حث ناريندا موندى، رئيس وزراء الهند، على أهمية تركيز البنك المركزى الهندى على “الاستقرار والثقة” خلال العقد المقبل.
ففي كلمة ألقاها ضمن الاحتفال بالذكرى الـ90 لتأسيس البنك المركزى الهندى، أكد موندى ضرورة العمل على دعم النمو الاقتصادى للبلاد ، حتى تحقق الهند هدفها كى تصبح دولة متقدمة بحلول 2047.
وفي ظل التحديات التى يواجهها مع التفويض واسع النطاق واحتياجات الاقتصاد الهندى، فإن الوقت الحالي هو الأنسب للبنك المركزى الهندى لمراجعة عملياته وهكيلتها وتطويرها.
في أعقاب التقييم الذاتي الأخير للبنك المركزي، حدد هدفًا منذ 2016 للإبقاء على نسبة التضخم بين 2% و6% كأولوية، مع ضمان الحفاظ على النمو الاقتصادى، حسب ما أوضحته مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
ويسعى البنك المركزي الهندي، لاستغلال الوقت الحالى لوضع هدف جديد يتعلق بالسيولة النقدية، خصوصا أنه يحتفظ بأصغر الميزانيات العمومية مقارنة بنظرائه، وهو ما أدى فى كثير من الأوقات إلى تقييد قدرته على إدارة السيولة للقطاعات الضعيفة في الاقتصاد.
وبالنسبة لاقتصاد الهند الذي يعاني من نقص رأس المال، كان تعديل أسعار الفائدة يمثابة أداة تقليدية للبنك المركزى لإدارة السيولة، لكن هذه الاستراتيجية لم تعد كافية نظراً للتنوع المتزايد في النظام المالي.
وينبغي للبنك المركزى الهندي أن يدرك أهمية دعم السيولة في سوق سندات الشركات المحلية، التي لا تزال متوقفة في الهند، ويرجع ذلك إلى أن معظم الإصدارات تجري من خلال الاكتتابات الخاصة بدلاً من المبيعات العامة، ونادرًا ما تُتداول هذه السندات علنًا بعد ذلك.
ونتيجة لذلك، فإن معظم الشركات لا ترى في سوق السندات المحلية مسارًا صالحًا لتمويل الديون، وبالتالي تعتمد بشكل حصري على القروض المصرفية.
وهذا بدوره يضع ضغوطًا تصاعدية على أسعار الفائدة، وهذا يؤدي إلى ارتفاع تكلفة رأس المال الذي يؤدي بعد ذلك إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
للمساعدة في حل هذه المشكلة، ينبغي للبنك المركزى الهندي أن يشجع البنوك التجارية على وضع مزيد من رؤوس الأموال في سندات الشركات من خلال توضيح أن مثل هذه الحيازات يمكن استخدامها كضمان عند اقتراض السيولة من البنك المركزي، بنفس الطريقة التي تستخدمها السندات الحكومية الآن.
ويجب على بنك الاحتياطي الهندي أن يحتفظ بسندات الشركات في ميزانيته العمومية لدعم السيولة في السوق والمساعدة في تشجيع التداول النشط.
يذكر أن البنوك المركزية فى الولايات المتحدة والصين واليابان اتخذت هذا الطريق بالفعل.
اضافة إلى ذلك ولتحقيق التوازن فى إدارة التضخم ودعم النمو فى مختلف قطاعات الاقتصاد الهندى، يحتاج البنك المركزى إلى إعادة التنظيم وإضفاء اللامركزية.
تختلف معدلات التضخم الفعلية الآن بشكل كبير عبر هذه الدولة الكبيرة، مما يؤدي إلى صُنع سياسات مركزي غير ملائمة لاحتياجات مناطق محددة.
ولكي يتمكن البنك المركزى الهندي من أداء واجباته بشكل أكثر فعالية، فلابد من إعادة هيكلته داخل شبكة من البنوك الاحتياطية الإقليمية، على غرار البنوك الاحتياطية الإقليمية الـ12 التابعة لنظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وعلى هذا المنوال، يجب إعادة تشكيل البنك المركزى في أربعة بنوك احتياطية إقليمية أو أكثر، بحيث يكون كل منها مجهزًا لفهم الاحتياجات الاقتصادية الخاصة لمنطقته، وفي وضع جيد يسمح له بالتنسيق مع المؤسسات المالية والشركات الإقليمية.
كما يجب إعادة تنظيم مجلس إدارة البنك المركزى الهندي ولجنة السياسة النقدية، مع منح المقاعد لممثلي البنوك التجارية والقطاع الخاص.
ومن شأن عملية إعادة التنظيم هذه أن تتماشى مع فلسفة مودي المتمثلة في “الحد الأدنى من الحكومة والحد الأقصى من الحوكمة”، وقطع شوطًا طويلاً في طمأنة السوق بأن صُناع السياسات يعرفون ما يقلقهم.
وأخيرا، لابد أن يتوقف الإشراف المصرفي عن كونه الأولوية الأساسية للبنك المركزى الهندي، وينبغي نقل هذه المسؤولية إلى وكالة منفصلة تضم ممثلين عن البنك المركزى الهندي والبنوك التجارية والصناعات الخاصة.
وفى الوقت الذى يتطلع فيه البنك المركزى الهندى نحو المستقبل، هناك حاجة جادة للتأمل الذاتى، لكى يظل البنك ذو أهمية ينبغي أن يتطور باستمرار.
كان البنك المركزى الهندى فعال فى مهتمه حتى الان، لكن تزداد الحاجة لتطوير يصب فى مصلحة الاقتصاد الهندى.