تسارع مجموعة “سوفت بنك” لإغلاق تعهد تمويلي بقيمة 22.5 مليار دولار لصالح شركة “أوبن إيه آي” قبل نهاية عام 2025، عبر مجموعة من الوسائل، من بينها بيع بعض الاستثمارات.
وقد تلجأ المجموعة أيضاً إلى قروض الهامش غير المسحوبة والمضمونة بحصتها القيّمة في شركة الرقائق “آرم هولدينغز”، وفق ما أفادت به مصادر لوكالة “رويترز”.
ويُعد هذا الرهان “الشامل” على “أوبن إيه آي” من أكبر رهانات الرئيس التنفيذي لسوفت بنك، ماسايوشي سون، حتى الآن، في إطار سعيه لتحسين موقع مجموعته في سباق الذكاء الاصطناعي.
ولتأمين التمويل، باع سون بالفعل كامل حصة سوفت بنك البالغة 5.8 مليار دولار في شركة “إنفيديا” الرائدة في رقائق الذكاء الاصطناعي، وتخلى عن 4.8 مليار دولار من حصته في “تي-موبايل أمريكا”، كما خفّض عدد الموظفين.
وأبطأ سون معظم صفقات “صندوق الرؤية” التابع لسوفت بنك إلى حد كبير، وباتت أي صفقة تتجاوز 50 مليون دولار تتطلب موافقته الشخصية، بحسب مصدرين تحدثا لـ “رويترز”.
وتعمل المجموعة على طرح مشغل تطبيق المدفوعات “باي باي” للاكتتاب العام، وكان من المتوقع تنفيذ الطرح هذا الشهر، لكنه تأجل بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي استمر 43 يوماً وانتهى في نوفمبر؛ ومن المرجح الآن أن يتم الطرح في الربع الأول من العام المقبل، وقد يجمع أكثر من 20 مليار دولار، وفق مصدر مباشر وآخر مطلع على الجهود.
كما تسعى سوفت بنك إلى تسييل جزء من حصصها في “ديدي جلوبال”، مشغل منصة النقل التشاركي المهيمنة في الصين، التي تعتزم إدراج أسهمها في هونج كونج بعد حملة تنظيمية أجبرتها على شطب أسهمها من السوق الأمريكية عام 2021؛ ويجري حالياً توجيه مديري الاستثمارات في “صندوق الرؤية” نحو صفقة “أوبن إيه آي”.
ويكشف تسابق سوفت بنك لتجميع التمويل عن الضغوط التي تواجه حتى أكبر صانعي الصفقات عالمياً، في ظل محاولاتهم تمويل مشاريع طموحة لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تُقدر قيمتها بمئات مليارات الدولارات.
لدى سوفت بنك خيارات
لم تتلقَ “أوبن إيه آي” بعد كامل المبلغ المتبقي، لكنها تتوقع وصوله بحلول نهاية 2025، وفق ما ينص عليه العقد، بحسب مصادر.
وأضافت المصادر أن لدى سوفت بنك مصادر متعددة للتمويل، تشمل قروض الهامش، والسيولة المتاحة في الميزانية، وحصصاً في شركات مدرجة، إضافة إلى السندات.
ولدى “سون” دوافع قوية لاستخدام مزيج من آليات التمويل للوفاء بالالتزامات؛ فقد أبرمت سوفت بنك في أبريل صفقة للاستثمار في “أوبن إيه آي” عند تقييم 300 مليار دولار.
ومنذ ذلك الحين ارتفع تقييم الشركة بشكل حاد، وهي تجري محادثات -من بينها محادثات مع أمازون- قد ترفع التقييم إلى نحو 900 مليار دولار، مما يمنح سوفت بنك مكاسب دفترية كبيرة عند إتمام الصفقة، وفق أحد المصادر.
وأفادت سوفت بنك بامتلاكها سيولة على مستوى الشركة الأم قدرها 4.2 تريليون ين (نحو 27.16 مليار دولار) حتى 30 سبتمبر، ولا تزال المجموعة تمتلك نحو 4% من “تي-موبايل أمريكا”، مما يجعلها ثاني أكبر مساهم في شركة الاتصالات اللاسلكية بقيمة تقارب 11 مليار دولار بنهاية سبتمبر، وفق بيانات “LSEG”.
وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة الاستثمار، واصلت سوفت بنك دعم شركات ناشئة في الذكاء الاصطناعي مثل “سييرا” و”سكيلد إيه آي”.
“أوبن إيه آي” بحاجة إلى الأموال
تُعد كلٌّ من “أوبن إيه آي” وسوفت بنك مستثمرتين في مبادرة “ستارجيت” البالغة 500 مليار دولار لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي لأغراض التدريب والاستدلال، وهي مبادرة يقول مسؤولون إنها محورية لطموحات الحكومة الأمريكية في الحفاظ على التقدم على الصين في هذا المجال.
كما دفع السباق لبناء مراكز البيانات عمالقة التكنولوجيا، ومنهم “ميتا بلاتفورمز”، إلى الالتزام باستثمارات غير مسبوقة في هذه البنى التحتية –التي تتطلب رقائق وطاقة وتبريداً وخوادم– مع إدخال شركاء ذوي ملاءة عالية لتقاسم المخاطر.
وأثارت هذه النفقات الرأسمالية الضخمة مخاوف بشأن ما قد يحدث إذا لم تحقق الاستثمارات عوائد مماثلة، مما يلوح بشبح انفجار “فقاعة الذكاء الاصطناعي”.
وكانت سوفت بنك قد تعهدت في أبريل باستثمار ما يصل إلى 30 مليار دولار في “أوبن إيه آي”، حصلت الشركة منها على 10 مليارات دولار في الشهر نفسه، أما الدفعة المتبقية فكانت مشروطة بتحول “أوبن إيه آي” إلى شركة هادفة للربح بحلول نهاية العام، وهو هدف طموح حققته الشركة في أكتوبر.
احتدام المنافسة من جوجل
ويُعد التمويل الجديد حاسماً لتغطية التكاليف المتزايدة لتدريب وتشغيل نماذج “أوبن إيه آي” مع احتدام المنافسة من “جوجل” التابعة لشركة “ألفابت”.
وقال الرئيس التنفيذي سام ألتمان لموظفيه مؤخراً إن الشركة دخلت مرحلة “الإنذار الأحمر” لتحسين “تشات جي بي تي”، مع تأجيل إطلاق منتجات أخرى لصد الزخم الذي يحققه “جيميني” من جوجل.
وفي أكتوبر، قال ألتمان إن “أوبن إيه آي” تستهدف بناء 30 جيجاواط من القدرة الحاسوبية بتكلفة 1.4 تريليون دولار، وإنه يطمح في نهاية المطاف إلى إضافة 1 جيجاواط من القدرة الحاسوبية كل أسبوع، وهو هدف هائل بالنظر إلى أن تكلفة الجيجاواط الواحد حالياً تتجاوز 40 مليار دولار.








