صيام: الرقمنة الزراعية تقضي على دورات الفساد في القطاع الحكومي والتعاونيات
عيسى: تطوير القطاع يوفر الوقت والجهد والتكلفة المُبالغ فيها ويعود بمنافع أعلى على الاقتصاد
مصطفى: محدودية عوائد القطاع الزراعي عقبة أمام تطبيق التكنولوجيا الحديثة
تواجه «الزراعة» تحديات عدة حول العام، قد تختلف من دولة لأخرى، لكنها تشترك في 3 عوامل رئيسية، هي تنامي السُكان، وتناقُص المياه، والتغيرات المنَاخية، ومع توقعات ازدياد عدد السكان في العالم من 6.7 مليار نسمة خلال 2018 لما يزيد على 6.9 مليون نسمة بحلول 2050، يرتفع الطلب على الأغذية، لذا تستخدم الدول المُتقدمة الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة لتنمية الإنتاج وتغطية الاحتياجات، وفي الدول النامية تُحافظ على القطاع من الفساد والسرقة، عبر توفير بيانات موثقة عن كافة أجزاء القطاع الزراعي.
وفقًأ لمُنظمة الأغذية والزراعة للأمم المُتحدة فاو، تُشير توقعات الأسواق للعِقد القادم إلى قدوم دورة ّ زراعية رقمية، ستُشكل التحول الأحدث الذي قد يُضمن تلبية الزراعة احتياجات سكان العالم في المستقبل.. فماذا عن مصر؟.
قال جمال صيام، استاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة، إن الاستفادة الأولى من الاعتماد على «الرقمنة» في الزراعة، هى القضاء على دورات الفساد المُستمرة داخل القطاع الحكومي، خاصة في التعاونيات، والإصلاح الزراعي.
ويظهر الفساد في التعاونيات والإصلاح الزراعي في أشكالًا كثيرة، أبرزها تسجيل بيانات وهمية داخل دفاتر الوزارة، ما يُمكن لأصحابها الحصول على أراضِ أو تسهيلات أخرى متعددة بدون وجه حق، حسب صيام.
وتعني (الرقمنة) الإدارة الإلكترونية للأراضي، من حيث كميات المياه المُستخدمة ودرجة الرطوبة ودرجات الحرارة، والمبيدات التي يجب استخدامها، وغيرها من الإفادات عن المحاصيل، عبر أجهزة وحساسات؛ لتسجيل كل ما يحتاجه النبات.
ومن بين وسائل الرقمنة الزراعية أجهزة الاستشعار عن بعد في الحقول والتي تتيح للمزارعين الحصول على خرائط تفصيلية لكل من التضاريس والموارد في المنطقة، فضلًا عن قياس المتغيرات مثل الحموضة ودرجة حرارة التربة، والرطوبة، كما يمكنها التنبؤ بأنماط الطقس لأيام وأسابيع مُقبلة، ما يسمح باتخاذ القرارات الأفضل لتحسين الإنتاج، عبر رصد الآفات الزراعية، وتحديد كمية المبيدات المطلوبة وتجنب الإستخدام المُفرط في الاستعمال.
وأوضح صيام، أن استخدام الرقمنة يوفر بيانات دقيقة عن كافة الأنشطة في القطاعات الزراعية والتعاملات الحكومية عليها، وبالتالي لن يتمكن أحد من الاستمرار في إهدار المال العام، بل ستمتد لزيادة الإنتاج الزراعي عبر تأهيل الأراضي بما تحتاجه على أرض الواقع.
أضاف: «الرقمنة تُترجم احتياجات النباتات إلكترونيا، ومن ثم تكون الإستجابة إلكترونية بعيدًا عن التدخل البشري».
وقال علي عيسى، الرئيس السابق للمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إن استخدام الرقمنة في الزراعة الحديثة يعني توفير الوقت والجهد والتكلفة المُبالغ فيها في الكثير من الأحيان، وبالتالي عوائد ومنافع أعلى على الاقتصاد.
أوضح عيسى، أن مصر يوجد بها نحو 9 ملايين فدان، لكن نسبة ما يعتمد منها على الأساليب التكنولوجية الحديثة ضعيف جدًا، وغير معلوم في الواقع، وبالتالي لا يُمكن الجزم بمدى القدرة على تحقيق نتيجة ايجابية على السوق بشكل عام.
استصعب عيسى، إمكانية تطبيق أنظمة الزراعة الحديثة في أراضي الدلتا، ومساحتها تصل إلى 6 ملايين فدان، تُمثل فوق 66% من الأراضي الصالحة للزراعة في مصر، وأرجع ذلك إلى تفتت الحيازات الزراعية لمساحات قليلة تختلف زراعاتها بشدة في الموسم الواحد.
واعتبر أن استخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة يتم بقوة القانون في الأراضي الجديدة، لكن عدم وجود رقابة كافية ومُتابعة دورية يسمح للبعض بالمخالفة، كما يحدث في أراضي منطقة النوبارية.
قال عيسى، إن التحول الرقمي يحتاج لظروف مُحددة ترسم ملامحه، بداية من القدرة على الربط بالشبكات، ولن يتم ذلك على أراضي الدلتا لتفتت الحيازات وختلاف الزراعات، لكنه قال إن «الزراعات التعاقدية» قد تكون حلًا لذلك حال تنفيذها بدقة.
وانشأت وزارة الزراعة مركزًا للزراعات التعاقدية في شهر مارس من العام 2015، بناءً على تعليمات رئاسية، لكنه لم يبدأ عمله بعد لعدم وضع لائحته التنفيذية، ولم تُعلن الوزارة موقفه بصورة رسمية.
أوضح أن القدرة على تحمل التكاليف ومحو الأمية الإلكترونية شرطان أساسيان لتطبيق الرقمنة الزراعية في مصر، ويحتاج لحكومة كاملة تعمل بالأسلوب نفسه ليتغير شكل الحياة بالكامل.
وطالب كريم مُصطفى، الرئيس التنفيذي لشركة رؤية لحلول التتمية المُستدامة، بتطوير المهارات الرقمية ودعم ريادة الأعمال الزراعية وثقافة الإبتكار، وتنمية المواهب، للقدرة على تطبيق الرقمنة بشكل يخدم القطاعات المُختلفة ومنها الزراعة.
اعتبر أن تطبيق ذلك سيستغرق فترة زمنية طويلة، خاصة وأن تطبيقها في المناطق الريقية سيكون مستحيلًا على الوضع الحالي، إذ تغيب البنية الأساسية والموارد من جودة التعليم في الريف، ما يؤدي إلى مستوى أقل في التعليم، بخلاف ظاهرة التسرب من التعليم، أو الحضور ومغادرة المدرسة في سن مُبكرة بسبب ضعف المعيشة الاقتصادية للأسر.
وفقًا لأخر احصائيات صدرت عن معهد اليونسكو للإحصاء، فإن نسبة المُلتحقين بالتعليم العالي في المناطق الريقية بمصر تُمثل أقل من 50% من عدد المُلتحقين من الحضر.
أشار تقرير نشرته مُنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة العام الحالي، إلى أن شخصًا واحدًا من بين 7 أشخاص في المناطق الريفية بالدول النامية يستخدمون الإنترنت، وهو ما يُصعب فكرة تطبيق الرقمنة في القطاع الزراعي.
أوضح مُصطفى، أن ارتفاع تكلفة التحول في دولة مثل مصر، في ظل محدودية الدخول من القطاع الزراعي يمثلان عقبة أمام تطبيق التكنولوجيا الحديثة.