ظهرت بعض المستجدات الطارئة فى القطاع الصناعى بسبب تأثير جائحة «كورونا» وتأثيرها على العمليات التشغيلية لشركات القطاع الصناعى المختلفة، حيث شهدت بعض الصناعات زيادة معدلات الطلب وأخرى تضررت بسبب تفشى الفيروس، وقطاعات أخرى لم يظهر التأثير بعد، ولكن المتفق عليه عن حجم التأثير سيظهر على شركات القطاع الصناعى خلال نتائج أعمال الربع الثانى من العام الجارى.
قال محمد مجدى، محلل القطاع الصناعى بشركة بلتون المالية القابضة، إن القطاع الصناعى يعانى سلباً من تداعيات انتشار فيروس «كورونا»، موضحاً أن تعافى القطاع يتوقف على تراجع وتيرة انتشار الفيروس أو اكتشاف علاج له.
وأشار إلى أن شركات البتروكيماويات متأثرة سلبياً بسبب أسعار البترول المنخفضة، فى حين أن شركات الأسمدة أفضل حالاً، بسبب ارتفاع أسعار اليوريا بشكل كبير، لأن الصين كانت من أكبر المصدرين لليوريا وفى ظل توقفها عن الإنتاج والتصدير فى الفترة الماضى أصبح السوق بحاجة لها بشكل أكبر.
وتابع مجدى، أن شركات الأسمدة هى المستفيدة وتتجه للتصدير بشكل أكبر وبأسعار جيدة لاستغلال الظروف الحالية فى ظل عدم تعافى الصين بشكل كامل.
وأوضح أن جانب الطلب على شركات التشييد والبناء مازال مرتفعاً بالرغم من توقف العديد من المشاريع الكبرى وذلك لاستغلال بعض الجهات للوضع الحالى والاتجاه للبناء المخالف، مما يرفع الطلب على الأسمنت.
وذكر أن جميع الشركات متأثرة سلبياً فيما يتعلق بالتصدير والذى كان متجها فى الأساس إلى أوروبا ودول الخليج، ولكن فى ظل الظروف الحالية، فإن هذه الدول اوقفت الاستيراد والتعاملات مع الدول الأخرى.
وأضاف مجدى، أن شركات البتروكيماويات من الممكن ان يظهر الأثر السلبى على نتأئج أعمال الربع الأول من عام 2020، بينما من الممكن أن يظهر الأثر على شركات البناء والتشييد والأسمدة من الربع الثانى، متوقعاً بدء التعافى والتحسن فى القطاع من الربع الرابع من العام الجارى، فى حالة انخفاض معدل انتشار الفيروس بحلول فصل الصيف».
وترى بحوث «فاروس»، أن التأثير السلبى لجائحة «كورونا» سيظر حجمه فى الربع الثانى من عام 2020 لأن معظم الشركات تعمل حالياً على الطلبيات السابقة، ومن المتوقع أن يظهر الأثر كاملاً فى نتائج أعمال الربع الأول من العام الجارى.
وأوضحت، أن الشركات سمحت لطاقم العمالة غير الضرورية بالعمل من المنزل أو العمل وفقاً لنظام التناوب.
وتوقعت فاروس، أن يرتفع الطلب المحلى على «منتجات الصودا الكاوية والكلور»، لأنه من مدخلات تصنيع منتجات التنظيف، لافتة إلى أن المنتجين تمكنوا من زيادة الأسعار ورفع الطاقة الإنتاجية لتلبية احتياجات الطلب المحلى.
وأشارت إلى الفرصة فى انخفاض تكلفة الإنتاج، بعد خفض أسعار الكهرباء فى مصر بواقع 0.10 جنيه لكل كيلوواط فى الساعة.
أشارت إلى أن قطاع الأسمدة الأزوتية، لم يظهر نقص فى الطلب العالمى، فى ظل الاحتياج الكبير لها فى عمليات الزراعة، مشيرة إلى ارتفاع أسعار صادرات اليوريا المصرية إلى 265 دولاراً للطن بعد انقطاع سلسلة التوريد من الصين، لكنها عادت لتنخفض إلى 245 دولاراً للطن بعدما بدأت معدلات التشغيل فى الصين تعود ببطء لطبيعتها.
وأوضحت، أن المنتجين حافظوا على معدلات استخدام كاملة بنسبة %100، فى الربع الأول 2020 مع عدم تأثر الصادرات، ولكن لا توجد رؤية مستقبلية واضحة فى الربع الثانى 2020 خصوصاً لحجم الطلب العالمى.
