تتصاعد وتيرة سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، ومع اندفاع عمالقة التكنولوجيا نحو الهيمنة، يعرضون ملايين الدولارات أمام مجموعة صغيرة من المتخصصين فيما بات يُعرف بـ”حرب المواهب في الذكاء الاصطناعي”.
وتتنافس شركات كبرى مثل “ميتا بلاتفورمز” و”مايكروسوفت” و”جوجل” على استقطاب أبرز الباحثين لتعزيز أقسام الذكاء الاصطناعي لديها والسيطرة على سوق بمليارات الدولارات.
الرئيس التنفيذي لـ”ميتا” مارك زوكربيرج، بدأ مؤخراً حملة توظيف مكلفة لدعم مختبرات الشركة الجديدة، شملت استقطاب ألكسندر وانج، الشريك المؤسس لشركة “سكيل إيه آي”، ضمن استثمار بقيمة 14 مليار دولار.
في المقابل، كشف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي”، أن زوكربيرج حاول إغراء مواهب الشركة بعروض تتضمن مكافآت توقيع تصل إلى 100 مليون دولار وحزم تعويضية أكبر.
أما “جوجل”، فقد نجحت في جذب فارون موهان، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “ويندسيرف” الناشئة في مجال برمجة الذكاء الاصطناعي، للانضمام إلى “ديب مايند” في صفقة بلغت 2.4 مليار دولار.
من جهتها، وظفت “مايكروسوفت” بهدوء أكثر من عشرين موظفاً سابقاً في “جوجل ديب مايند”، بحسب ما نقلته شبكة “سي إن بي سي” الإخبارية الأمريكية.
يقول ألكساندرو فويكا، رئيس الشؤون المؤسسية والسياسات في منصة الفيديو “سينثيزيا”، إن الطلب على المواهب ارتفع بشكل غير مسبوق بينما ظل العرض ثابتاً، ما تسبب في تضخم الأجور، مؤكداً أن تعويضات بملايين الدولارات لم يشهدها القطاع من قبل.
وأوضح أن تكلفة بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التي تقف وراء منتجات مثل “تشات جي بي تي” تصل إلى مليارات الدولارات، ما يجعل الشركات ترى أن إنفاق 10 ملايين دولار على مهندس استثمار، منخفض نسبياً مقارنة بالكلفة الإجمالية.
تقرير حديث لمعهد الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد أظهر أن بناء نموذج نموذج “جي بي تي 4” كلف 79 مليون دولار في 2023، بينما بلغت تكلفة “جيميني 1.0 ألترا” من “جوجل” 192 مليون دولار، و”لاما 3.1-405B” من “ميتا” 170 مليون دولار في 2024.
في هذا السياق، ارتفعت أجور مهندسي التعلم الآلي بشكل كبير، حيث تصل في بريطانيا إلى ما بين 140 ألف و300 ألف جنيه إسترليني سنوياً، بينما يبلغ متوسطها في الولايات المتحدة 175 ألف دولار، وتصل إلى 300 ألف دولار في المناصب العليا.
هذا الواقع خلق ما يشبه “سوقاً ملتهباً”، حيث عرض زوكربيرج، بحسب تقارير، 250 مليون دولار على الموهبة الشابة مات ديتكه، البالغ 24 عاماً، والذي ترك برنامج الدكتوراه في علوم الحاسوب بجامعة واشنطن.
وأكد زوكربيرج أن هناك “قسطاً مطلقاً” للمواهب النادرة في هذه السوق، رغم نفيه دقة بعض التفاصيل المتداولة.
لكن في المقابل، تواجه العديد من الشركات الناشئة والصناعات التقليدية مثل التأمين والرعاية الصحية واللوجستيات صعوبات كبيرة لمجاراة هذه الرواتب الضخمة، ما يترك فجوة هائلة في الابتكار.
ويرى خبراء أن هذه الشركات ستضطر للاختيار بين العمل في شركات التكنولوجيا الكبرى برواتب مرتفعة وبيروقراطية، أو الانضمام إلى شركات ناشئة برواتب أقل لكن بفرص تأثير أكبر.
وحتى تنخفض تكلفة بناء نماذج الذكاء الاصطناعي، سيظل الطلب الكبير والأجور الفلكية لهذه الكفاءات قائماً.








