اعتمد المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي سياسة البيانات المفتوحة في مصر، التي أعدتها وصاغتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من أغسطس 2025 كمرحلة انتقالية حتى صدور قانون حوكمة البيانات ولائحته التنفيذية.
وتُمثل هذه السياسة أول إطار وطني شامل لإتاحة البيانات العامة غير الحساسة التي تحتفظ بها الجهات الحكومية، وذلك بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، مع مراعاة السياق الوطني واحتياجات التنمية المستدامة.
وتُعد السياسة خطوة تأسيسية تمهد الطريق نحو حوكمة مسؤولة للبيانات وتحقيق الاستخدام الأمثل لها في دعم الابتكار، وتحفيز الاقتصاد الرقمي، وتعزيز الشفافية والمساءلة، ورفع جودة الخدمات الحكومية.
وتأتي هذه السياسة في وقت يشهد فيه العالم تسارعًا في اعتماد نماذج الحوكمة القائمة على البيانات، وتسعى مصر من خلالها إلى ترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة، وتمكين الأفراد والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية من إعادة استخدام البيانات العامة وتوظيفها في تطوير تطبيقات وخدمات جديدة. كما تُعزز السياسة التكامل بين مؤسسات الدولة من خلال إطار مؤسسي واضح لتبادل البيانات.
وقدمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات النسخة النهائية من السياسة إلى المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، حيث تم اعتمادها رسميًا كوثيقة مرجعية لجميع الجهات الحكومية، لتبدأ مرحلة التنفيذ المؤسسي والتقني وفق آليات واضحة ومعايير محددة.
وتهدف سياسة البيانات المفتوحة في مصر إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة وبناء الثقة العامة، من خلال تمكين الأفراد والمؤسسات من الوصول إلى البيانات العامة واستخدامها. كما تسعى إلى تحفيز تطوير المنتجات والخدمات الرقمية المبتكرة، وتعزيز كفاءة تقديم الخدمات الحكومية، والارتقاء بجودة العمليات التشغيلية، بالإضافة إلى دعم عمليات التخطيط وصنع السياسات المبنية على بيانات دقيقة.
وتسهم السياسة كذلك في مواءمة الجهود الوطنية مع المعايير الدولية، وتعزيز التزامات مصر بأهداف التنمية المستدامة وأجندة التحول الرقمي، بما يعكس رؤية الدولة نحو بناء اقتصاد معرفي أكثر انفتاحًا وشمولًا.
وترتكز السياسة على مجموعة من المبادئ التوجيهية المستمدة من أفضل الممارسات العالمية والمتماشية مع الأولويات الوطنية، لضمان تنفيذ فعّال ومستدام لمبادرات البيانات المفتوحة. من أبرز هذه المبادئ: “الإفصاح كقاعدة”، الذي ينص على إتاحة البيانات العامة ما لم توجد موانع قانونية واضحة، بما يعزز شفافية العمل الحكومي ويُمكّن الجمهور من الوصول إلى البيانات غير الحساسة.
كما تؤكد السياسة على أهمية توفير البيانات في الوقت المناسب لضمان أن تكون محدثة وذات صلة، مما يتيح استخدامها بفعالية في صنع القرار، والاستجابة للطوارئ، وتطوير السياسات العامة، ودعم الابتكار. وإلى جانب ذلك، تشدد على ضرورة سهولة الوصول والاستخدام، من خلال توفير البيانات بصيغ مفتوحة قابلة للقراءة الآلية، ومرفقة ببيانات وصفية واضحة، بما يسهل على مختلف فئات المستخدمين الاستفادة منها بغض النظر عن خلفياتهم التقنية.
وتنص السياسة كذلك على أن تكون إتاحة البيانات مجانية في معظم الحالات، لإزالة الحواجز أمام استخدامها، خصوصًا من قبل المبتكرين والباحثين والمؤسسات الصغيرة، مع السماح بفرض رسوم معقولة في حالات محددة لتغطية التكاليف التشغيلية أو التقنية.
كما تولي السياسة اهتمامًا خاصًا بضمان دقة البيانات المنشورة واكتمالها وتناسقها، وضرورة إرفاقها ببيانات وصفية ومعاجم توضح مصدرها وتاريخ تحديثها وآلية تنظيمها، بما يعزز موثوقيتها وقابليتها لإعادة الاستخدام. وتشجع أيضًا على إشراك الجمهور وتفعيل آليات التغذية الراجعة باعتبارها أداة فعّالة لتحسين جودة البيانات وتحديد الأولويات وتعزيز الثقة بين الحكومة والمستخدمين.
وبموجب هذه السياسة، يتولى المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي مسؤولية الإشراف العام على تنفيذها خلال المرحلة الانتقالية، من خلال لجنة مشتركة لإتاحة البيانات تتولى مراجعة واعتماد مجموعات البيانات المقترحة للنشر من قبل الجهات الحكومية المختلفة، وضمان توافقها مع المعايير الوطنية الناشئة وأفضل الممارسات الدولية.
كما تنص على تعيين مسؤولي بيانات مفتوحة في كل جهة حكومية، يتولون تحديد وتصنيف ونشر مجموعات البيانات، وضمان جودتها، والتنسيق مع اللجنة الفنية. وفي مرحلة لاحقة، ستنتقل هذه المهام إلى الهيئة المصرية لحوكمة البيانات (EDGA) فور إنشائها بموجب القانون الجديد.
وفي ضوء اعتماد السياسة، بدأت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنفيذ خطة شاملة لبناء القدرات الفنية والمؤسسية، تشمل تدريب الموظفين، وتطوير بوابة وطنية موحدة للبيانات، ووضع أطر للتقييم، وآليات للتفاعل مع الجمهور، وذلك بالتنسيق مع مختلف الوزارات والجهات الحكومية.








