ربما تكون منطقة أفريقيا جنوب الصحراء أكثر المناطق تضرراً خارج آسيا من تفشى فيروس “كورونا” المميت حتى بدون وجود حالة إصابة مؤكدة واحدة.
وتسبب “كورونا” فى إغلاق مساحات شاسعة من الاقتصاد الصينى، مما يهدد النمو العالمى وربما يكبح الشهية للبترول والمعادن التى تشكل شريان الحياة بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية.
وأوضحت دراسة حديثة أجراها معهد التنمية الخارجية، أن التباطؤ فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم وانخفاض أسعار البترول بنسبة 5% خلال عام واحد ربما يدل على خسارة أفريقيا جنوب الصحراء ما قيمته 4 مليارات دولار من عائدات التصدير، أو ما يعادل 0.3% من الناتج المحلى الإجمالى، وهى نسبة تزيد عن أى دولة أخرى قارية خارج حدود آسيا.
وقال ديرك ويليم، الزميل الباحث الرئيسى فى معهد التنمية الخارجية، إن العديد من الدول النامية تعتمد بشكل متزايد على الصين فى التجارة، سواء بالنسبة للواردات والصادرات.
وخفض صندوق النقد الدولى، توقعاته للنمو الاقتصادى لنيجيريا، أكبر مصدر للبترول فى أفريقيا، من 2.5% إلى 2%، نظراً لانخفاض أسعار البترول، حيث أدى هذا الانخفاض إلى الضغط على النيرة النيجيرية بالنظر إلى أن البترول الخام يمثل 90% من صادرات الدولة الواقعة فى غرب أفريقيا.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج” أن ضعف الطلب القادم من الصين يعرض الاقتصاديات الأخرى المعتمدة على الموارد، مثل أنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا، للخطر أيضاً.
وبدأ محافظو البنوك المركزية اﻷفريقية فى دق ناقوس الخطر، فقد قال إيبومبو شيمى، محافظ البنك المركزى فى ناميبيا، للصحفيين بعد تخفيض أسعار الفائدة فى 19 فبراير الجارى: “إنها كارثة تتكشف، ولا نعرف تحديداً أين ومتى ستصل ذروتها، ولكننى أعتقد أنها بدأت بالفعل فى تعطيل الأنشطة الاقتصادية”.
وأشارت “بلومبرج” إلى أن الدولة القاحلة الواقعة جنوب غرب أفريقيا توجه خُمس صادراتها تقريباً، معظمها من الماس والنحاس، إلى الصين.
وقال كريس لويالد، عضو لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى لجنوب أفريقيا، إن البنك سيأخذ فى الاعتبار تأثير فيروس “كورونا” على الاقتصاد العالمى فى اجتماعه المقبل لتحديد أسعار الفائدة.
وأوضح دينى كالييا، محافظ البنك المركزى الزامبى: “أصبح اﻷمر واضحا تماما، لقد رأينا تأثر سعر النحاس، فقد انخفض، بحيث يؤثر على اقتصادنا بشكل مباشر للغاية”.
وعلى عكس فترة اندلاع وباء السارس فى الصين فى عام 2003، أصبح الاقتصاد الصينى الآن أكثر اندماجاً فى بقية العالم، فهو يمثل 18% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وخلال أكثر من عقد بقليل قامت الدولة الآسيوية بإزاحة الولايات المتحدة كأكبر شريك تجارى لأفريقيا.
وأفادت “بلومبرج” أن انخفاض الإنفاق الاستهلاكى الصينى سيؤثر على أسواق التصدير الصغيرة والمتخصصة أيضاً.
وأوضحت ليا لينش، نائبة مدير شركة “ديفلوبمنت ريماجيند” الاستشارية ومقرها بكين، أن هذا اﻷمر سيكون له تأثير على الدول الأفريقية الأخرى التى تحاول بنشاط تصدير المزيد من السلع إلى الصين.