كنتُ انتظر، وغيرى كثيرين، أن تخرج القمة العربية الإسلامية، التى عُقِدت بالعاصمة السعودية الرياض، بقرار أو تأكيد واضح على مساندة مصر فى قرارها برفض المطالب الإسرائيلية بالتهجير القسرى لأهلنا فى غزة إلى سيناء المصرية.. وبالطبع كل من كان فى القمة يعلم حجم الضغوط التى تُمَارس على مصر لقبول التهجير.
ورغم الموقف الرسمى الثابت برفض التهجير من جانب القيادة المصرية، فإنَّ إسرائيل لا تزال مستمرة فى ممارسة الضغوط على مصر من خلال استغلال الأزمة الاقتصادية التى تواجهها مصر، وأن قبول التهجير يضمن لمصر حل مشاكلها بشطب الديون المستحقة عليها، والتى تبلغ نحو 160 مليار دولار، ومنح مصر 20 مليار دولار إضافية.. وتستخدم إسرائيل فى تحقيق ذلك حلفاءها سواء أمريكا أو دول أوروبية، وللأسف بعض الدول العربية تسعى أيضا لإقناع مصر بقبول التهجير.
تلوح إسرائيل باستخدام صندوق النقد والبنك الدولى فى الضغوط على مصر عن طريق وقف المفاوضات بشأن تقديم الشريحة الثانية لمصر، وبالطبع إصدار تقارير دولية تنقد الأداء للاقتصاد المصرى، وخفض التصنيف الائتمانى لمصر؛ بما يزيد من صعوبة تعامل مصر فى أسواق الدين العالمية فى طرح سندات دولية أو التأثير على ما هو مطروح من سندات.
وللأسف، فإن من يسيطرون على صندوق النقد الدول الكبرى حلفاء إسرائيل، والداعمين لها أمريكا وأوروبا؛ هذا بالإضافة إلى أن الكونجرس الأمريكى والإدارة الأمريكية تلوحان بوقف المساعدات لمصر.
اقرأ أيضا: حسين عبدربه يكتب: أفكار د. هانى سرى الدين لإصلاح مصر
نعم، مصر تعيش أزمة اقتصادية صعبة واستمرار الضغوط الدولية عليها يزيد من تبعات هذه الأزمة.. ومن هنا علينا أن نساند القيادة السياسة فى موقفها الرافض للتهجير لأهالى غزة إلى سيناء.. وكنا ننتظر من القمة العربية الإسلامية أن تعلن بوضوح مساندتها لمصر فى رفض التهجير والوقوف بجانبها لمواجهة الضغوط الدولية على اقتصادها، وأن تعلن الدول العربية الدائنة لمصر بشطب الديون المستحقة لها على مصر والتى تبلغ نحو 46 مليار دولار، أو أن تؤجل سدادها، لا أن تشارك الدول العربية هى الأخرى فى الضغط على مصر فى هذه الظروف وتترك مصر تواجه إسرائيل وأمريكا وحلفائها منفردة فى حرب اقتصادية سياسية بالأساس.
ماذا ينتظر العرب؟ هل ينتظرون أن تدخل مصر فى حرب مع إسرائيل بينما هم يهرولون للتطبيع معها؟ هل هذا وقت التطبيع؟ وما الداعى لذلك؟ وهل هذا وقت الخلافات العربية؟.
اتركوا الخلافات الآن، وتحالفوا مع بعضكم كعرب ومسلمين ولا تتحالفوا مع الشيطان.. لا تعطوا ظهوركم لما تفعله إسرائيل فى الضعط على مصر.. كيف ستقبلون أن تساهموا معهم فى التصويت ضد مصر فى صندوق النقد أو أى مؤسسة دولية؟.
اقرأ أيضا: حسين عبدربه يكتب: أيهما أفضل لنا.. البريكس أم مجلس التعاون الخليجى؟
نعم، هناك أخطاء وقعت فيها الإدارة المصرية بأنها أوقعت بالاقتصاد القومى فى دوامة الديون بالدخول فى مشروعات كان يمكن تأجيلها إلى فترات أخرى، وأن تعمل على تحقيق نهضة اقتصادية تجعلها أمنة ضد مثل هذه الأزمات والكوارث التى تأتى إلينا من الخارج، ولكن ليس وقته الآن فى أن نحمل الإدارة المصرية مسئولية ذلك.
علينا أن نقف بجانبها فى عبور ما هو أحظر من الديون؛ وهو مواجهة المخطط الصهيونى، فلن تكون سيناء هى النهاية.. بل هى بداية لتحقيق مخططهم الاستراتيجى بإسرائيل الكبرى من النيل للفرات، أما نحن كعرب نتنافس ونختلف ونتحالف مع الأعداء الذين ينهبون ثروات العرب.
لماذا لا تقرأون التاريخ؟؛ لقد ربح العرب وتحديدا الخليج منذ حرب أكتوبر 73، حينما قفزت أسعار النفط بسبب قرار الراحل العظيم الملك فيصل والشيخ زايد آل نهيان بوقف إمداد أمريكا والغرب بالنفط العربى لمساندة مصر.. الآن أهل غزة يضربون بالنفط العربى الذى يمون طائرات ودبابات العدو الصهيونى، وأموال النفط العربى تستخدم الآن للضغط على مصر.