وضع قرار خفض الفائدة الذي اتخذته لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ، العديد من القطاعات الاقتصادية أمام مرحلة جديدة، إذ من المتوقع أن يستفيد بعضها من تراجع تكلفة الاقتراض، وعلى رأسها القطاعان الصناعي والسياحي، بجانب القطاع المصرفي.
وقررت اللجنة، أواخر أغسطس الماضي، خفض أسعار الفائدة 2% إضافية ، بإجمالي خفض منذ بداية العام بلغ 5.25%، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة الواحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 22%، و23% و22.5% على الترتيب.
ويُسهم خفض أسعار الفائدة بشكل عام، في تنشيط القطاعات الاقتصادية نتيجة تقليل تكلفة الاقتراض أمام الشركات والأفراد .. الأمر الذي يعزز من فرص التوسع الاستثماري وزيادة معدلات الإنفاق، بل وظهور أنشطة اقتصادية جديدة، ما ينعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد المحلي، خاصة بالقطاعات الأكثر اعتمادًا على التمويل والائتمان.
قال أيمن سليمان الخبير المصرفي، إن قرار خفض الفائدة ينعكس بصورة مباشرة على القطاع المصرفي، مؤكدًا أن خفض تكلفة الإقراض يسهم في تحفيز التقدم للحصول على مزيد من القروض التسهيلات الائتمانية، ما ينعكس إيجابيًا على نشاط البنوك وبالتالي أرباحها.
وأضاف أن خفض الفائدة يترتب عليه مجموعة من التفاعلات الاقتصادية المباشرة، أبرزها زيادة الإنفاق والاستثمار، إذ يقل العبء المالي على الأفراد والشركات، بما يمنحهم قدرة أكبر على الاستهلاك وتنفيذ المشروعات.
كما يشجع القرار على التوسع التجاري، إذ تتمكن الشركات من تمويل خططها التوسعية ومشروعاتها الابتكارية بسهولة أكبر.
وتابع: “في الوقت نفسه، يؤدي تراجع العائد على الودائع إلى التحول من الادخار إلى الاستثمار الحقيقي، ما يدفع عجلة الاقتصاد ونموه”.
أبو الخير: أتوقع انتعاشة للشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر
وأكد أحمد أبو الخير الخبير المصرفي، أن التوسع في تقديم تمويلات وتسهيلات ائتمانية يدعم أرباح البنوك.
وأشار إلى أن القطاع الصناعي ضمن أكبر المستفيدين من خفض الفائدة، إذ إن ارتفاع تكاليف الاقتراض كان يمثل عبئًا على الشركات والمصانع وحجم توسعاتها وقدرتها على تحديث خطوط الإنتاج.
وتابع أبوالخير : ” قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والذي يعتبر أحد أكثر القطاعات تأثرًا بأسعار الفائدة، قد يشهد انتعاشة خلال الفترة المقبلة نظرًا لخفض تكلفة الإقراض الداعم لنشاطه”.
أضاف أن خفض الفائدة يخلق بيئة تنافسية داخل القطاع المصرفي من خلال تسارع البنوك نحو تقديم تيسيرات أكثر مرونة ومنح مزيد من التسهيلات الائتمانية للأفراد والشركات ما يدعم ربحية البنوك.
وعلى صعيد الأفراد، رجح أن يشهد قطاع التجزئة انتعاشة من خلال نمو محفظة القروض الشخصية.
وجيه : قطاع التجزئة بالبنوك مرشح للنمو مدفوعًا بزيادة القوة الشرائية
وقالت شيماء وجيه الخبيرة المصرفية، إن خفض الفائدة يحفز النشاط الاقتصادي نتيجة تقليل تكلفة التمويل وزيادة إقبال الأفراد والشركات على الاقتراض، ما يدعم أداء البنوك.
أضافت أن قطاع الصناعة قد يشهد نموًا نتيجة خفض تكلفة الاقتراض لشراء مستلزمات الإنتاج والتوسع بإنشاء خطوط إنتاج جديدة، ما يرفع القدرة التنافسية في الأسواق المحلية والتصديرية.
وتوقعت أن يشهد قطاع التجزئة نموًا ملحوظًا مدفوعًا بزيادة القوة الشرائية والتوسع في قروض الأفراد.
النعماني : الخفض يدعم رفع نسب توظيف الودائع إلى القروض
وأكد أحمد النعماني، الخبير المصرفي، أن خفض الفائدة ينعش القطاع الصناعي من خلال ضمان استمرار المشروعات القائمة وتسهيل شراء المواد الخام والتوسع في المشروعات.
أضاف أن الخفض يدعم القطاع السياحي عبر تدشين مشروعات جديدة والتوسع بإنشاء وحدات تواكب زيادة أعداد السياح الوافدين ، ويرفع نسب توظيف الودائع إلى القروض لدى البنوك، من خلال التوسع في منح مزيد من التسهيلات الائتمانية.
متولي : رسالة استقرار للأسواق والمستثمرين
و قال على متولي، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إحدى شركات الاستشارات في لندن، إن خفض أسعار الفائدة يمثل أداة مهمة لدعم الاستثمار والإنتاج، ويبعث رسالة استقرار للمستثمرين والأسواق.
وتابع: “القطاع المصرفي ما زال في حاجة إلى مزيد من الشفافية والمرونة في إدارة سعر الصرف، إذ إن تجربة التعويم في مارس 2024 كانت ضرورية، فيما تستدعي المرحلة الحالية آلية تربط الجنيه بالمعروض النقدي والتدفقات الدولارية لمنع حدوث تذبذبات مفاجئة”.