ولفتت، إلى اعتقاد الشركات أن سيناريو تحرير السوق المحلى لم يعد محتملاً فى 2020 فى ظل الظروف الحالية.
وبالنسبة لقطاع الأسمدة الفوسفاتية، شهد القطاع تراجع معدلات الطلب فى السوق المحلى خلال الربع الأول نتيجة عوامل موسمية، وأنه لا توجد رؤية مستقبلية واضحة لها فى الربع الثانى 2020.
وأشار التقرير البحثى إلى تأثر عامل الطلب سلبيًا وذلك نتيجة تباطؤ نشاط التشييد، وتراجع الطلب على المنتجات غير الأساسية، ولكن الشركات لا يمكن أن تحدد مدى هذا التأثير.
وذكرت المذكرة، أنه مصانع الإنتاج مثل الحديد والأسمنت لن تتوقف تماما، فسيؤدى ذلك إلى تراكم المنتجات، وضعف الطلب سيؤدى إلى زيادة المخزون.
أضافت، أنه سترتفع متطلبات رأس المال العامل، مما يؤدى لزيادة معدل الاستهلاك النقدى وارتفاع معدلات الاقتراض من البنوك.
وذكرت البحوث، أنه لاتزال الصورة مبهمة حول الطريقة التى تعيد بها الشركات جدولة مواعيد استحقاقات القروض وذلك بعد قرار البنك المركزى المصرى بتأجيل سداد الأقساط لفترة 6 أشهر بداية من تاريخ الإعلان، كما لا يعلم أحد فترات الأقساط المدرجة فى هذه المبادرة وطريق حساب الزيادة فى الفائدة المستحقة عن قيمة القرض.
وترى «فاروس»، أن العبء الأكبر ستتحمله الشركات التى تعتمد فى نشاطها على المنتجات الأساسية، والتى تركز على نشاط التصدير ولديها مستويات استدانة مرتفعة.
ونصحت «فاروس» بعدم الاعتماد على مراكز الإيداع النقدى المثبتة مؤخراً، وتعديلها وفقاً إلى معدل الاستهلاك النقدى الناتج عن تباطؤ العمليات التشغيلية.
ورجحت كفة الشركات التى لديها مركز نقدى قوى مثل أوراسكوم كونستراكشون والسويدى إلكتريك، حيث أنهم من أكثر الشركات قدرة على تحمل الظروف الراهنة، كما رجحت أيضاً الشركات القادرة على تحقيق عنصر فعالية التكلفة مثل العربية للأسمنت.
وأوصت فاروس، بزيادة الوزن لكل من «السويدى إلكتريك» بقيمة عادلة عند 15.50 جنيه و«أوراسكوم كونستراكشون» عند 170 جنيهاً /10 دولارات و«العربية للأسمنت» عند 5.50 جنيه، حيث يتداول كل منها عند مضاعف ربحية آخر 12 شهراً.
وقال محمد عبدالحكيم مدير وحدة بحوث بنك استثمار فيصل، أن تأثير تداعيات «كورونا» على شركات القطاع الصناعى تتفاوت بين شركة وأخرى، مؤكدًا أن نتائج أعمال الربع الثانى ستظهر التأثير الفعلى على الشركات.
ولفت عبدالحكيم، إلى أن شركة «مصر لصناعات الكيماويات» من الشركات المستفيدة بسبب زيادة الطلب على منتجات الكلور التى تقوم الشركة بتصنيعها، مما يجعلها من المستفيدين من تداعيات «كورونا» من الإقبال على المنتجات المطهرة والمعقمة، فضلاً عن استفادة شركات التصنيع الدوائى.
وأوضح عبدالحكيم، أن الشركات العقارية ستتباطأ مبيعاتها، فضلاً عن تأخر التسليمات، وعلى الجانب الآخر ستشهد مواد البناء تراجع الطلب عليها مثل صناعات الحديد والأسمنت، مما يجعل الشركات تتضرر وفى نفس الوقت لا تستطيع تقليل الإنتاج، مما يرفع من نسبة المخزون لديها.
وأشار عبدالحكيم، إلى أن معظم منتجات «السويدى إلكتريك» سوف تتأثر سلبًا بالتوقف الجزئى للقطاع العقارى والإنشاءات، فضلاً عن تأثر الإنشاءات.