كلما ساءت الأمور، كان أبي يقول لي “ما لا يقتلك يجعلك أقوى”.
فالموت كان السيناريو الأسوأ، ولكنه لم يذكر أبدا حالة “الزومبي”.
وهذا ما ستخلقه المساعدات لقطاع البترول.. شركات زومبي، لا تستطيع كسب تكلفة البقاء في العمل ولكن ستظل مستمرة بدولارات الممولين.
وتعرض قطاع البترول الصخري الامريكي لضربة مزدوجة؛ فالمعركة السعودية الروسية على الحصة السوقية ساعدت على تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى ما يزيد قليلا عن 20 دولارا للبرميل، ثم جاء إغلاق فيروس كورونا والانهيار غير المسبوق في الطلب على البترول.
ورغم أن اتفاق مجموعة “أوبك بلس” في عيد الفصح من المفترض أن يقلل تخمة المعروض، فإنه غير كاف لحل مشكلات الطلب، وتراجع خام غرب تكساس إلى 18 دولارا للبرميل.
ومع اقتراب مرافق التخزين من الامتلاء، لن يكون هناك أي مكان لوضع البترول، وسيضطر الحفارون والمنتجون ومقدمو خدمات الآبار إلى وقف الإنتاج وتسريح العمالة.
وتعيش واشنطن في الوقت الحالي في وضع الاستعداد للإنقاذ، وقدمت حكومة ترامب مساحة تخزينية في الاحتياطي الاستراتيجي للبترول. وتعد وزارة الطاقة خطة للدفع للمنتجين لترك البترول في الأرض.
وتوجد حجج اقتصادية قوية لحزم الإنقاذ. فقطاع الطاقة محرك هام للاستثمار، وفي آخر مرة تراجع خام غرب تكساس بحدة في 2015/ 2016 انكمش الإنفاق الرأسمالي ووقعت الولايات المتحدة في ركود تصنيعي، وانخفضت العمالة في قطاع البترول والغاز بحوالي الثلث. ويقول البعض إن ذلك السبب ساعد ترامب على الفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
ولكن نموذج الأعمال للعديد من شركات الاستكشاف والإنتاج كان معيبا حتى قبل تراجع أسعار الخام. ولجأ منتجي البترول الصخري للاقتراض بحدة، بغرض الاستثمار في التنقيب وسط أسعار الائتمان الرخيصة، مما أدى إلى تضاعف حجم سوق سندات شركات الطاقة 3 أضعاف خلال العقد الماضي.
وكان التركيز على إنتاج كمية كبيرة من الخام لتعزيز الحصة السوقية. وتسبب فيضان البترول في عائدات منخفضة للمستثمرين، مع إعادة استثمار الشركات للأرباح ورفع أجور المديرين التنفيذيين.
وستكون حزم الإنقاذ للقطاع بمثابة إهدار للمال، وستدعم قطاعا بحاجة ماسة إلى تحقيق مكاسب إنتاجية وإبرام صفقات اندماج.
وبدلا من إنقاذ القطاع ينبغي تركه ليتكيف.
ووفقا للمحللين في “ريستاد انرجي”، ينبغي أن يكون منتجو البترول الصخري ، قادرين على خفض التكاليف بنسبة 16% العام الحالي، وتحقيق مكاسب إنتاجية دون التمويل الحكومي.
وينبغي أن تستحوذ الشركات الأكبر ذات الملاءة المالية القوية على المنتجين الأصغر مرتفعي التكلفة أو المثقلين بالديون. ورغم أن ذلك سيؤدي إلى حالات إفلاس وشطب ديون، فإنه سيقلل تكاليف التمويل للشركات القادرة على الاستمرار، وسيخرج القطاع من الأزمة أقوى وأكثر ربحية.
وثمة حجة غير مباشرة لحزم الإنقاذ، وهي أن حالات الإفلاس تهدد المستثمرين والبنوك بخسائر فادحة. ولكن هذه هي طبيعة الرأسمالية.. المستثمرون يتحملون المخاطر وفي بعض الأحيان يكافئون بعائدات عالية، وفي بعض الاحيان يتحملون خسائر، ولكن خسائر لا تشكل مخاطر نظامية.
وأظهرت بيانات جمعتها وكالة أنباء “بلومبرج” من الإفصاحات السنوية للشركات أن “سيتي جروب” و”بنك أوف أمريكا”، و”ويلز فارجو”، و”جى بي مورجان” أكبر بنوك أمريكية معرضة لقطاع الطاقة، ولكن بنسبة 1% إلى 3% فقط من أصولها.
وبالتأكيد ستؤدي مجموعة من التعثرات إلى ضرر، ولكنها لن تؤدي إلى انهيار البنوك الكبيرة.
وبالتأكيد، يتعين على الحكومة مد يد العون لعمال قطاع الطاقة الذين يواجهون تسريحات حتمية بجانب جميع الأمريكيين الآخرين الذين سيفقدون وظائفهم أثناء الأزمة.
ولكن بينما كانت العديد من الشركات التي أغلقت بسبب فيروس كورونا لديها أعمال قوية، فإن العديد من الشركات في قطاع الطاقة كانت على مسار الفشل بالفعل.. والوقت الحالي ليس وقت خلق شركات “زومبي”.
ميجان جرين، زميل بارز في كلية “كيندي” بجامعة هارفارد
إعداد: رحمة عبد العزيز.
المصدر: صحيفة “فاينانيشال تايمز”.