حذّر كبار التنفيذيين في قطاع الصلب الأوروبي من أنّ صناعتهم مهددة بالانهيار ما لم تتدخل المفوضية الأوروبية بفرض رسوم جمركية على الواردات الرخيصة، على غرار ما فعلته الإدارة الأمريكية في الفترة الأخيرة.
وجاء التحذير- حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في سياق تقرير لها اليوم الأحد- وسط تزايد الضغوط الناتجة عن واردات الصلب الصينية منخفضة الأسعار وكذلك الرسوم المرتفعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صادرات الاتحاد الأوروبي.
وفي لقاء أجرته مع الصحيفة، قالت إيلس هيني، المديرة التنفيذية في شركة تيسينكروب Thyssenkrupp الألمانية ورئيسة مجلس الإشراف على قطاع الصلب بالشركة: “نحن بحاجة إلى الحماية، وإلا فلن نتمكن من البقاء كصناعة للصلب”.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز” في تقريرها أن القطاع الأوروبي كان يعاني أصلاً من صعوبة المنافسة مع المنتجات الصينية ومن تكاليف الطاقة المرتفعة قبل أن يفرض ترامب هذا العام رسومًا بنسبة 50% على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، وهي خطوة أثارت مخاوف من أن تتدفق كميات إضافية من الصلب الرخيص إلى السوق الأوروبية بعدما مُنعت من دخول السوق الأمريكية.
ورغم أن هيني لم تحدد نسبة الرسوم المطلوبة على واردات الصلب، لكنها حذرت- وفقًا للصحيفة- من أنّ الاستيراد ما يزال يتزايد في وقت يعاني فيه الطلب المحلي من الركود. وكانت فرنسا وعشر دول أخرى، بينها إيطاليا وإسبانيا، قد اقترحت في وقت سابق فرض رسوم 50% على الواردات التي تتجاوز حصة محددة، بهدف خفض الكميات إلى النصف.
وتساءلت المسئولة الأوروبية: “هل نريد أن نواصل صناعة السيارات في أوروبا؟! نعم أم لا؟ هل نريد أن نصنعها باستخدام الصلب الأوروبي؟ إذا كانت الإجابة نعم، لأسباب كثيرة، فعلينا أن نتخذ قرارات الآن”.. وأشارت إلى أن قطاع الصلب يعد من الصناعات الثقيلة الأساسية التي تهتم بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في إطار مساعيها لوقف التراجع الاقتصادي العام في الاتحاد الأوروبي.
ووفق بيانات اتحاد صانعي الصلب الأوروبي “Eurofer”، أُجبر القطاع على خفض 18 ألف وظيفة عام 2024، ليضاف ذلك إلى 90 ألف وظيفة فُقدت منذ عام 2008، في حين تعهدت المفوضية الأوروبية، من جانبها، بالكشف عن آلية جديدة لحماية القطاع هذا الشهر، لكنها لم تفصح بعد عن تفاصيلها. وكانت قد فرضت رسومًا بنسبة 25% على واردات الصلب عام 2019، خلال الولاية الأولى لترامب، لكنها خففت هذه الإجراءات تدريجيًا في وقت لاحق.
وكان اتحاد صانعي الصلب الأوروبي قد أعلن مؤخرًا أن دول الكتلة استوردت في 2024 نحو 28 مليون طن من الصلب، ما يمثل ربع إجمالي المبيعات، وهو ضعف الكمية التي استوردها عام 2012/2013 عندما بدأت الصين تصدير كميات كبيرة، وتوقع بأن القطاع مهدد بخسارة معظم صادراته السنوية البالغة 3.8 مليون طن إلى الولايات المتحدة بسبب الرسوم الأمريكية.
وطالبت فرنسا والدول العشر الأخرى أيضًا بتفعيل قاعدة “الصهر والصب” المعمول بها في أمريكا، والتي تمنع تمرير الصلب الصيني عبر دول ثالثة للالتفاف على الرسوم.
وكانت المفوضية تأمل التوصل إلى خفض الرسوم الأمريكية على الصلب والألمونيوم ضمن اتفاقية تجارية مع واشنطن في يوليو الماضي، لكن الرسوم لا تزال قائمة رغم تعهد الطرفين بمواصلة المفاوضات حول كيفية التعامل مع فائض الإنتاج العالمي.
وفي رسالة إلى فون دير لاين الشهر الجاري، قال اتحاد صانعي الصلب الأوروبي: “من المستبعد جدًا أن توافق الولايات المتحدة على نظام حصص أو إعفاءات كبيرة في المستقبل القريب، إن حدث ذلك أصلاً”، مضيفًا أنّ “صناعة الصلب الأوروبية هي الأكثر تضررًا بين كل الصناعات الأوروبية”.
كما دعا الاتحاد إلى إنشاء نظام حصص استيراد معفاة من الرسوم لبعض المنتجات التي يحتاجها أعضاؤه، مع فرض رسوم مرتفعة على الكميات التي تتجاوز هذه المستويات. وأكد أن “إجراءً أوروبيًا فعالاً قائمًا على الطاقة الإنتاجية سيؤمن بقاء صناعة الصلب الأوروبية ويساعدها على إنجاز عملية إزالة الكربون، كما سيُظهر للولايات المتحدة أن الاتحاد الأوروبي يشارك في حماية الأسواق من فائض الطاقة الإنتاجية العالمية”.








