بعد أقل من يوم على فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية والذى أثار مخاوف بشأن مستقبل التجارة الحرة، بدأ بعض المستشارين للشركات الدولية فى الصين بالبحث عن بوادر أمل.
على هامش أكبر معرض تجارى فى شنغهاى، أشار كاميرون جونسون إلى مقابلة للرئيس المنتخب أجريت فى شيكاغو فى أكتوبر؛ حيث قال ترامب، إنه «لا توجد رسوم جمركية.. كل ما عليك فعله هو بناء مصنعك فى الولايات المتحدة ولن تكون هناك رسوم».
جونسون، وهو شريك بارز فى شركة «تايدل ويف سوليوشنز»، يرى أن هذا النهج قد يشجع الشركات الصينية على التوسع فى الولايات المتحدة، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
رغم تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية، وإعلانه مؤخراً عن فرض رسوم بنسبة 25% على جميع الواردات من كندا والمكسيك و10% إضافية على المنتجات الصينية، هناك آراء متناقضة بين بعض مجتمع الأعمال الأمريكى المرتبط بالصين.
يقول ديفيد أدلمان، مستشار لشركة «كران شيرز»، المتخصصة فى الأسهم الصينية والمرتبطة بالكربون المدرجة فى الولايات المتحدة وسفير أمريكى سابق لدى سنغافورة: «نتبنى وجهة نظر مفادها أن ولاية ثانية لدونالد ترامب قد تكون جيدة للعلاقات الأمريكية الصينية، على الرغم من أن ذلك يبدو غير منطقى».
وأضاف: «لدى ترامب فرصة مشابهة لتلك التى شهدها نيكسون مع زيارته للصين.. لا أحد يتهم ترامب بالتساهل مع الصين، ما يضعه فى موقع قوى للتفاوض على صفقة تعود بالنفع على الطرفين».
بغض النظر عما سيحدث لاحقاً، تعكس هذه التكهنات مدى التغير العميق الذى شهده العالم خلال العقود الأخيرة، فقد اتجهت الشركات الدولية إلى الصين بسبب تكاليف التصنيع المنخفضة والبنية التحتية المتطورة، أما الآن، فإنَّ التكنولوجيا الصناعية الصينية تمثل تحدياً تنافسياً.
يرى المتفائلون أن الشركات الصينية قد توافق، تحت إدارة ترامب، على الاستثمار المباشر فى الولايات المتحدة للوصول إلى سوقها دون رسوم جمركية.
ومثل هذه الاستراتيجية قد تشمل قيوداً تعكس القيود المفروضة فى الصين منذ فتح أسواقها فى الثمانينيات.
كما أن خطط الاتحاد الأوروبى للمطالبة بنقل التكنولوجيا من الشركات الصينية تسير فى الاتجاه نفسه.
مرونة ترامب فى التفاوض
يقول كينت كيدل، رئيس شركة «بلو أوشن أدفايزرز»، إن «إمكانية التوصل إلى صفقة تجارية لا تزال غير واضحة بالنظر إلى نهج ترامب المتغير». لكنه يشير إلى أن الرئيس المنتخب قد يكون مرناً فى سياساته، خاصة إذا قدمت شركة صينية عرضاً كبيراً مثل استثمار بقيمة 5 مليارات دولار وخلق 10 آلاف وظيفة فى الولايات المتحدة.
أضاف «أدلمان»، أن ترامب يرى نفسه «مفاوضاً بارعاً»، مشيراً إلى اتفاق التجارة الوحيد بين الولايات المتحدة والصين الذى تم التوصل إليه فى نهاية ولايته الأولى عام 2020.
كما أنه يتوقع أن «أى خطوات عدوانية جديدة تتعلق بالرسوم الجمركية أو قيود التصدير ستكون جزءاً من محاولة طويلة الأجل لتهيئة الظروف المناسبة لإبرام صفقة كبيرة بين الولايات المتحدة والصين».
كجزء مما يُعرف باتفاق التجارة «المرحلة الأولى»، سمحت الصين للبنوك الاستثمارية الأجنبية بامتلاك شركاتها بشكل كامل داخل البلاد، وهى التى كان يتعين عليها سابقاً العمل من خلال شراكات مشتركة، وذلك قبل الموعد المتوقع.
ويأمل المتفائلون فى جوهرهم فى التوصل إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
تحديات واقعية
مثل أى نظرية أخرى، قد تواجه هذه النظرية صعوبات كبيرة عند تطبيقها على أرض الواقع.. فالشركات الصينية الكبرى، إذا توسعت فى أمريكا، ستواجه ليس فقط تكاليف عقابية مقارنة بأسواق أخرى؛ بل أيضاً بيئة سياسية تزداد عدائية.
كما أن بكين على الأرجح لن تكون متحمسة لمشاركة تقنياتها الخاصة.
وحتى إذا تم تحقيق توافق على الورق، قد لا تسير الاتفاقية كما هو مخطط لها، خاصة فى ظل الفجوة الموجودة بين الأنظمة الاقتصادية الأمريكية والصينية فى مجالات أخرى.
وعلى الرغم من التنازلات التى قُدمت فى الاتفاق التجارى الأول، لا تزال البنوك الأمريكية تواجه صعوبات داخل الصين فى الأعوام الأخيرة وسط تحول البلاد بعيداً عن تمويل القطاع الخاص نحو سياسات صناعية مركزية.
هذه التطورات، إلى جانب ضعف الزخم الاقتصادى، جعلت من الصعب على ممثلى الأعمال الأمريكيين إقناع المستثمرين والعملاء والمديرين بجاذبية الصين المستمرة.
يقول «كيدل»: «لم يعد الاستثمار كما كان فى السابق». وبعيداً عن التجارة، ازدادت المخاوف بشأن احتمالية حدوث صراع بين الولايات المتحدة والصين. لكن بالنسبة لجونسون، فإن صفقة تجارية قد تخفف من هذا التهديد، مضيفاً «تخيلوا وجود 10 آلاف شركة صينية فى الولايات المتحدة.. سيكون ذلك رادعاً هائلاً».