يشهد سوق خردة النحاس فى مصر، ارتفاعات متواصلة نتيجة صعود السعر العالمى، ونقص المعروض وزيادة الطلب، وسط تحركات التجار للحفاظ على المخزون.
وكشفت مصادر لـ«البورصة، أن اختفاء الكميات المعتادة فى السوق المحلى يشير إلى تحويل جزء كبير من البضاعة إلى منتجات نصف مصنعة لتكون جاهزة للتصدير، وهو ما يقلل المعروض المتاح للتداول المحلى.
وارتفع سعر النحاس فى بورصة لندن للمعادن بنسبة 30% منذ بداية 2025 ليسجل حالياً 11.4 دولار للطن، مقابل 9.6 دولار طن قبل نحو 3 أشهر.
«حنفى»: المصانع تستورد 150 ألف طن خام سنوياً.. ومصر دولة غير منتجة
قال محمد حنفى، مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إن ثمة ارتفاعاً ملحوظاً فى حجم الطلب على خردة النحاس لأسباب متعددة، وهو ما تسبب فى انخفاض الكمية المعروضة وارتفاع الأسعار.
وأضاف لـ«البورصة»، أن حجم استيراد المصانع من خام النحاس النقى يصل إلى 150 ألف طن سنوياً، وبالتالى فإن الزيادات الحالية سترفع أسعار المنتجات التى تعتمد على النحاس بمعدلات كبيرة.
لفت «حنفى»، إلى أن سوق خردة النحاس يعتمد بالكامل على المخلفات المحلية المتاحة فى مصر، وأى محاولة للتهريب الخارجى تؤدى إلى خفض المعروض المحلى، ما يرفع الأسعار ويزيد الطلب على الكميات المتاحة.
وأوضح أن 6 شركات كبيرة ومتوسطة على رأسها مجموعة السويدى تصنع كابلات وأسلاكاً كهربائية ترتكز صناعتها على خام النحاس، و10 شركات تصنع أجزاء أخرى نحاسية وهى المفصلات، والبارات، وأجزاء من الكوالين.
أكد «حنفى»، أن مصر دولة غير منتجة للنحاس، وتعتمد بشكل رئيسى على الخردة فى توفير احتياجات المصانع المحلية من خلال جمعها من هادر المصانع، ثم صهرها وتصنيعها فى شكل قوالب بأشكال متعددة بحسب كل صناعة.
«على»: التجار يفضلون التخزين فى الوقت الحالى ترقباً لزيادات جديدة
وقال محمد على، مالك شركة الوكالة العالمية لتجارة الخردة والمعادن، إن أسعار النحاس تسجل ارتفاعات تدريجية ومتواصلة لتتراوح حالياً بين 450 و470 ألف جنيه للطن، مقارنة بمستويات أقل بشكل واضح خلال الربع الأخير من 2024.
أضاف لـ«البورصة»، أن عدم استقرار الأسعار العالمية ببورصة لندن للمعادن يمثل العامل الأكثر تأثيراً على السوق المحلية، إذ تشهد الأسعار العالمية تذبذباً حاداً يدفع التجار والمستوردين إلى تقييم تكلفة الشراء بشكل يومى، ما ينعكس مباشرة على الأسعار داخل السوق.
وأشار «على»، إلى أن السوق المحلى يعانى أيضاً تراجعاً ملحوظاً فى الكميات المتاحة من الخردة، وهو ما ضاعف وتيرة الارتفاعات نتيجة عدم قدرة المعروض على تلبية احتياجات المصانع.
أضاف أن استمرار الارتفاعات شجع عدداً من التجار على الاحتفاظ بالبضاعة وعدم ضخها فى السوق، سواء لتجنب الخسائر أو ترقباً لزيادات جديدة فى الأسعار.
وتابع: «هذه السلوكيات تسهم فى تعميق حالة الشح بالسوق، خاصة فى ظل غياب تدفقات ثابتة من الإمدادات المستوردة، مطالباً بضرورة وضع آليات رقابية وتيسير إجراءات الاستيراد للمصانع للحد من تفاقم الأزمة».
«عادل»: استمرار التذبذب سيمدد حالة الاضطراب حتى نهاية الربع الأول 2026
وقال مصطفى عادل، تاجر خردة نحاس، إن لجوء بعض التجار لتخزين البضاعة ليس بهدف الاحتكار بقدر ما هو محاولة لحماية رأس المال من الخسارة، خاصة أن الأسعار أصبحت تتغير أكثر من مرة أسبوعياً.
أضاف أن الأسعار فى السوق المحلى ترتفع بمعدل يصل إلى 1000 جنيه زيادة فى الطن شهرياً، وهو ما يدفع التجار للحفاظ على المخزون؛ خوفاً من بيعه ثم إعادة الشراء بأسعار أعلى بكثير.
أشار «عادل»، إلى أن الطلب الفعلى فى السوق ضعيف نسبياً، لكن نقص المعروض يخلق انطباعاً بوجود نشاط قوى، موضحاً أن حجم البضاعة المخزنة خارج السوق قد تصل إلى 20% من إجمالى التداول.
وأكد أن استمرار التذبذب سيجعل السوق مضطرباً حتى نهاية الربع الأول من 2026 على الأقل، مؤكداً أن الأسعار ستظل متقلبة طالما استمرت الضغوط على بورصة لندن.
«سعيد»: خروج النحاس بصورة نصف مصنعه يفاقم نقص المعروض المحلى
وقال على سعيد، تاجر خردة ومعادن، إن السوق المحلى يشهد نقصاً ملحوظاً بالمعروض خلال النصف الثانى من العام الحالى، وهو ما يشير إلى خروج خام النحاس فى صورة منتجات نصف مصنعة، بهدف تصديرها للخارج بقيمة أعلى مقارنة بتداولها كخردة داخل السوق.
أضاف أن هذا التحول فى نمط التداول يسهم بشكل مباشر فى تجفيف المعروض المحلى من خام النحاس والخردة، خاصة مع وجود حوافز تصديرية تجعل تصدير المنتجات نصف المصنعة أكثر ربحية للمصانع وبعض التجار.
وأشار «سعيد»، إلى أن تراجع الكميات المتاحة داخل السوق يعد أحد العوامل الأساسية وراء ارتفاع أسعار الخردة والنحاس الخام، موضحاً أن نقص المعروض يدفع الأسعار للصعود بوتيرة أسرع من المعتاد، فى ظل عدم استقرار الأسعار العالمية.
وتابع: «استمرار خروج الخامات بهذه الصورة دون ضوابط قد يضاعف الضغوط على الصناعات المحلية»، مطالباً بإعادة تقييم آليات التصدير لتجنب حدوث فجوات فى السوق أو ارتفاعات غير مبررة فى أسعار المنتج النهائى.








