تعمل تركيا، التي تلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، على إعادة إحياء مبادرة حبوب البحر الأسود لتعزيز نفوذها الإقليمي وتأمين حبوب بسعر أرخص، حسبما ذكر محللان.
وواجه الاتفاق، الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة في يوليو 2022 في اسطنبول، انتكاسة عندما قررت روسيا الانسحاب منه في 17 يوليو الماضي، بزعم عدم وفاء نظرائها بالتزاماتهم.
ومنذ ذلك الحين، يعمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزراؤه ودبلوماسيوه بشكل مكثف لإعادة إحياء الاتفاق.
وأجرى الزعيم التركي محادثات هاتفية مع نظيريه الروسي والأوكراني وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يزور تركيا في أغسطس لمناقشة مبادرة الحبوب.
وقال باتو كوسكون، وهو محلل مستقل في مجال المخاطر السياسية يقيم في أنقرة، لوكالة أنباء شينخوا، إن النفوذ الإقليمي والهيبة والحبوب الرخيصة هي الحوافز الرئيسية لتركيا لإعادة إحياء مبادرة الحبوب.
وذكر أن “عنصر الهيبة مهم للغاية في هذا الشأن، وتركيا برزت كمحاور مهم للغاية بين أوكرانيا وروسيا”.
ومن وجهة نظر كوسكون، تريد أنقرة طرح إعادة تصور محتملة لاتفاق الحبوب كوسيلة للتقارب بين موسكو وكييف.
وأفاد أن القيادة التركية حريصة على الاستفادة من نجاحها الدبلوماسي السابق في مبادرة الحبوب التي تعتبرها خطوة نحو تحقيق سلام دائم.
فيما يرى كريم هاس، وهو محلل يقيم في موسكو، أن الأسباب الاقتصادية تأتي على رأس دوافع تركيا لإعادة تفعيل مبادرة حبوب البحر الأسود، إذ تعاني البلاد من مشاكل اقتصادية، وخاصة تضخم أسعار الغذاء.
وذكر أن “أكثر من 80% من القمح الذي تستورده تركيا يأتي من روسيا وأوكرانيا. ولفترة طويلة، تركيا هي العميل الأول لروسيا”.
وقال هاس إنه “بالإضافة إلى ذلك، كانت تركيا تشتري القمح بأسعار مخفضة من كلا البلدين من خلال التوسط في ممر الحبوب”.
ومع ذلك، أدى انسحاب روسيا من المبادرة التي سمحت بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود إلى ارتفاع أسعار الحبوب على مستوى العالم، مما أثار مخاوف بشأن أزمة غذاء وشيكة.
وأشار كوسكون إلى أنه في مواجهة مثل هذه الصعوبات، تريد تركيا أن يُنظر إليها على أنها دولة تبذل جهودا دبلوماسية لجلب المساعدات والغذاء إلى الأجزاء الأقل نموا اقتصاديا في العالم.
ولم تنضم أنقرة، التي تلتزم “الحياد الاستباقي” في الصراع الأوكراني، إلى العقوبات الغربية على روسيا، إلا أنها أغلقت المضائق التركية أمام سفن الجيش الروسي، ومنعت السفن الحربية الروسية من دخول البحر الأسود أو مغادرته.
وقالت تركيا إنه يتعين على الدول الغربية أن تحاول معالجة شكاوى روسيا، معربة عن أملها بأن تعود روسيا إلى الاتفاق.
وخلال تصريحات متلفزة في 8 أغسطس، حذر الزعيم التركي من شبح تصاعد الصراع العسكري في البحر الأسود بعد انسحاب موسكو من الاتفاق.
وقال أردوغان إن “توسيع الحرب إلى البحر الأسود سيكون كارثة كاملة لمنطقتنا بأكملها”، مضيفا أن بلاده ستواصل تنفيذ اتفاقية مونترو لعام 1936، وهي وثيقة تؤكد سيطرة تركيا على مضيقي البوسفور والدردنيل.