باومان: سويسرا ثامن أكبر مستثمر فى مصر و100 شركة عاملة فى السوق
تحتفل سويسرا ومصر هذا العام بمرور 90 عاما على معاهدة الصداقة بين البلدين. وأجرت “البورصة” حوار مع إيفون باومان سفيرة سويسرا بالقاهرة، وإلى نص الحوار
كيف تقيمين العلاقات الحالية بين البلدين، خاصة على الصعيد الاقتصادى؟
تعود العلاقات الاقتصادية بين سويسرا ومصر إلى ما هو أبعد من معاهدة الصداقة التى تم توقيعها فى 1934، حيث جرى تأسيس أول تمثيل تجارى سويسرى فى مصر سنة 1909 أى منذ 115 عاما، مما يدل على التقارب بين بلدينا واقتصادينا. وتظل مصر شريكا مهما، فهى بوابة للأسواق الأفريقية والآسيوية وركيزة مهمة للاستقرار والأمن فى المنطقة، ولدى كل من سويسرا ومصر فهم مشترك لما يعنيه أن تكون على مفترق طرق التجارة المهمة، وتهدف سويسرا إلى مزيد من الاستثمار فى مصر وإلى زيادة التجارة بين البلدين. وبالنظر الى أن الاستثمار فى الناس مهم بنفس القدر، فإننا ندعم مشاريع تنمية المهارات كجزء من برامجنا الخاصة بالتعاون.
ما هو حجم استثمارات سويسرا فى مصر وفى أى قطاعات؟ وأين ترين فرص المستثمرين السويسريين فى مصر؟
سويسرا بلد صغير ذو اقتصاد متوسط الحجم استطاعت أن تحتفظ بمكانتها ضمن أكبر عشرة مستثمرين فى مصر لسنوات عدة، وتحتل حاليا المرتبة الثامنة بينهم، حيث تغطى الاستثمارات السويسرية قطاعات رئيسية مثل الأدوية والتصنيع والبناء والأغذية والمنسوجات والسياحة والخدمات المالية.
ويبدى المستثمرون اهتماما بقطاع البنية التحتية حيث يزداد الطلب على المنتجات والخدمات السويسرية ذات التقنية العالية، فضلا عن الإمكانات الكبيرة فى قطاع الطاقة. هذا ووقعت شركة سويسرية مؤخرا مذكرة تفاهم للاستثمار فى الهيدرجين الأخضر بقيمة مليار دولار امريكي.
وتقف الشركات السويسرية فى طليعة التحول إلى الطاقة الخضراء، وهذه الشركات مهتمة بالاستثمار فى الخارج. وهناك العديد من الفرص أمام الشركات السويسرية لتزويد الشركاء المحليين بالحلول المبتكرة للتقنية النظيفة فى مجالات النقل والطاقة وإدارة المياه والمخلفات.
هل يمكنك ذكر أمثلة على التعاون الاقتصادى المصرى السويسرى؟
يمكن إيجاد أمثلة على تضافر الجهود بين سويسرا ومصر فى القطاع الزراعى، حيث تتمتع سويسرا بخبرة خاصة فى مجال إنتاج الأغذية وإمكانات تخزين الحبوب مثل القمح.
فقد شهد هذا القطاع قيام شركة سويسرية عريقة بتوقيع عقد هام مع السلطات المصرية للمساهمة فى “مدينة الصوامع الغذائية” وهى مدينة خاصة بالصناعات الغذائية فى محافظة المنوفية. كما شهد قطاع النسيج توقيع اتفاقية تمويل لشراء آلات نسيج سويسرية تقدر بـ 260 مليون يورو بين شركة سويسرية والشركة المصرية القابضة للقطن والغزل والنسيج.
وهذا المشروع فى طور التنفيذ حاليا ويهدف الى تحديث صناعة الغزل والنسيج المصرية بالكامل والنهوض بصناعة القطن فى مصر وتوسيع نطاق سلسلة القيمة والسوق الخارجى لمنسوجات القطن المصرى.
بالإضافة الى ذلك، وفى إطار برنامج التعاون 2021 – 2024، نحن نعمل مع المؤسسات المالية الدولية والحكومة المصرية لتحسين فرص المشروعات الصغيرة والمتوسطة للحصول على التمويل والوصول لآليات لتسوية الديون. فمنذ بضع سنوات دعمت سويسرا مصر فى إصدار السندات الخضراء كحل لتمويل الاستثمارات المستدامة فى مجال البيئة مثل النقل النظيف والطاقة المتجددة والإدارة المستدامة للمياه ومياه الصرف الصحي، وغيرها. وكانت هذه السندات هى الأولى من نوعها ليست فى مصر وحسب بل فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كم عدد الشركات السويسرية العاملة فى مصر؟
يعمل فى مصر ما يقرب من 100 شركة سويسرية وشركات تابعة وشركاء لشركات سويسرية ويساهمون بما يقدر بـ 25000 فرصة عمل فى الاقتصاد المصري، وتأتى هذه الشركات فى مقدمة الشركات التى تعمل على زيادة الإنتاج المحلي، على سبيل المثال فى قطاعات الصيدلة والأغذية والإنشاءات والتشغيل الآلى والغزل والنسيج.
