تستعد بعض البنوك الأمريكية لبيع القروض العقارية بسعر مخفض حتى بينما يسدد المقترضون ما عليهم في تاريخه، في علامة على عزمها على الحد من انكشافها على سوق العقارات التجارية المترنحة.
ويأتي استعداد بعض المقرضين لتحمل خسائر على ما يسمى بالقروض العقارية المنتظمة في أعقاب تحذيرات عدة من أن فئة الأصول هذه هي “التالية” بعد الاضطرابات الأخيرة في الصناعة المصرفية الإقليمية في الولايات المتحدة.
قال تشاد ليتيل، وهو محلل في “كوستار”، شركة أبحاث تركز على العقارات التجارية، “حقيقة أن البنوك تريد بيع القروض تظهر في كثير من المحادثات. إنني أسمع عنها أكثر من أي وقت مضى في العقد الماضي”.
يعمل بنك “إتش.إس.بي.سي” في أمريكا على بيع مئات الملايين من الدولارات من القروض العقارية التجارية، ربما بسعر مخفض، كجزء من محاولة للإنهاء التدريجي للإقراض المباشر لمطوري العقارات الأمريكيين، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر.
في الوقت نفسه، باع بنك “باك ويست” الشهر الماضي 2.6 مليار دولار من قروض البناء بخسارة، وتعمل مجموعة من البنوك الأخرى على تسهيل تنفيذ مبيعات مشابهة في المستقبل عبر تغيير الطريقة التي تحسب بها ديون العقارات التجارية.
عادة ما تكون البنوك مترددة في تقبل الخسائر على كتل كبيرة من القروض التي ستحتفظ بقيمتها الكاملة طالما أن المقترضين يسددون في الوقت المحدد، لكن بعضها مقتنع بالإقدام على المخاطرة وسط مخاوف من زيادة حالات التأخر عن السداد، خاصة الديون المضمونة مقابل العقارات المكتبية التي شهدت انخفاضا في الطلب بسبب استمرار شعبية العمل من المنزل.
في الوقت نفسه، أدى التباطؤ في الطلب على الأوراق المالية التجارية المدعومة بالرهون العقارية إلى احتفاظ البنوك من جميع الأحجام بديون عقارية أكثر مما ترغب فيه هي أو الجهات التنظيمية.
في حين إن ممارسة التخلص من القروض المنتظمة ليست سائدة كما كانت خلال أزمة 2008، ويتوقع كثير من المشاركين في السوق زيادة حجم الصفقات هذا العام والعام المقبل.
تأتي تحركات البنوك لنقل القروض في وقت يدق فيه المسئولون التنفيذيون والمنظمون أجراس الإنذار بشأن صحة قطاع العقارات التجارية.
قال تشارلي شارف، الرئيس التنفيذي لـ”ويلز فارجو” مؤخرًا للمحللين والمستثمرين “إن البنك، الذي لديه قروض عقارية تجارية مستحقة بقيمة 142 مليار دولار، يسيطر على انكشافه على المنطقة. سنرى خسائر، لا شك في ذلك”.
في الوقت نفسه، حذر مارتن جروينبرج، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الفيدرالية الأمريكية للتأمين على الودائع، مؤخرًا من أن القروض العقارية- خاصة تلك التي تدعمها المكاتب- تواجه تحديات إذا ظل الطلب ضعيفا و”استمرت القيم في التراجع”.
وأضاف: “ستكون هذه مسائل ذات اهتمام رقابي مستمر من مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية”.
كما زاد بنك سيتيزنز، الذي خفض إقراضه العقاري التجاري، مخزونه من القروض المتاحة للبيع أكثر من الضعف إلى 1.8 مليار دولار خلال الربع الأول.
ومثل كثير من البنوك الأخرى، لا يكشف عن النسبة المئوية لتلك القروض للمقترضين العقاريين التجاريين.
قالت إحدى شركات وساطة القروض “إنها تستعد لجلب عدة صفقات في السوق في الأسابيع المقبلة وتشهد أكبر قدر من النشاط في ثلاثة أعوام”.
ولا تزال التخفيضات المطبقة على مبيعات القروض المتنظمة خارج قطاع المكاتب متواضعة نسبيا، ويعزى ذلك جزئيا إلى ارتفاع أسعار الفائدة.
مثلاً، وافقت مجموعة الاستثمار العقاري “كينيدي-ويلسون” على دفع 2.4 مليار دولار، أو 92 سنتًا للدولار، مقابل مجموعة قروض بنك “باك ويست” البالغ قيمتها الإجمالية الأساسية 2.6 مليار دولار، وارتفعت أسهم باك ويست 20% تقريبًا بعد الإعلان عن الصفقة.
قال أحد مستثمري الائتمان العقاري “إننا نتلقى مزيدًا من المكالمات نتيجة لما تمكن باك ويست من تنفيذه مع كينيدي ويلسون. جميع البنوك الإقليمية تنظر إلى سعر السهم وتقول (السوق أحبت ذلك حقا وينبغي أن نفعل شيئا مشابها)”.
وفقاً لشخصين مطلعين على عملية مبيعات “إتش.إس.بي.سي”، فإن القروض تجلب العروض التي من شأنها تسعير القروض في منتصف التسعينيات كنسبة مئوية من قيمتها الاسمية، ما يعني أنه سيتعين على البنك تحمل خسارة تصل إلى 5%.