وأكد متولي أن السوق في حاجة إلى مزيد من المبادرات التمويلية خاصة لقطاعي “المشروعات الصغيرة والمتوسطة” و”الصناعات التصديرية”، مؤكدًا أن ذلك يتطلب تطوير نظم الائتمان وتحسين وصول الشركات المنتجة للتمويل، بما يخلق فرص عمل جديدة ويدعم النمو الحقيقي.
الشندويلي : المصانع تواجه عقبات للحصول على تمويلات من البنوك
وقال محمود الشندويلي، رئيس جمعية مستثمري سوهاج، إن المصانع تواجه بعض العقبات في الحصول على تسهيلات ائتمانية من البنوك، مطالبًا بتوفير تسهيلات خاصة للمصانع الصغيرة.
أضاف أن تمويل المصانع الصغيرة يعتبر ضرورة حتمية يلزم النظر إليها، كونها شريحة كبيرة من الصناعة في مصر بشكل عام.
وتابع الشندويلي أن مبيعات المصانع التابعة للجمعية ما زالت ثابتة عند حدود 50 مليون جنيه منذ أن كان الدولار عند مستويات الـ7.5 جنيه، في حين يلزم العمل على مضاعفتها إلى 100 مليون جنيه خاصة مع تراجع قيمة الجنيه خلال السنوات الأخيرة.
أضاف أن تراجع قيمة الجنيه يجعل مصر وجهة استثمارية وقاعدة للتصنيع الموجه للتصدير عبر زيادة مبيعات المصانع وزيادة رأسمالها.
اقرأ أيضا: بعد خفض الفائدة.. هل تظل الأوعية الادخارية جاذبة للعملاء؟
أكد الشندويلي، أن المصانع التابعة للجمعية تلتزم بالوفاء مستحقاتها لدى البنوك في إطار الجدول الزمني المحدد. وحال التأخر في سداد أقساط التمويل تتخذ البنوك إجراءات إنذار أكثر من مرة قبل أن تتم عملية الحجب من قبل البنك.
وشدد على أهمية مرونة التعامل مع المصانع في القرى والمراكز وتفعيل ملف المصانع المتعثرة.
كما طالب وزارة الصناعة بتفقد المناطق الصناعية، وأقرار تيسيرات لتشغيل المصانع المتوقفة، وإعطائها أولوية .
لويس: مصانع الملابس الجاهزة لا تواجه عقبات في التسهيلات الائتمانية
واستبعدت ماري لويس، عضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن تواجه مصانع الملابس الجاهزة عقبات في الحصول على تسهيلات ائتمانية ، موضحة أن البنوك تنهج سياسة مرنة مع المصانع ، حال تعثر أحدها في السداد ضمن الإطار الزمني المحدد.
وأكدت لويس على ضرورة وجود مبادرات بفائدة أقل من سعر “الكوريدور”، لضمان استفادة المستثمرين وتوسع نشاطهم، وبالتالي زيادة حجم الصادرات.
وقال علي حمزة، رئيس جمعية مستثمري أسيوط، إنه حال تأخر أو تعثر أحد المصانع في سداد أقساط التمويل، لا تتخذ البنوك قرارات سريعة ضد العميل، بل تواصل توعية المستثمرين وإعلامهم بالقرارات والتوجيهات الجديدة، ما يعكس مرونة البنوك مع المصانع.
وعلى صعيد قطاع السياحة، قالت مصادر رفضت نشر اسمها، إن المبادرات التي يطلقها البنك المركزي لدعم المستثمرين بالقطاع، لا يتم توظيفها على أرض الواقع بالشكل المرجو، إذ إن الاستفادة منها محدودة.
وأضافت المصادر أن التمويلات التي تمنح ضمن مبادرات البنك المركزي قد تشهد نوعًا من المحاباة، لصالح الشركات والفنادق الكبيرة، على حساب الصغيرة والمتوسطة.
فايز : تطوير الفنادق الشعبية يحتاج دعما ماليا
وقال رامي فايز، عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندقية ورئيس شعبة الفنادق فئة الثلاث نجوم، إن فنادق الشعبة تمثل نحو 59% من إجمالي الطاقة الفندقية بالمقصد السياحي المصري.
أضاف أن تطوير وإعادة إحلال تلك الفئة من الفنادق، المقدرة بنحو 638 فندقاً على مستوى الجمهورية، يجب أن يتم من خلال تيسير الدعم المالى وتخصيص مبادرات لصالحها، مما سيسهم فى إنعاشها وتحقيق عوائد اقتصادية أكثر وجذب مزيد من حركة السياحة.
هزاع : السياحة في انتظار مبادرات تمويلية لنشاطي الفنادق والنقل
ويرى حسام هزاع، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، أنه رغم إطلاق مبادرات تمويلية قوية لدعم السياحة، إلا أن القطاع يحتاج مزيدا من تلك المبادرات لتمويل قطاعي الفنادق والنقل نظراً لأهميتهما الحيوية فى النهوض بالسياحة.
وأوضح أن عددا كبيرا من المستثمرين بالقطاع الفندقي استفاد بالفعل من المبادرات التي طُرحت خلال الفترة الماضية، مطالبا أيضا بمنح حوافز أكثر وإعفاءات ضريبية لتعزيز الاستثمار في القطاع السياحي.
وطالب هزاع بالقضاء على الكيانات غير الرسمية، والتي تمثل خطراً على القطاع الفندقي، خاصة تلك الوهمية التي تعمل في مجال السياحة الدينية دون ترخيص.
وفي أكتوبر 2024، أعلن البنك المركزي المصري بدعم من وزارة المالية، عن مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لدعم القطاع السياحي بفائدة متناقصة قدرها 12%، وهي من أقل معدلات الفائدة المتاحة في السوق.








