حققت ليجو بالفعل إنجازا نادرا؛ وفي عصر يتعين فيه على الآباء التنبيه على أطفالهم وإقناعهم بالابتعاد عن المشتتات الرقمية، تظل اللبنات البلاستيكية التي تنتجها الشركة الدنماركية لعبة مادية مفضلة.
لكن وجود هذه اللعبة المادية هو نعمة مختلطة: فالآباء الذين يحبون قضاء أولادهم وقتا بعيدًا عن الشاشات، بالإضافة إلى القيم الاسكندنافية التقدمية للشركة – إذ تشجع على الإبداع وبعض المجموعات، على الأقل، مناسبة للجنسين – لا يريدون ملء الكوكب بها ولا يريدون أن يكبر الأطفال مع مزيد من البلاستيك، لكن الشركة لديها إنجاز آخر يستحق الفخر به.
وضخت “ليجو” – المشتق اسمها من اللغة الدنماركية “العب جيدا” – استثمارات كبيرة في إعادة تطوير خط إنتاجها الأساسي، وكشفت الأسبوع الماضي أنها وجدت طريقة لتصنيع لبناتها من الزجاجات البلاستيكية المعاد تدويرها، وكانت قد استبدلت بالفعل البلاستيك المستخدم في أجزاء قليلة أخرى ببديل نباتي في عام 2018.
بحلول عام 2030، تستهدف إزالة البترول من سلسلة توريدها تماما، ويعد هدف الشركة لجعل خط إنتاجها أكثر صداقة للبيئة ليس مجرد استجابة ساخرة لضغط السوق، وفي الحقيقة تعمل الشركة الخاصة المملوكة للعائلة بشكل جيد – وتفوقت على منافسيها “ماتيل” و”هاسبرو”، ومنذ أن كادت أن تفلس في عام 2003، ارتفعت مبيعاتها.
وقد يقلق المستهلكون من التلوث البلاستيكي، لكن ليس بما يكفي لحرمان الأطفال من الألعاب، ويعد وضع “ليجو” فريد من نوعه إذ لا تتمتع الشركات المدرجة في البورصة دوما بنفس رفاهية القدرة على التجربة والاستثمار في المجالات التي تعد بفوائد طويلة الأجل مقابل عائد ضئيل على المدى القصير، ولكن هناك دروس عالمية في ثلاثة مجالات مهمة.
أولا.. الحدس:
بعد تجربة الاقتراب من الموت في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، فكرت شركة “ليجو” مليا في كيفية تسخير القوى التي تمزق القطاع، ولا سيما الرقمنة والعولمة، وبعد أن فوتت جنون لعبة “Minecraft” التي تشبه لعبة “ليغو”، استطاعت اللحاق بالركب من خلال ألعابها الخاصة وأفلامها التي تحمل العلامة التجارية الخاصة بها، بينما راهنت في الوقت نفسه على النمو (ومصانع التصنيع) في الأسواق الناشئة.
تبحث المجموعة الآن في كيفية استخدام الواقع المعزز لتحسين تجربة اللعب والمضي قدما في توسيع متاجر البيع بالتجزئة في الصين، وليس من السهل ركوب موجة الأعراف الاجتماعية المتغيرة، لكنه ليس مستحيلا، فقد تمكنت شركة “أورستد”، رفيقة موطن “ليجو”، من إعادة ابتكار نفسها من من شركة بترول وغاز متعثرة حكومية إلى مشغلة مزارع رياح رائدة.
ثانيا.. الابتكار:
يعد العثور على هدف جديد للبلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة هو دليل آخر على كيفية إيجاد – بموارد وإبداع كافيين – حل للمشكلات البيئية أو على الأقل التخفيف منها، وتتراوح الأمثلة الأخرى من تقليل تكلفة الطاقة المتجددة إلى صنع البرجر بدون لحوم لكن لذيذ، والابتكار لدى “ليجو” ليس مهمة علمية سهلة إذ ينبغي أن تتماسك اللبنات بالطريقة الصحيحة تماما وأن تتماشى مع كتالوج الشركة.
وأخيرا.. التواصل:
تتمتع “ليجو” بسمعة طيبة مقارنة بمعظم الشركات لأن الآباء والأجداد لا يزالون يربطون منتجاتها بذكريات الطفولة السعيدة، لكن الأذواق تتغير، ويمكن أن تتأرجح المواقف تجاه المنتجات ضمن بضع تغريدات من الدعم المطلق إلى الرفض.
لا تزال لبنة “ليجو” المعاد تدويرها نموذجا أوليا، وتأمل في نشره في غضون عامين، ولكن من خلال إعلانها عن الانتقال بعيدا عن البلاستيك الذي يعتمد على البترول، فإنه وضعت طبقة من الطمأنينة بأن صندوق مكعبات “ليغو” المحبوب في علية المنازل سيظل لعبة مقبولة لأجيال، ويجب على الشركات الأخرى التي تعتمد على الوقود الأحفوري أن تتمنى أن تتمكن من الاعتماد على قدر مماثل من حسن النية.
بقلم: افتتاحية “فاينانشال تايمز”.