضون أسابيع، واضطرت شركة “هيونداى” لإغلاق مصانعها فى كوريا الجنوبية فى الأسابيع الأولى من فبراير، بينما أجلت “فولكس فاجن” تشغيل مصانعها فى الصين حتى 17 فبراير.
وقال شيرينج، إن دور الصين فى قلب سلاسل التوريد العالمية يزيد احتمالية انتشار عراقيل الإنتاج إلى دول أخرى، مضيفاً أن الاقتصادات فى آسيا الناشئة هى الأكثر عرضة وكذلك الشركات العاملة فى قطاعى التكنولوجيا والإلكترونيات.
ومن المتوقع أن يضعف الطلب الصينى مع بقاء المتسوقين فى المنازل وإغلاق الخدمات، وهو ما له تداعيات عالمية، نظراً لأن الدولة تشكل 11% من واردات السلع العالمية بارتفاع من 2.7% منذ 20 عاماً.
“وود ماكينزى”: الطلب على الغاز فى بكين تراجع بمقدار 2 مليار قدم مكعبة نهاية الأسبوع الأول من فبراير
وقال روبرت كارنيل، خبير اقتصادى فى “آى إن جى”، إن قطاع التجزئة فى الصين والخدمات المحيطة به شعروا على الفور بوطأة الفيروس، من المتاجر إلى المطاعم، بينما التراجع الحاد فى السياحة الوافدة سوف سيكون له أثر سلبى كبير، ومن المتوقع أن يتسبب توقف السفر فى تباطؤ الطلب، وألغت حوالى 20 شركة خطوط طيران رحلاتها إلى الصين بعضها حتى مارس وأبريل.
وقالت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إن قطاع السياحة العالمى سوف يتلقى ضربة قاسية فى ظل إلغاء الحجوزات وتراجعها، وينفق حوالى 150 مليون سائح صينى حوالى 279 مليار دولار سنوياً.
وتعد الصين كذلك أكبر مستورد للمواد الخام من المعادن والمعادن النفيسة إلى الوقود، وطلبت بالفعل شركات النحاس فى الصين من شركات التعدين من تشيلى وحتى نيجيريا أن تلغى أو تؤجل الشحنات بسبب إغلاق المصانع.
وقدرت شركة أبحاث الطاقة “وود ماكينزى”، أن تراجع الطلب على الغاز فى الصين وصل إلى 2 مليار متر مكعب بنهاية الأسبوع الأول من فبراير، وخفضت “أوكسفورد إيكونوميكس” توقعاتها للنمو السنوى للطلب على البترول بمقدار يتراوح من 200 ألف إلى 900 ألف برميل.
ويتوقع معظم الاقتصاديين تعافى النمو الصينى فى الربع الثانى على افتراض أن أسوأ ما فى الوباء قد انتهى، ومع ذلك، حذرت فريا بيميش، خبيرة اقتصادية فى “بانثيون إيكونوميكس”، من أن عودة نشاط التصنيع سوف تشكل أغلب التعافى، بينما لن يتعافى قطاع الخدمات سريعاً.