استثمرت شركة يونيليفر، خلال السنوات القليلة الماضية نحو 6 ملايين يورو في مشروعات وتقنيات تدعم ممارسات الاستدامة في مجالات المياه والطاقة ومواد التغليف، وتحسين تكاليف التشغيل المستدامة.
قال جيم طارق يوكسيل مدير عام منطقة شمال أفريقيا وبلاد الشام والعراق بالشركة، إن مصر تمثل حجر الزاوية في استراتيجية “يونيليفر” للنمو في المنطقة، مشيرًا إلى أن الشركة تنظر إلى السوق المصري باعتباره مركزًا إقليميًا محوريًا للتصنيع والتصدير يخدم أكثر من 300 مليون مستهلك في شمال أفريقيا وبلاد الشام والعراق.
أضاف في حوار لـ”البورصة”، أن الشركة أسست «يونيليفر مشرق» عام 2001 لتكون قاعدة انطلاق لأعمالها الإقليمية، وهي تضم حاليا أكثر من 1.2 ألف موظف، وتشغّل أربعة مصانع كبرى، ثلاثة منها في مدينة السادس من أكتوبر وآخر فى برج العرب، وتقدم أكثر من 20 علامة تجارية لمنتجات العناية الشخصية والمنزلية والمنتجات الغذائية.
أكد يوكسيل، أن نحو 50% من إجمالي الإنتاج يصدر لأكثر من 30 دولة في خمس قارات، مما يجعل من مصر مركزًا إقليميًا تنافسيًا واستراتيجيًا يعزز مكانة الشركة عالميًا ويُسهم في دعم الاقتصاد المحلي من حيث فرص العمل والتصنيع والتصدير.
وأشار إلى أن “يونيليفر” استثمرت خلال السنوات الأخيرة نحو 5 ملايين يورو في مشروعات وتقنيات تدعم ممارسات الاستدامة في مجالات المياه والطاقة ومواد التغليف، إلى جانب استثمار إضافي بقيمة مليون يورو لتحسين تكاليف التشغيل المستدامة.
أضاف يوكسيل، أن الشركة أدخلت خطوط إنتاج جديدة وتستعد لإطلاق خمسة خطوط إضافية قريبًا لزيادة طاقتها الإنتاجية، كما قامت بنقل بعض عمليات التصنيع من أسواق إقليمية أخرى إلى مصر في خطوة تعكس الثقة الكبيرة في قدرات السوق المصري وموقعه الاستراتيجي.
وأوضح أن هذا التوجه يأتي بالتوازي مع سياسات تحسين الكفاءة التشغيلية وتخفيض التكاليف، بما يعزز مرونة الشركة وقدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية مثل التضخم وتقلبات سعر الصرف.
الاستدامة ركيزة للنمو والتنافسية
أكد يوكسيل، أن يونيليفر تعتبر الاستدامة نهجًا متكاملًا لا يقتصر على المسئولية البيئية، بل يشمل أيضًا تحسين الكفاءة والإنتاجية وخفض التكاليف عبر الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار.
وأوضح أن الشركة لاحظت عالميًا أن العلامات التجارية التي تتبنى ممارسات الاستدامة تحقق معدلات نمو أعلى من نظيراتها، إذ يزداد تقدير المستهلكين للشركات التي تمتلك أهدافًا اجتماعية وبيئية تتجاوز الأرباح المباشرة.
أضاف أن الشركة تعمل على خفض استهلاك المياه والطاقة في مصانعها ضمن استراتيجية متكاملة تشمل خفض دورة حياة التكلفة للمنتجات وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
وأشار إلى أن “يونيليفر” تتبنى منهج التعاون الجماعي مع مورديها وعملائها والمنظمات غير الحكومية والحكومات المحلية لتحقيق التحول نحو اقتصاد أخضر أكثر شمولًا، مؤكدًا أن هذا التعاون يسهم في تسريع المبادرات وزيادة أثرها المجتمعي.
انبعاثات أقل وطاقة متجددة بالكامل
واستعرض يوكسيل، التقدم الذي أحرزته الشركة في مصر ضمن أهدافها العالمية للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2039.
فقد تمكنت يونيليفر مصر من خفض انبعاثات النطاقين الأول والثاني بنسبة 74% منذ عام 2008، وتقليل استهلاك المياه بنسبة 54%، وخفض استهلاك الطاقة بنسبة 24% في جميع عملياتها التشغيلية.
وأكد أن الشركة تواصل العمل للوصول إلى الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2030، من خلال تحديث البنية التحتية للمصانع وتطبيق أنظمة ذكية لرفع كفاءة استخدام المياه والطاقة.
الزراعة الذكية والمياه
تطرق يوكسيل إلى جهود الشركة في إدارة المياه والزراعة المستدامة، مؤكدًا أن المياه العذبة من أكثر الموارد ندرة وأهمية لمصر، وأن الزراعة هي القطاع الأكثر استهلاكًا لها.