ذكرت مسبقا كيف شكلت العلاقات الاقتصادية بداية للعلاقات الثنائية.. فما هو الحال الآن – ماذا يمكنك أن تخبرينا عن العلاقات التجارية بين مصر وسويسرا؟
بلغ إجمالى حجم التجارة عام 2022، نحو 1.4 مليار فرنك سويسرى (1.5 مليار دولار أمريكي) مما يجعل مصر الوجهة الأولى لصادرات سويسرا فى أفريقيا. فنظرا لموقعها الجيوسياسى كبوابة لأفريقيا، تدرك الشركات السويسرية أن مصر لديها القدرة على تصدير المزيد الى القارة كجزء من منطقة اتفاقية التجارة الحرة فى القارة الافريقية. فضلا عن ذلك، فمصر فى حد ذاتها لديها سوق كبير، نظرا لعدد سكانها الضخم والمتزايد والذى يخلق قاعدة استهلاكية عريضة وسوق عمل كبير.
تمنح اتفاقية التجارة الحرة بين رابطة التجارة الحرة الأوروبية EFTA ومصر العديد من المزايا المتبادلة، كما توفر إمكانات أكبر لتعزيز علاقاتنا الاقتصادية. وتستفيد الشركات السويسرية من هذه الاتفاقية من خلال قيامها بالإنتاج محليا واستخدام مصر كوجهة تصدير للبلدان الأخرى، وهناك مثال ناجح على ذلك وهو اختيار شركة سويسرية بارزة جدا فى مجال الصناعات الغذائية لمصر كسوق استراتيجى ومركز تصدير لمجموعتها العالمية التى تخدم منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكنها تصدر المزيد على طول الطريق وصولا إلى السوق اليابانية، فالعام الماضى بمفرده تم تصدير 35% من إجمالى مبيعات الشركة لأكثر من 40 دولة.
وفى إطار الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد، تواصل هذه الشركة السويسرية العمل على تحقيق أهدافها الطموحة للسوق المصرى بهدف جعل مصر واحدة من منصات التصدير الرائدة فضلا عن تعزيز الاستثمار الأجنبى بها.
هل تلقيت مؤخرا استفسارات عن السوق؟ وفى أى قطاعات؟
تلقت الوكالة السويسرية للتصدير Swiss Global Enterprise مزيدا من الاستفسارات الواردة من مختلف الشركات السويسرية الصغيرة والمتوسطة الحجم والتى تعمل فى مجالات الصناعة المتنوعة والذين يرغبون فى بدء أعمال تجارية فى مصر.
وتعمل Swiss Global Enterprise بدأب على تعزيز الفرص مع التركيز بشكل خاص على الإمكانات فى قطاعات التكنولوجيا الطبية والتكنولوجيا المالية والبنية التحتية والتقنية النظيفة.
الشعور السائد هو إيجاد فرصة ممزوجة بالشغف لاستطلاع إمكانات السوق التى تتيحها مصر. وتدعم السفارة وغرفة التجارة السويسرية فى مصر SwissCham Egypt الشركات السويسرية الصغيرة والمتوسطة عند دخولهم السوق المصرى عبر القطاعات المختلفة.
كيف ترين بيئة العمل فى مصر؟
نحن نرى الكثير من الإمكانات خاصة فى ظل وجود قطاع عريض من الشباب الباحث عن فرص عمل وقاعدة استهلاك محلى قوية تضم أكثر من 100 مليون شخص. وتتيح المناطق الاقتصادية الخاصة حوافز مثيرة للاهتمام. علاوة على ذلك، تبقى مصر وجهة سياحية جاذبة جدا بفضل موقعها وجمالها الطبيعى وتراثها الثقافى الفريد. وتوفر خطط الحكومة المصرية لمضاعفة حجم السياحة خلال الخمس سنوات القادمة العديد من الفرص التجارية.
وتخبرنا الشركات السويسرية أنه لايزال هناك العديد من التحديات، لكن يجرى معالجتها بالتدريج، وترحب سويسرا بالإصلاحات الاقتصادية الكبيرة التى جرت مؤخرا، بما فى ذلك تعزيز الإنفاق على الحماية الاجتماعية المعنى بالفئات الأضعف من السكان، ونحن ندرك الجهود التى تقوم بها مصر لتحقيق تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص من خلال مبيعات الأصول الخاصة “بسياسة ملكية الدولة”، وأعتقد أن الهدف المشترك والشامل هو خلق ظروف إطارية مثلى للقطاع الخاص حتى يحقق الازدهار.
وتعى سويسرا التحديات التى تواجهها البلاد وستظل شريكا لمصر يمكن الاعتماد عليه وهى تمضى فى تنفيذ الإصلاحات المخطط لها، والتى ستعزز ثقة المستثمرين وينبغى أن تؤدى فى نهاية المطاف الى مزيد من الرخاء للبلاد وشعبها.