شهد مؤشر أداء القطاع العقاري لأسهم الشركات المدرجة بالبورصة المصرية أداء متباينًا خلال العام الجاري، حيث سجل ارتفاعًا بواقع 19.2% خلال الربع الثالث من العام الجاري، سبقه ارتفاع بواقع 2.9% فى الربع الثانى من 2024، فيما كان الارتفاع القياسي بالربع الأول بواقع 54%.
وتعكس تلك البيانات التفاوت فى أداء القطاع رغم ازدياد وتيرة الأحداث من صفقة رأس الحكمة التى وقعتها الحكومة مع شركة أبوظبي التنموية القابضة، إلى جانب الارتفاع المتزايد فى أسعار العقارات بدفع أساسي من التضخم وسعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وقال محمود جاد، رئيس قسم البحوث بشركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن أداء القطاع العقارى ارتبط بأداء السوق، ولكن أداء الأسهم منفردة تباين، حيث هناك أسهم تفوقت على أداء السوق، واخرى تراجعت أدناه.
وأوضح أن ذلك جاء نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار المبيعات، مما أسهم فى نمو حجم مبيعات الشركات وتحقيقها نتائج قياسية.
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار أسهم الشركات جاء نتيجة إعادة تقييم أصولها بناءً على معدلات التضخم وارتفاع سعر الدولار، مما أدى إلى تحقيق الأسهم مستويات مرتفعة خلال العامين الأخيرين. ومع ذلك، أشار إلى أن بعض هذه الأسهم تتداول حاليا أدنى قيمها العادلة.
وأضاف أن السوق يحتاج إلى سيولة قوية لدفع هذه الأسهم للاقتراب من قيمتها العادلة، متوقعاً أن تشهد القوى الشرائية زيادة مع تراجع معدلات الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وتابع أن النظرة العامة لأسهم القطاع العقارى والقطاعات المرتبطة به شهدت تغييرًا إيجابيًا بعد توقيع اتفاقية تطوير رأس الحكمة.
وأوضح أن هذا التغيير جاء نتيجة لتحسن أداء الاقتصاد المصرى، وتراجع عقود مبادلة مخاطر الائتمان، فى ظل توافر استثمارات أجنبية مباشرة، بالإضافة إلى الاتفاق الذى أبرمته مصر مع صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن أبرز الأسهم العقارية التى ستستفيد خلال الفترة المقبلة هى تلك المرتبطة بمشروعات كبرى أو التى تمتلك أذرعًا فى مجالى الفندقة والسياحة، بالإضافة إلى أسهم الشركات التى تعمل فى القطاعات السابقة واللاحقة للتطوير العقاري.
وأضاف أن الأسهم غير المرتبطة بهذه المشاريع ستستفيد أيضًا من إعادة تسعير القطاع بشكل إيجابي.
وارتفع سهم سوديك منذ بداية العام بنحو 174% بينما ارتفع كل من “طلعت مصطفى” و”بالم هيلز” بحوالى 136% و125% على التوالى، فيما بلغ نمو سهم “إعمار مصر” 100% بناءً على إغلاق الأسبوع الماضي.
السعدنى: توقعات بتاطؤ أداء مؤشر أسهم القطاع العقارى الفترة المقبلة
وقالت مريم السعدنى، محلل القطاع العقاري بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، إن العام الجارى شهد نموًا ملحوظًا فى القطاع العقارى، مدفوعًا بإقبال المصريين على الاستثمار فى العقارات.
وأرجعت ذلك إلى أزمة نقص العملة وتوجه المستهلكين للتحوط من خلال الأنشطة المختلفة، وعلى رأسها القطاع العقاري.
وأضافت السعدنى، أن أغلب أسهم الشركات تألقت منذ العام الماضى، حيث استفادت مجموعة طلعت مصطفى من دخول أسواق جديدة وتوسعاتها فى قطاع الفندقة، مشيرة إلى أن ذلك دفع مراكز البحوث إلى تعديل تقييماتها، مما أدى إلى ارتفاع سعر السهم، بينما استفادت شركات أخرى، مثل أوراسكوم للتنمية، من تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار. كما أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى زيادة أسعار العقارات ومبيعات هذه الشركات، مما مكن شركات مثل سوديك وبالم هيلز من تحقيق مبيعات وأرباح قياسية.
