ضعف تنوع الاقتصاد واعتماده حتى الآن على النفط تحدٍ أساسى
تجنى المملكة العربية السعودية ثمار الإجراءات الهيكلية التى تبنتها على مدار السنوات السبع الماضية، عبر بنية تحتية تكنولوجية وتشريعية قائمة على التحول الرقمى بهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى السعودية.
وتستهدف المملكة العربية السعودية 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبى المباشر السنوى بحلول عام 2030.
العام الماضى تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة 60% عن العام السابق إلى 7.9 مليار دولار، حسبما نقلت مجلة «فوربس» عن البنك المركزى السعودى.
وتحقيقاً لهذا الهدف، خصصت المملكة وزارة معنية بالاستثمار، من أهم مهامها تمكين المستثمرين من الوصول للفرص الاستثمارية، وتقديم التسهيلات والمرونة لهم، لكنها فرص استثمارية واعدة محفوفة بالمخاطر.
وقالت مصادر ـ رفضت الكشف عن هويتها لـ«البورصة» ـ أن السعودية تتميز بفرص استثمارية واعدة، لكنها ليست خالية من المخاطر لا سيما المخاطر المتعلقة بالتطورات الجيوسياسية بالمنطقة.
وأضافت المصادر، أن هناك مخاطرة متعلقة بقوام الاقتصاد السعودى القائم بصورة أساسية على قطاع النفط ومشتقاته، ما يجعل المخاطرة الاقتصادية عالية حال حدوث أى انخفاض فى أسعار البترول كما كان الحال فى أزمة كورونا 2020.
وبالرغم من زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 9% فى الربع الأول، فإنَّ ما يقرب من ثلثى دخل المملكة العربية السعودية لا يزال يأتى من بيع الوقود الأحفورى.
«محرم»: دراسة المخاطر جزء من الخطط الاستثمارية لرؤوس الأموال والشركات
ويرى مصطفى محرم، الرئيس التنفيذى، الشريك المؤسس لشركة محرم وشركاه للسياسات العامة والاتصال الإستراتيجى، أنَّ المملكة العربية نجحت فى جذب المراكز الإقليمية للشركات لديها، وهو ما يساعدها على تعزيز تنافسية اقتصادها، خاصة مع المنافسة الشرسة بين أسواق المنطقة لجذب الاستثمارات الأجنبية لها، لا سيما سباقها مع الإمارات.
وأضاف «محرم»، أن كل الفرص الاستثمارية لا تخلو من المخاطرة، ولا يوجد فرصة استثمارية واحدة خالية من المخاطر، موضحاً أن دراسة المخاطر جزء لا يتجزأ من الخطط الاستثمارية لروؤس الأموال والشركات.
وتابع أن المملكة تحاول تحسين المناخ الاستثمارى بهدف تحقيق مستهدفاتها الطموحة، ورؤيتها طويلة المدى، موضحاً أن أغلب الدول الكبرى فى الوقت الحالى تتجه لإلغاء القوانين المعرقلة للاستثمار وليس فقط تخفيفها أو إعادة صياغتها.
«إى أف جى القابضة»: سوق تداول واعد لكن نمو الاقتصاد سيتراجع
فى سياق متصل، توقع تقرير صادر عن بنك الاستثمار إى أف جى القابضة، تراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال العام الجارى إلى 3.1%، مقارنة بنحو 5% خلال عام 2022، مرجحة ثباته عند المستوى نفسه خلال العام المقبل.
فيما توقعت أن ينخفض النمو الحقيقى غير النفطى إلى 3.8% خلال العام الجارى، مقارنة بنحو 4% خلال العام الماضى، مع ثباته عند النسبة نفسها عند 3.1% فى عام 2024.
وتوقع التقرير تراجع سعر النفط «خام برنت» خلال العام الجارى إلى 85 دولاراً للبرميل، مقارنة بسعر 100 دولار خلال العام الماضى، على أن يواصل تراجعه خلال العام المقبل ليصل إلى 80 دولاراً للبرميل.
أضاف أن تلك المعطيات تجعل السوق السعودى يعتمد بشكل كبير على الطلب المحلى كمحرك. وعلى الجانب الآخر، ترى «إى أف جى القابضة»، أن بورصة «تداول السعودية» سوق واعد يستقطب روؤس أموال ضخمة للأسهم، مرجحة نمواً كبيراً له خلال العام الجارى، ناصحة المستثمرين برفع مراكزهم المالية فى «تداول» وزيادة استثماراتهم فى الأسهم السعودية.
وشهد السوق تدفقات أجنبية إلى الأسهم بقيمة 492 مليون دولار فى يونيو الماضى، مقارنة بنحو 132 مليون دولار فى مايو الماضى، بالتزامن مع ارتفاع خام برنت 3.1% على أساس شهرى ليصبح 75 دولاراً مقابل البرميل بنهاية يونيو بعدما انخفض بمايو بنسبة 8.6% الذى جعل السعودية تخفض إنتاج 1 مليون من الإنتاج، وفقاً لـ«إى إف جى القابضة».
