ثار الجدل كثيرًا حول حكومة الدكتور مصطفى مدبولى وهل هى حكومة فاعلة أم لا، وهذا الأمر يتطلب منا إخضاع تلك الحكومة لتقييم موضوعى من نقاط محددة حتى ندرك ما المشكلة وحجمها وهل الحل هو تغيير وزارى أم تغيير وزارة؟.
وزارة الدكتور مصطفى مدبولى هى الوزارة الرابعة والعشرون بعد المائة فى تاريخ مصر، تم تكليف مصطفى مدبولى بتشكيل الوزارة فى 7 يونيو 2018، وأدت الوزارة اليمين الدستورية فى 14 يونيو 2018، وذلك بعد تقديم رئيس الوزراء شريف إسماعيل استقالة حكومته فى 5 يونيو 2018.
وقد تضمن خطاب تكليف الدكتور مصطفى مدبولى المحاور التالية:
أولاً: حماية الأمن القومى المصرى من خلال مواجهة التحديات التى تستهدف التأثير على قدرة الدولة والحفاظ على حقوق مصر المائية وتنميتها.
ثانياً: تحسين مستوى معيشة الشعب المصرى ومراعاة حقوق الفئات الأكثر فقراً والمهمشة.
ثالثاً: التنمية الاقتصادية من خلال تكليف الحكومة بالعمل على تحقيق معدل نمو اقتصادى بمقدار نحو 7% سنوياً.
رابعاً: بناء المواطن المصرى من خلال العمل على تنفيذ استراتيجية تطوير المنظومة التعليمية فى مختلف المراحل وفى كافة الجوانب.
خامساً: رفع كفاءة الأداء الحكومى من خلال تحقيق أكبر قدر من التكامل بين الوزارات المختلفة، وترشيد الاستهلاك والنفقات الحكومية.
سادساً: ريادة الدور المصرى حيال قضايا المنطقة من خلال توازن وثبات سياسة مصر الخارجية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى فى بيان الحكومة فى أول انعقاد لها بتاريخ 20 يونيو 2018 أن الحكومة سوف تعمل وفق تكليفات محددة وعلى رأسها:
• تحسين جودة حياة المواطنين من خلال الاهتمام بعدد من الملفات على رأسها الصحة والتعليم.
• تطوير أداء الجهاز الإدارى للدولة.
• استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى.
• الانتهاء من المشروعات القومية.
• العمل على ضبط الأسعار ومواجهة محاولات الاحتكار.
• حل مشكلة التشابكات المالية بين الوزارات.
وقد تعرضت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى للعديد من التغييرات كان أبرزها فى 22 ديسمبر 2019 والذى شمل 10 حقائب وزارية، والثانى فى 13 أغسطس 2022 والذى شمل 13 حقيبة وزارية.
والسؤال هل حققت وزارة الدكتور مصطفى مدبولى التكليفات التى أتت من أجلها؟.
عبدالنبى مرزوق يكتب: تصنيف الخبراء ومستقبل التقييم العقارى فى مصر
الحق يقال ومن منطلق الإنصاف فإن العديد من التكليفات السابق ذكرها قد تحققت على مسارات محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومى ورفع كفاءة الأداء الحكومى فيما يتعلق بالخدمات الحكومية وتطوير المنظومة الرقمية لأداء الكثير من خدمات المواطنين.
ولكن تعثرت خطى الحكومة فى تنفيذ رؤيتها وإنجاز خطتها نظرا للمتغيرات التى مر بها العالم والمنطقة المحيطة بنا من جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وأخيرا الحرب على غزة وما شكلته تلك الأحداث المتلاحقة من ضغوطات هائلة على الاقتصاد المصرى.
ولأن السيد رئيس الوزراء بعيد عن المنهجية الاقتصادية فقد سقطت هذه الحكومة فى اختبار المسار الاقتصادى ولم تستطع السيطرة على معدلات التضخم وانفلات الأسعار وتدهور سعر صرف الجنيه وانخفاض الحصيلة من العائدات الدولارية نتيجة تراجع القوة التصديرية للاقتصاد المصرى.
وهذا ينقلنا إلى نقطة هامة وخصوصا مع التغييرات المتعددة التى خضعت لها تلك الحكومة، هل الوزارة تسير وفق رؤية الوزير الشخصية أم أن الوزير يسير وفق رؤية طويلة المدى للوزارة فى إطار الخطة العامة للدولة، وهل المنصب الوزارى يخضع لمعايير عند الاختيار وأسس وقواعد للمحاسبة على نتائج أداؤه عند مغادرة منصبه الوزارى.
لذا لابد من وضع معايير لاختيار المناصب الوزارية قبل التفكير فى عملية التغيير لاختيار العناصر التى تضيف للمنصب الوزارى ولأداء الحكومة ككل ومن هذه المعايير التى يتم الاختيار على أساسها:
1. امتلاك رؤية وخطة واضحة للمستقبل.
2. الثقة فى إمكانيات الوزير بأنه قادر على القيادة.
3. أن يكون الوزير مستمعا جيدا ومتحدثا لبقا.
4. المبادرة والعمل بروح الفريق لتحويل الأهداف لواقع على الأرض.
5. التحلى بروح التحدى وديناميكية التحرك على كافة الأصعدة.
6. الثقة فى الآخرين للاستفادة من طاقاتهم بطريقة إيجابية.
7. الاستخدام الأقصى للتكنولوجيا فى التواصل وإنجاز الأعمال.
8. القدرة على مواجهة وإدارة الأزمات وحل المشكلات.
9. المبادرة بالفعل دون الانتظار لاتباع سياسة رد الفعل.
10. البداية من حيث انتهى الناجحون.
فهل كل من تولى منصب وزارى على مدى عمر حكومة الدكتور مصطفى مدبولى تمتع بتلك الصفات التى تمثل أبجديات تولى العمل العام.
وفى النهاية هل المشكلة فى التغيير الوزارى أم أن المشكلة فى الحكومة كاملة ككيان واحد، إذ أن التغييرات السابقة لم تثمر عن حلول جذرية للتكليفات الأساسية التى أتت من أجلها الحكومة إلا فى عدد قليل من الوزارات، ثلاث أو أربع وزارات وذلك للإنصاف، وهى نسبة قليلة فى حين أن المطلوب أن تعمل الحكومة بنسبة 150%، حيث منوط بها جهد جبار لما تمر به البلاد من ظروف استثنائية تتطلب جهد وتفكير خارج إطار الممكن.
الحكومة لا تحتاج إلى تغيير وزراء بقدر ما تحتاج إلى تغيير الرؤية والهدف وآليات الأداء، فالمنطق يقول إن الهزائم المتكررة لفريق بسبب فشل الخطة التكتيكية وعدم اختيار وتوظيف اللاعبين بطريقة جيدة، فلن يكون الحل هو تغيير اللاعبين بقدر ما يحتاج الأمر إلى تغيير قائد الفريق للاستفادة من جهود وطاقات فريقه بخطة مدروسة مبنية على تخطيط استراتيجى وتفكير خارج الصندوق.