الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة يمكن تعريفها بأنها “تلك المتعلقة بإدارة عمليات تقليل وجمع وتخزين ونقل المخلفات البلدية الصلبة وفصل وإعادة تدوير ما يمكن الاستفادة منه وحرق ودفن غير الصالح لإعادة الاستخدام بطريقة آمنة بما يُحسن من جودة البيئة والصحة العامة ويكون له مردود اقتصادى إما من خلال خفض التكاليف أو توفير الموارد وتحقيق إيرادات مُستحدثة وتشتمل على جميع الوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة، والأنشطة التسويقية والإعلامية والتثقيفية والبحث والتطوير”.
وأكدت رؤية مصر 2030 أن هناك حاجة ماسة للتعامل مع المخلفات الصلبة من وجهة نظر إدارة الموارد وليس إدارة المخلفات، فالمخلفات تمثل موردًا مهمًا لعمليات إعادة الاستخدام والتدوير، فضلًا عن دورها فى خلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى دورها فى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى المسببة لظاهرة تغير المناخ.
كما عرضت الاستراتيجية برامج ومشروعات لتطوير البيئة حتى 2030 منها عدة برامج ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بمجال المخلفات الصلبة مثل؛ رفع درجة الوعى بأهمية المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية وتحفيز البدائل والتكنولوجيات اللازمة لترشيد الاستهلاك وحماية الموارد الطبيعية، وأن مواجهة مشكلة المخلفات الصلبة يجب أن يأخذ فى الاعتبار جميع محاور ومقومات الإدارة المتكاملة.
وتعد عملية تجميع المخلفات ومعالجتها والتخلص من الكميات المتزايدة منها تحديًا يوميًا للمحافظات ووحدات الإدارة المحلية، حيث بلغت وفقًا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن عام 2020 إلى 36.6 ألف طن قمامة يوميًا وتتنوع المخلفات الصلبة بمصر وفقًا لآخر بيانات منشورة بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 2017، بين مخلفات زراعية، وهى النسبة الأكبر بين مجموع المخلفات الصلبة بنسبة 35%، يليها مخلفات الترع والمصارف بنسبة 28%، وتأتى فى المرتبة الثالثة المخلفات البلدية (وهى المواد الصلبة أو شبه الصلبة التى تتخلف عن الأنشطة الإنسانية اليومية العادية ويتم التخلص منها عند مصدر تولدها كنفايات ليست ذات قيمة تستحق الاحتفاظ بها، وإن كان من الممكن أن يكون لها قيمة فى موقع آخر أو ظروف أخرى بما يوفر الأوضاع المواتية لعمليات إعادة الاستخدام أو التدوير) أو بكلمات أخرى هى المخلفات المنزلية اليومية، وتمثل 23.2% من حجم المخلفات الصلبة الناتجة، يليها كلا من المخلفات الصناعية والهدم والبناء، والحمأة، بنسبة إجمالية تقدر بـ13.8%.
وقد قررت الدولة فى مطلع عام 2018 تحديث أجندتها للتنمية المستدامة بمشاركة مختلف الوزارات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى وبالاستعانة بعدد من أرفع الخبراء فى مختلف المجالات، وذلك لمواكبة التغييرات التى طرأت على السياق المحلى والإقليمى والعالمى.
واهتم الإصدار الثانى لرؤية مصر 2030 بأن تصبح رؤية ملهمة تشرح كيف ستخدم المساهمة المصرية الأجندة الأممية، وكيف سيخدم ذلك السياق العالمى، وتؤكد الرؤية المُحدثة على تناول وتداخل كل القضايا من منظور الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة البيئى والاقتصادى والاجتماعى، فهى رؤية شاملة ومتسقة تتكون من استراتيجيات قطاعية للجهات الحكومية المختلفة، وذلك من خلال عدة استراتيجيات تصب فى تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة على النحو التالى:
1- إن تطبيق عمليات تقليل توليد المخلفات وجمع المخلفات وتداولها ونقلها بشكل مناسب من شأنه أن يعمل على تحقيق عدة أهداف للتنمية المستدامة فى وقت واحد وهى: حماية الحياة فى البر، وحماية الحياة فى الماء، والصحة الجيدة، ومدن ومجتمعات مستدامة؛ نظرًا لإسهام تلك العمليات فى حماية البيئة من جميع مظاهر التلوث، وهو ما يعمل بشكل مباشر على إنجاز هذه الأهداف سابقة الذكر (أربعة أهداف).
2- إن عمليات الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة لا سيما عملية إعادة استخدام وتدوير المخلفات من شأنه العمل على توفير عدد كبير من فرص العمل المستحدثة، مما يساهم فى تحقيق الهدف المتعلق بالعمل اللائق ونمو الاقتصاد، كما إنه يساهم أيضًا فى القضاء الفقر.
3- إن عمليات إعادة تدوير المخلفات من شأنه إيجاد فرص للحصول على طاقة نظيفة بسعر مناسب، وهو أحد أهداف التنمية المستدامة، من خلال توليد الطاقة بالاعتماد على تدوير المخلفات بطرق علمية مبتكرة، وهو أيضًا ما يمكن أن يوجِد مجالًا لصناعات وابتكارات علمية جديدة يتم تطبيقها فى المجتمع المصرى مما يحقق الهدف المتعلق بالصناعة والابتكار.
4- ويمكن أن تساعد عمليات الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة كذلك فى تقوية المؤسسات الحكومية لاسيما الوحدات المحلية وإسهامها فى العمل المناخى، وجعلها مؤسسات أكثر قوة، مما يعزز تحقيق هذه الأهداف التى هى من بين أهداف التنمية المستدامة.
وبذلك توصل الباحث إلى أن ممارسة عمليات الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة يسهم فى تحقيق ما لا يقل عن 12 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وفقاً لرؤية 2030.
وفى النهاية لابد من العمل على:
1- إعادة النظر فى التشريعات والقوانين الحالية لدعم ممارسات الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة خاصة فيما يتعلق برسوم الجمع السكنى والتجارى المعمول بها حاليا.
2- إقرار حوافز للملتزمين بالفصل المنزلى للمخلفات، ووضع معايير التصنيع الأخضر والعبوات القابلة للتدوير ضمن شروط منح الموافقات البيئية لرخص التشغيل سواء فى الأنشطة الصناعية أو التوزيع.
3- توفير أماكن مخصصة لتجميع مخلفات الهدم والبناء على مساحات مناسبة على أن يكون بكل مركز ومدينة مقلب أو أكثر حسب نطاقة الجغرافى مع تشجيع الصناعات المرتبطة بإعادة تدويرها.
4- إنشاء مصانع لتدوير مخلفات الهدم والبناء فى صناعات مثل؛ صناعة الإنترلوك، صناعة البلدورات، صناعة النيوجيرسى علماً بأنه يوجد بعض التجارب فى هذا الشأن، مع دراسة استخدام مخلفات الهدم والبناء بعد إجراء بعض المعالجات فى رصف الطرق خاصة المستحدثة منها كطبقات تأسيس.
5- زيادة عدد مصانع تدوير المخلفات بالمحافظة مع إمكانية دمج مخلفات تطهير الترع والمصارف.