ويواصل السوق السعودى التداول بمضاعف ربحية يصل إلى 15.9 مرة مقارنة بـ12.3 مرة بمؤشر الأسواق الناشئة، فيما يفوق مضاعف ربحية رؤوس الأموال الأسهم الصغيرة مضاعف ربحية رؤوس أموال الأسهم الكبيرة والمتوسطة ليصل إلى 24.1 مرة.
«سى أى كابيتال»: السعودية تشهد عجزاً مالياً بواقع 0.4% من الناتج المحلى الإجمالى 2023
وتوقعت بحوث بنك الاستثمار سى آى كابيتال، أن يشهد الاقتصاد السعودى عجزاً مالياً بواقع 0.4% من الناتج المحلى الإجمالى خلال 2023 بقيمة 14 مليار ريال سعودى مقابل فائض بنسبة 2.5 من الناتج المحلى الإجمالى.
وأرجعت توقعاتها بصفة أساسية إلى انخفاض الإيرادات النفطية بنسبة 16%، بالرغم من التزام المملكة بالاستراتيجية الوطنية للاستثمار التى تستهدف استثمارات محلية بقيمة 766 مليار ريال خلال عام 2023 لمواصلة زخم التنوع.
ويرى بنك الاستثمار، فى تقرير له، أن التحسن القوى فى آليات سوق العمل، واستمرار ارتفاع النشاط السياحى قد يؤديان إلى إسراع وتيرة نمو الناتج المحلى الإجمالى غير النفطى، مرجحة أن يؤدى الإنفاق الجيد على الاستهلاك ـ بدعم أكبر من نمو الأجور الحقيقية ـ إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية بنسبة 14% لعام 2023.
وتابعت أن العجز المالى للربع الأول من عام 2023 لا ينذر بمخاطر فى ظل ارتفاع الإنفاق الرأسمالى.
وأعلنت المملكة تحقيق عجز بالموازنة قدره 2.9 مليار ريال للربع الأول من عام 2023؛ بسبب ارتفاع المصروفات بنسبة 29% على أساس سنوى؛ نتيجة ارتفاع الإنفاق الرأسمالى بنسبة 75% مقارنة بالعام السابق.
من ناحية أخرى، شهد إجمالى الإيرادات نمواً قدره 1.1% مقارنة بالعام السابق؛ حيث ارتفعت الإيرادات غير النفطية بنسبة 8.6% وانخفضت الإيرادات النفطية بواقع 3% مقارنة بالعام السابق. وأشارت إلى أن هذا يعكس انخفاض أسعار خام برنت (16.1% مقارنة بالعام السابق)، مؤكدة أنه لا مخاوف تجاه عجز الموازنة؛ حيث إنَّ استمرار الإنفاق الاستراتيجى يعكس الإسراع بوتيرة تنفيذ المشروعات ـ أحد الممكنات الرئيسية لتنفيذ رؤية المملكة 2030.
أضاف التقرير، أن مخاطر انخفاض التقييم يعوض جزئياً خيارات التمويل المتنوعة، خاصة أن المملكة تتمتع بأساس صلب؛ حيث تضمن جمعها نحو 16 مليار دولار من بيع سندات وصكوك فى يناير 2023 ومايو 2023 تغطية جميع الاحتياجات التمويلية لعام 2023 بقيمة 12 مليار دولار، ما يتيح تمويل العجز المالى للعام بالكامل كلياً من خلال الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية.
وإلى جانب تخفيف الضغوط المترتبة على انخفاض أسعار النفط جزئياً عند سعر التعادل 84 دولاراً للبرميل، وتمويل الإنفاق الرأسمالى ومشروعات البنية التحتية، يعمل التنويع بين مصادر التمويل الخارجية والمحلية على المحافظة على سيولة السوق المحلى، وفقاً للتقرير.
وأكدت أن المملكة تترقب مد أجل خفض الإنتاج الطوعى مجدداً، وفقاً للاتفاق الحالى لـ«أوبك بلس»، وخفض الإنتاج الطوعى بواقع مليون برميل إضافى يومياً اعتباراً من يوليو 2023، ما دفعها إلى خفض توقعاتها لإنتاج البترول خلال عام 2023 إلى 10.02 مليون دولار برميل، مقارنة بالعام السابق، بنسبة تراجع 49%، مع وضع المخاطر المحتملة لمد أجل خفض الإنتاج الطوعى فى الاعتبار.
وتوقعت البحوث، تحقيق عجز مالى أكبر يبلغ 1.3% من الناتج المحلى الإجمالى بواقع 52 مليار ريال خلال عام 2023، فيما سيؤدى إنهاء الخفض الطوعى لإنتاج النفط؛ نتيجة ارتفاع الطلب العالمى على النفط، إلى تقليص الفائض المالى إلى 0.3% من الناتج المحلى الإجمالى بواقع 13 مليار ريال.