يعمل فى مصر عدد كبير من البنوك الإقليمية والعالمية، بينما لا تمتلك البنوك المصرية تواجدًا ذا بال على المستويين الإقليمى أو الدولى.
ويكاد يقتصر الوجود الخارجى للبنوك المصرية على تحقيق أهداف حكومية مرتبطة بتمويل التجارة المصرية أو تسهيل التحويلات الخارجية أو غيرها من الأهداف الحكومية الأخرى، لكنه لا يعبر عن مجموعات مصرفية قادرة على التوسع الإقليمى أو الدولى، رغم الحجم الضخم للقطاع المصرفى المحلى.
ويوجد تجارب فى توسعات البنوك المصرية خارجيًا، مثل بنوك مصر والأهلى والتجارى الدولى الذى انضم لهما حديثًا، ولكن نصح المصرفيون بضرورة دعمها سياسيا وفنيًا لتعميق تواجد بالخارج بما يعزز الإيرادات الدولارية التى تُدرها.
قال ماجد فهمى، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، إن توسعات البنوك بالخارج تحتاج لقاعدة رأسمالية قوية لذلك فإن بنكا الأهلى ومصر من البنوك المصرية التى امتدت للأسواق العالمية، لكنه شرط صعب التحقق فى بنوك مصرية أخرى، خاصة أن بعضها خلال السنوات الماضية كان يعالج مشكلات هيكلية خاصة به، مثل بنوك “التنمية الصناعية” أو “تنمية الصادرات”.
وأضاف فهمى أن توسعات البنوك بالخارج أحيانًا يكون لها بُعدا سياسيا، لتقوية علاقات دبلوماسية أو خدمة التجارة الخارجية وتنمية الصادرات أو لتنمية الإيرادات بالعملات الأجنبية، لذلك فإن التوسعات الخارجية جاءت من ذراعى الدولة بنكى الأهلى ومصر، رغم أنه كان يُنتظر توسعات خارجية منهم أقوى مما هو قائم حاليًا.
وأوضح أن البنوك المصرية الأخرى قبل أن تتجه للتوسع بالخارج يجب أن تحقق انتشار شامل داخل السوق المحلى، وتُعظم قاعدتها الرأسمالية حتى تتمكن من الانطلاق لتصدير خدماتها.
لماذا تخالف البنوك المصرية الاتجاه العالمى وتواصل فتح فروع؟
وأشار إلى أن زيادة إيرادات البنوك بالعملات الأجنبية عبر الاستثمار فى أدوات الدين بالأسواق الخارجية، تتطلب وجود قاعدة رأسمالية بالدولار حتى تستطيع الاستثمارات فى منتجات متوسطة وطويلة الأجل، لأنه من الصعب استخدام الودائع قصير الأجل فى ذلك.
وحول التواجد الخارجى الحالى للبنوك المصرية، أتم البنك التجارى الدولى فى يناير 2023 استحواذه على بنك “مايفير كينيا”، وأصبح شركة تابعة مملوكة بالكامل تحت اسم “سى آى بى” كينيا المحدود.
وأظهرت القوائم المالية للبنك خلال الربع الأول من العام الجارى، عجزًا بنحو 33.1 مليون جنيه مقابل ربح يقدر بنحو 11.3 مليون جنيه خلال الربع الأول من 2023.
ويتواجد البنك الأهلى المصرى بالخارج بفروع فى إنجلترا، والسودان، وجنوب السودان بالإضافة لفرعى الولايات المتحدة والصين، ومن خلال مكاتب الوكلاء فى دول جنوب إفريقيا، والإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا، إلى جانب شركة البنك الأهلي المصرى – مركز دبى المالى العالمى لتقديم الاستشارات المالية.
ويعتزم البنك فتح فرع له فى السعودية خلال العام الحالى، ليكون ثانى بنك مصرى بعد بنك مصر.
ويتواجد بنك مصر فى الإمارات ولبنان وفرنسا ويخطط لتوسعات أخرى خاصة فى القارة الأفريقية، بينما يمتلك البنك العربى الأفريقى الدولى فروعًا له فى الإمارات، كما يمتلك بنك القاهرة بنك القاهرة كمبالا فى أوغندا.
متولى: التوسعات الخارجية تحتاج الإعداد لها قبل سنوات
وقال طارق متولى، الخبير المصرفى، إن توسع البنوك فى الأسواق الخارجية من الأهداف التى يجب الإعداد لها قبل تنفيذها بسنوات عبر خطط استراتيجية طويلة المدى، لأنها تحتاج كوادر يتم تدريبها وإعدادها قادرة على مواكبة التطور التكنولوجى الهائل فى قطاع البنوك والخدمات المالية والتكنولوجية.
وأضاف متولى، أن الوقود الحقيقى المُحرك للقطاع المصرفى هو عناصره البشرية لأنها صناعة قائمة على الأفكار المتجددة، والبنية التكنولوجية القوية.
وأشار إلى أنه خلال السنوات الماضية ركزت البنوك المصرية على الإصلاحات الهيكلية الداخلية، وكان من الصعب التفكير فى التوسعات الخارجية آنذاك، ولكن حاليًا من الممكن الإعداد لذلك الهدف، مع ضرورة الاستعانة بالخبرات الأجنبية فى هذا الشق.
وذكر أن نموذج البنك التجارى الدولى من النماذج الناجحة التى يجب تعميمها على البنوك المصرية الراغبة فى التوسع الخارجى، وتطرق إلى أن تعظيم الإيرادات بالعملات الأجنبية يتطلب قاعدة رأسمالية بالعملة الأجنبية.