وتابعت أن شركة “إعمار” تتمتع بسيولة مرتفعة ومركز مالى قوى، مما يعزز ثقة المستثمرين ويشجعهم على اللجوء إلى سهم الشركة، خاصة مع ارتفاع معدلات الفائدة.
وذكرت أن نمو مؤشر القطاع العقارى سيتباطأ مقارنة بالعام الجارى، خاصة مع استقرار سعر الصرف، والتوقع بعدم حدوث تحركات كبيرة فى سعر الصرف كما كان فى السابق، موضحة أن تراجع معدلات التضخم سيؤدى إلى توجه المستثمرين نحو وسائل استثمارية أخرى.
ولفتت إلى أن غياب المحفزات عن القطاع العقارى، على الرغم من تداول الأسهم بأقل من قيمتها العادلة، سيؤثر على اختيارات المستثمرين ويجعلهم يتوجهون نحو القطاعات التى تتمتع بمحفزات أكبر.
واستطاعت مجموعة طلعت مصطفى تحقيق مبيعات تعاقدية بمشروع ساوث ميد بالساحل الشمالى تخطت 280 مليار جنيه “ما يعادل 5.6 مليار دولار”، منذ إطلاق المشروع فى بداية شهر يوليو الماضى، وفقا لبيان الشركة بنهاية سبتمبر.
شفيع: الأداء الإيجابى للقطاع سيستمر نظرًا لمعدلات الإقبال على الشراء
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن الاستحواذات والصفقات الكبرى التى تمت خلال الفترة الماضية قدمت دعمًا كبيرًا للشركات، خاصة تلك التى اتجهت نحو الاستثمار فى العقارات السياحية، مثل مجموعة طلعت مصطفى، سوديك، إعمار، وأوراسكوم للتنمية، التى تعمل فى هذا القطاع بالفعل.
ولفت إلى أن الاستثمارات الكبرى التى شهدها السوق خلال العام الجارى، بالتعاون مع الصناديق السيادية، تهدف أساسًا إلى تحقيق أهداف استراتيجية على مستوى الدولة، تشمل جذب استثمارات أجنبية مباشرة مستدامة، بالإضافة إلى تعمير مساحات واسعة.
وأضاف شفيع أن غالبية الخبراء يتوقعون استمرار الأداء الإيجابى للقطاع العقارى، نظرًا للزخم الكبير فى الإقبال على شراء العقارات، مما يعزز جاذبيته.
وأشار إلى الدور الذى تلعبه القطاعات المرتبطة بالعقارات، مثل شركات السويدى إلكتريك، وأوراسكوم كونستراكشون، بالإضافة إلى القطاع البنكى، الذى يُعد الممول الأساسى لهذه الأنشطة.
أبوغنيمة: لا تزال هناك فرصة لنمو أسهم الشركات العقارية
وتوقع باسم أبوغنيمة، رئيس قسم التحليل الفنى، أن تسهم الصفقات الكبرى فى تعزيز نمو أسهم القطاع العقارى فى مصر.
وأشار إلى أن ذلك يأتى نتيجة استحواذات كبرى مثل استحواذ شركة الدار الإماراتية على سوديك، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات تطوير ضخمة مثل مشروع رأس الحكمة، مع اشتراط الحكومة إسناد تنفيذ هذه المشروعات لشركات مصرية. وأوضح أن هذه المشروعات الضخمة ستجذب جميع شركات التطوير العقارى كافة، كما ستعمل الشركات الكبرى على إسناد عدة مشروعات للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف أن العام الجارى شهد صعودًا شاملًا للسوق، يتقدمه القطاع العقارى الذى عادة ما يسبق حركة السوق. وأوضح أن العقار فى مصر يُعد مخزنًا للقيمة بالنسبة للمستهلكين، كما يمثل وسيلة للتحوط ضد انخفاض قيمة الجنيه. وأشار إلى تبادل الأدوار بين أسهم الشركات العقارية الكبرى وأسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتابع أن الربع الثانى شهد تراجعًا طفيفًا نتيجة انخفاض السوق بشكل عام بنحو 10 آلاف نقطة، ومع ذلك، لايزال القطاع العقارى يُعد من أبرز القطاعات فى السوق، إلى جانب القطاع البنكى وقطاعات الخدمات المالية غير المصرفية، والأغذية، والأدوية.