يتجه النحاس لتسجيل أكبر مكاسب سنوية له منذ عام 2009، مدفوعًا بحالة من الشُح في المعروض على المدى القريب، إلى جانب رهانات على أن الطلب على المعدن الأساسي لعمليات التحول الكهربائي سيتجاوز الإنتاج خلال السنوات المقبلة.
وسجّل المعدن الأحمر سلسلة من المستويات القياسية التاريخية في موجة صعود قوية بنهاية العام، إذ ارتفعت أسعاره بأكثر من 40% على بورصة لندن للمعادن خلال 2025، ليصبح، إلى جانب القصدير، أفضل المعادن الصناعية الستة أداءً هذا العام، ومع ذلك تراجعت الأسعار بنحو 1% اليوم الأربعاء، وهو آخر يوم تداول في عام 2025، بحسب ما نقلته وكالة “بلومبرج” الأمريكية.
وتراجع سعر النحاس بنسبة 1% إلى 12,558.50 دولار للطن على بورصة لندن للمعادن، بعد أن لامس مستوى قياسيًا بلغ 12,960 دولارًا في وقت سابق من الأسبوع.
وجاءت المكاسب الأخيرة أيضًا مدفوعة بتسابق المتعاملين على شحن النحاس إلى الولايات المتحدة تحسبًا لفرض رسوم جمركية محتملة، ما تسبب في تشديد المعروض في أسواق أخرى، فيما أعاد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه إعادة النظر في مسألة الرسوم على النحاس الأولي في عام 2026 تنشيط تجارة المراجحة التي هزّت السوق في وقت سابق من العام، الأمر الذي زاد من شح الإمدادات خارج الولايات المتحدة، حتى مع تباطؤ الطلب الأساسي في الصين، أكبر مستهلك عالمي للنحاس.
وقالت ناتالي سكوت-جراي، كبيرة محللي المعادن في شركة “ستون إكس فاينانشيال”، إن “التوقعات بفرض رسوم جمركية أمريكية مستقبلية على واردات النحاس المكرر دفعت إلى دخول أكثر من 650 ألف طن من المعدن إلى الولايات المتحدة، ما خلق نقصًا في المعروض خارجها”، مضيفة أن نحو ثلثي المخزونات العالمية المرئية باتت محتجزة حاليًا في بورصة “كومكس”.
وبعيدًا عن التدفقات المرتبطة بالرسوم الجمركية، واجه المعروض مزيدًا من الضغوط نتيجة حوادث خطيرة في عدد من أكبر مناجم النحاس حول العالم، من بينها حادث مميت في ثاني أكبر منجم للنحاس في إندونيسيا، وفيضان تحت الأرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إضافة إلى انفجار صخري قاتل في أحد مناجم تشيلي.
وفي المقابل، لا تزال آفاق نمو الطلب على النحاس في المدى القريب ضبابية بفعل الضعف الاقتصادي في الصين، حيث يعاني قطاع العقارات من ركود ممتد منذ سنوات، ما قلّص الطلب على أنابيب وأسلاك النحاس، كما أثّر تباطؤ إنفاق المستهلكين على الإقبال على السلع المعمرة مثل الأجهزة الإلكترونية.
ورغم ذلك، يتوقع أن يحافظ الطلب العالمي على النحاس على زخم قوي على المدى الطويل، حيث تقدّر “بلومبرج” أن الاستهلاك قد يرتفع بأكثر من الثلث بحلول عام 2035 في السيناريو الأساسي، مدفوعًا بالتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، والتوسع في استخدام السيارات الكهربائية، وتطوير شبكات الكهرباء.







