كانت أيام أغسطس عصيبة بالنسبة للمتحمسين للتكنولوجيا فى وول ستريت، إذ بدا أن علامات تباطؤ التكنولوجيا قد انتشرت بلا هوادة فى كثير من زوايا عالم التكنولوجيا.
مع اقتراب الربع الرابع المهم للغاية، وهى فترة يكون فيها الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات عادة فى أقصى حالاته، تنتظرنا نهاية عام حابسة للأنفاس.
مع بداية الصيف، كان مازال هناك سبب يدعو للشعور بالأمل فى أن تكون آثار التضخم المرتفع وعدم اليقين الاقتصادى محدودة.
انخفضت مبيعات أجهزة الحاسوب مع تراجع ثقة المستهلك، فيما أثر التباطؤ فى بعض زوايا سوق الإعلانات الرقمية، وزاد سوءاً بسبب التغييرات التى أجرتها شركة «أبل» على الخصوصية التى سددت ضربة للشركات التى تعتمد على جمع البيانات الشخصية من مستخدمى الآيفون.
من بين تلك الشركات شركة «سناب»، التى استجابة لذلك بتخفيض عدد موظفيها بنسبة %20 مؤخراً.
لكن فى نهاية أغسطس، بدأ الضعف فى الطلب يظهر على نطاق أوسع بكثير، وهذا لم يفت المستثمرين، فقد نفدت طاقة الانتعاش التكنولوجى القوى فى وول ستريت فى منتصف الشهر، وتلقت الشركات فى عالم تكنولوجيا المعلومات أكبر الضربات.
انظر إلى قطاع البرمجيات، على سبيل المثال، فبعد الضربات التى تعرض لها منذ نوفمبر الماضى، شهدت أسهم البرمجيات انتعاشاً قصيراً فى أوائل أغسطس، حيث ارتفعت %25 من أدنى مستوياتها، لكنه تخلى منذ ذلك الحين عن معظم هذه المكاسب، وانخفض مؤشر شركة «بيسيمر» السحابى الناشئ لشركات البرمجيات %56 من أعلى مستوى العام الماضى.
مع إنهاء عدد كبير من شركات تكنولوجيا المعلومات لأرباعها المالية فى يوليو والإبلاغ عن النتائج خلال الأسبوعين الماضيين، أخذت علامات ضعف الطلب الانتشار، رغم أن الصورة العامة لم تكن موحدة أبداً.
على الجانب الإيجابى، لم تبلغ كل من شركة «سيسكو سيستيمز» للشبكات وشركة «نت آب» لتخزين البيانات عن أى إشارات تدل على تراجع العملاء.
استمرت بعض شركات البرمجيات فى الحصول على عقود جديدة كبيرة، ملبية طلباً قوياً طويلاً مع رقمنة الشركات لمزيد من عملياتها وإدارة تدفق البيانات.
وحافظت شركة «سنوفليك» لتخزين البيانات على نموها القوى، بينما تجاهلت شركة «ورك داى» المعنية ببرامج الموارد البشرية المخاوف التى كانت تتراكم منذ الربع المالى السابق.
مع ذلك، أشارت شركات أخرى إلى وجود أدلة واضحة على ضعف الطلب، وفى بعض الحالات خفضت توقعاتها المالية حتى نهاية العام.
فى قطاع الرقائق، ارتد التصحيح الحاد للمخزون، الذى كان له تأثر سريع مفاجئ، فى بعض الشركات الرائدة فى صناعة الرقائق، ومنها «إنفيديا» و«ميكرون».
بينما كانت إعادة ضبط المخزون عاملاً رئيساً، قالت عدة شركات إن تضاءل الطلب النهائى على المنتجات التى تعتمد على الرقائق قد امتد إلى ما هو أبعد من الأسواق الاستهلاكية لأجهزة الحاسوب الشخصية والهواتف الذكية.
خلال الأسبوعين الماضيين، قدمت بعض شركات البرمجيات والأجهزة دليلاً آخر على أن كبار المشترين لتكنولوجيا المعلومات أصبحوا أكثر حذرا.
وأصدرت شركة البرمجيات «سيلزفورس» تخفيضاً مفاجئاً فى توجيه الإيرادات بعد أن لاحظت أن عملائها أصبحوا «أكثر حرصاً» فيما يتعلق بمشترياتهم فى يوليو.
فى الوقت نفسه، قالت شركة «ديل» إن العملاء كانوا يستغرقون وقتاً أطول للتوقيع على المشتريات الجديدة من أجهزة الخوادم وأن حجم صفقاتها آخذ فى الانخفاض، وكلا الأمرين من العلامات المبكرة الشائعة على تقليص الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات.
عادةً فى مثل هذه الظروف، يتم إلقاء اللوم على دورات المبيعات المطولة على جزء كبير من التباطؤ.
فى مواجهة قدر أكبر من عدم اليقين فى الأعمال التجارية، يستغرق العملاء وقتاً أطول فى اتخاذ القرار والمطالبة بمراجعات من كبار المديرين قبل التوقيع على مشتريات التكنولوجيا الجديدة.
وتشير وجهة النظر المتفائلة إلى أن ما يحدث يتسبب فى تأجيل الإنفاق بدلاً من إلغائه تماماً، لكن بينما تحب شركات التكنولوجيا أن تعتقد أن جميع عمليات الشراء لمنتجاتها هى من الضروريات، فمن المرجح أن ينتهى المطاف بإلغاء بعض الصفقات التى تخضع لتدقيق أعمق لأن العملاء أصبحوا أكثر عزوفا عن المخاطرة.
هناك أسباب تدعو حالياً إلى الأمل فى أن تكون الآثار محدودة، على الأقل حتى نهاية العام الحالى، فما زال ارتفاع الإنفاق الرأسمالى لأكبر شركات الخدمات السحابية محركاً قوياً فى عالم تكنولوجيا المعلومات.