وأوضح أن “يونيليفر” أطلقت مشروع “رفع كفاءة استخدام المياه الزراعية” في خزان المغرة الجوفي بمحافظة مطروح بالتعاون مع بنك الطعام المصري، ليستفيد من المرحلة الأولى 153 مزارعًا على مساحة 200 فدان.
ويهدف المشروع إلى تطبيق أنظمة ري وتسميد ذكية، وتنظيم برامج تدريبية متخصصة للمزارعين حول الممارسات الزراعية المستدامة.
ومن المتوقع أن يوفر المشروع نحو 720,000 متر مكعب من المياه سنويًا، أي ما يعادل احتياجات مليون شخص من مياه الشرب، ويسهم في تعزيز قدرة المزارعين على التكيف مع التغيرات المناخية القاسية، وتقليل هدر المياه، وضمان استقرار المحاصيل ودعم سبل العيش والأمن الغذائي للمجتمعات المحلية.
التغليف والاقتصاد الدائري
شدد يوكسيل، على أن التغليف عنصر أساسي في سلسلة التوريد لدى يونيليفر، لكنه أوضح أن الشركة تدرك في الوقت ذاته أهمية الإدارة المستدامة لمواد التغليف عبر دورة حياتها الكاملة.
وأشار إلى أن الشركة اختارت البلاستيك كأحد أولوياتها ال4 في مجال الاستدامة، وتعمل على التحول الجذري من نموذج الإنتاج الخطي إلى نموذج الاقتصاد الدائري الذي يهدف إلى إعادة استخدام المواد وتقليل الفاقد.
وفي مصر، تستثمر “يونيليفر” في تقليل الاعتماد على البلاستيك الخام وزيادة المحتوى المُعاد تدويره في عمليات التعبئة والتغليف، بالتعاون مع شركاء يمتلكون الرؤية ذاتها للحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق أثر بيئي إيجابي دائم.
تمكين المرأة والشباب ودمج ذوي الإعاقة
أوضح يوكسيل، أن الشراكات المجتمعية جزء لا يتجزأ من نموذج أعمال يونيليفر، إذ تؤمن الشركة بأن نجاحها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنجاح المجتمعات التي تعمل فيها.
ومن أبرز مبادرات الشركة برنامج “إرادة” الذي أطلق عام 2013 لتشغيل ودمج الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية، وبدأ بثلاثة موظفين فقط قبل أن يتوسع ليشمل 46 شخصًا يقدمون أداءً تنافسيًا عاليًا.
وهذا البرنامج أصبح نموذجًا مرجعيًا لتوظيف متحدي الإعاقة في بيئات العمل المصرية بفضل نظامه التدريبي المتكامل في مجالي المبيعات والتكنولوجيا.
وأشار إلى أن المرأة تمثل 41% من القوى العاملة في يونيليفر مصر، وتشغل 39% من المناصب القيادية، في تأكيد واضح على التزام الشركة بتمكين المرأة والشباب عبر فرص توظيف وتدريب متكافئة.
وتتوسع مبادرات الشركة إلى الجانب الرياضي والصحي عبر شراكتها مع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) من خلال علامتي «ريكسونا» و«كلير» لتشجيع أنماط الحياة الصحية للشباب.
التحديات والفرص في السوق المصري
يرى يوكسيل، أن التحديات الرئيسية التي تواجه تطبيق استراتيجيات الاستدامة في مصر تتمثل في التضخم وتقلبات سعر الصرف والحاجة إلى بنية تحتية أقوى لإعادة التدوير، بالإضافة إلى رفع الوعي المجتمعي حول قضايا البيئة والاستهلاك المسئول.
ومع ذلك، يعتبر أن مصر واحدة من أقوى وأهم الأسواق في المنطقة بفضل حجمها الكبير الذي يتجاوز 110 ملايين نسمة نصفهم من الشباب، فضلًا عن موقعها الصناعي المتميز الذي يخدم أكثر من 300 مليون مستهلك في شمال أفريقيا وبلاد الشام.
وأوضح أن الشركة تدير أربعة مصانع تُصدر نحو 50% من إنتاجها إلى أكثر من 30 دولة، وتُقدر قيمة صادراتها بنحو 300 مليون يورو من مبيعات التجزئة عالميًا، ما يبرز كفاءة الكوادر المحلية وتعاون الحكومة ومرونة البنية التحتية الصناعية في مصر.
قال يوكسيل، إن مصر أثبتت قدرتها على الصمود أمام الأزمات العالمية مثل جائحة كوفيد-19 والحروب التجارية واضطرابات سلاسل الإمداد، مشيرًا إلى أن هذه المرونة تعكس قوة الاقتصاد المصري وطموح شبابه.
وأكد أن “يونيليفر” ترى في الاستدامة فرصة حقيقية لتعزيز النمو والابتكار وبناء نموذج صناعي وتصديري إقليمي يُحتذى به، مشددًا على أن الشركة ملتزمة بتقديم منتجات عالية الجودة تُجسد قيم الاستدامة، وأن مسئوليتها تتجاوز البيع لتشمل الإسهام الفعلي في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدلًا بحلول عام 2030.







