يشهد قطاع الغزل والنسيج مرحلة تحول محوري مع تزايد اهتمام المستثمرين الأجانب بضخ رؤوس أموال جديدة فى القطاع، فى ظل ما يتمتع به من مزايا تنافسية وموقع جغرافي وتوافر قاعدة صناعية قائمة قابلة للتطوير.
ويرى مصنعون أن دخول كيانات أجنبية فى تصنيع الخيوط والألياف، سيحدث نقلة نوعية فى بنية القطاع، خاصة مع توفير جزء كبير من احتياجات السوق المحلى من المواد الخام، بما ينعكس إيجابًيا على تنافسية المنتج المصري في الأسواق الخارجية.
قال محمد المرشدي، رئيس جمعية مستثمرى العبور، إن دخول الاستثمارات الأجنبية فى قطاع الغزل والنسيج يمثل قيمة مضافة حقيقية للقطاع، لاسيما فى ظل توافر المواد الخام التى كانت تعتمد بالكامل على الاستيراد.
وأضاف لـ«البورصة»، أن هذه الاستثمارات من المتوقع أن تسهم فى توفير نحو 55% من احتياجات القطاع من الخيوط البوليستر والألياف الصناعية، والتى تمثل مكونا رئيسا فى إنتاج الأقمشة.
أشار المرشدي، إلى أن القطاع كان يعتمد بنسبة 100% على الاستيراد لتأمين هذه الخامات، مما يمثل عبئا على التكاليف والعملة الأجنبية، مؤكدا أن المنافسة الناتجة عن دخول هذه الاستثمارات ستكون لصالح جودة المنتج المصري.
أبوالعينين: مستثمرون سودانيون يعتزمون تشغيل 400 طن من القطن المحلوج
وقال حمدى أبوالعينين رئيس جمعية منتجي الغزل والنسيج بشبرا الخيمة، إن رجال أعمال سودانيين أبدوا رغبتهم فى ضخ استثمارات مباشرة فى القطاع، عن طريق تشغيل نحو 400 طن من القطن المحلوج متوسط وقصير التيلة داخل المصانع المصرية، وذلك كخطوة أولية لدراسة السوق قبل ضخ استثمارات فى إنشاء مصانع سودانية بمصر.
وأضاف أنه تم التنسيق بين المستثمرين السودانيين والشركة القابضة للغزل والنسيج، لبدء التعاون مع المصانع الحكومية، ومن المنتظر انطلاق الإنتاج خلال أسبوع من توقيع العقود الرسمية.
أشار أبوالعينين، إلى أن القطاع مازال يواجه عدة تحديات، من بينها الإجراءات الروتينية والتعقيدات الإدارية أمام المستثمرين الجدد، ونقص قطع غيار ماكينات الغزل والنسيج، وضعف العمالة الفنية المدربة، إلى جانب ارتفاع تكلفة الكهرباء والمياه، فضلاً عن اشتراطات تأجير المصانع التى تتطلب تشغيلا مسبقا لمدة ثلاث سنوات قبل الإيجار.
الأباصيرى: التدفقات الصينية والتركية قد ترفع صادرات الغزل إلى 10 مليارات دولار
من جانبه، قال عبد الغنى الأباصيري، عضو غرفة الصناعات النسيجية ورئيس جمعية مستثمرى 15 مايو، إن تدفق الاستثمارات الصينية والتركية إلى قطاع الغزل والنسيج المصرى يعزز قدرة القطاع على التوسع التصديري، خاصة فى ظل اعتماد تلك المصانع على إنتاج المواد الخام والألياف الصناعية.
اضاف أن المصانع الصينية لم تبدأ نشاطها بعد، لكنه يتوقع أن يرتفع حجم صادرات القطاع من 4 مليارات دولار حاليا إلى 10 مليارات دولار بنهاية العام، بدعم حكومي لجذب الاستثمارات وتحفيز الصادرات.
اقرأ أيضا: مصر تبحث شراكة كورية لتطوير صناعة الغزل والنسيج
وأشار الأباصيري، إلى أن الاستثمارات التركية تمثل نموذجا ناجحا، مستشهدا بمصنع تركي في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يُنتج لصالح علامات تجارية عالمية، ويصدر أكثر من 30 طنا من الملابس والمنسوجات يوميا، بما يسهم في توفير العملة الأجنبية.
ولفت إلى أن تكلفة المادة الخام تمثل نحو 25% من المنتج النهائي، مؤكدا أن زيادة نسبة المكون المحلي ستعزز من تنافسية المنتجات، كما طالب وزارة التعليم بتوسيع برامج التعليم الفني لتوفير العمالة المؤهلة للقطاع.
وبحسب تصريحات سابقة لهانى سلام، رئيس المجلس التصديرى للغزل والمنسوجات، فإن صادرات القطاع سجلت نموا إيجابيا خلال الربع الأول من عام 2025، محققة 290 مليون دولار، مقارنة بـ276 مليون دولار خلال الفترة نفسها من 2024، بنسبة زيادة 5%.
الشريف: فرصة لنقل التكنولوجيا الحديثة وتوفير فرص تدريب للعمالة المحلية
وقال أحمد الشريف مدير التصدير بالشركة المصرية للغزل والنسيج، إن تطوير زراعة القطن قصير التيلة محليا، يمثل مدخلا استراتيجيا لتقليل الاعتماد على الخامات المستوردة، مطالبا بتوفير بذور عالية الجودة، وتحفيز المزارعين بالتسعير المناسب، وربط حلقات الإنتاج بين الزراعة والصناعة.
أضاف لـ”البورصة”، أن دخول الشركات الأجنبية يسهم في تغطية 20 ـ 30% من احتياجات القطاع من الخامات في مراحلها الأولى، خاصة إذا توازى ذلك مع التوسع في زراعة الأقطان قصيرة التيلة.
وأوضح الشريف، أن زراعة القطن قصير التيلة في مصر تواجه تحديات، أبرزها نقص البذور، وتدني العائد الاقتصادي مقارنة بمحاصيل أخرى، معتبرا أن الاستثمارات الأجنبية في قطاع الغزل والنسيج تمثل فرصة مزدوجة، من شأنها إحداث نقلة نوعية في الصناعة من خلال نقل التكنولوجيا الحديثة وتوفير فرص تدريب للعمالة المحلية، ولكن يجب تنظيم هذا التوسع بما يضمن التكامل مع المصانع الوطنية وليس مزاحمتها بشكل غير عادل.
وتابع:” القطاع يواجه عددا من التحديات الهيكلية، على رأسها ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء، والتي تزيد من تكلفة التشغيل رغم جهود الحكومة في دعم الصادرات، بالإضافة إلى ضعف توافر العمالة المدربة، والماكينات القديمة في عدد كبير من المصانع، الأمر الذي يضعف تنافسية المنتج المحلي في مواجهة المستورد الأرخص والأعلى جودة”.