«لن يقترب انتشار الروبوتات البشرية من توقعات مورجان ستانلى، إذا لم تتمكن من أداء مهام متعددة وتعلمها بسرعة»
على الرغم من أن القطاع لا يزال فى المهد، فإنَّ الضجة المحيطة بالروبوتات الشبيهة بالبشر، كبيرة.
ويعزى ذلك إلى إيلون ماسك وتصريحاته الجريئة حول روبوت »أوبتيموس« من شركة »تسلا«.
كما أجج مصرف »مورجان ستانلى« هذه الضجة بتوقعاته بأن يكون نحو مليار روبوت شبيه بالبشر فى الخدمة بحلول عام 2050 فى سوقٍ يبلغ حجمه 5 تريليونات دولار.
وثمة مقاطع مصورة مُبهرة على الإنترنت تُظهر روبوتات على شكل إنسان تؤدى حركات بهلوانية وقفزات راقصة وغيرها من المآثر المذهلة.
فى الواقع، يبالغ معظم الناس فى تقدير قدرات الروبوتات فى هذه المرحلة من تطورها.
صحيحٌ أيضاً أن الروبوتات الشبيهة بالبشر قد تطورت بسرعة كبيرة فى العقد الماضى بفضل تجارب مختبرية باهظة التكلفة فى الجامعات والشركات المتخصصة مثل »بوسطن ديناميكس«.
أما الآن، فتستخدم هذه الآلات المتنقلة المزودة بأذرعٍ فى الغالب كمشاريع تجريبية فى المستودعات والمصانع وحتى المستشفيات.
مع هذه النشرات المبكرة للروبوتات الشبيهة بالبشر، أصبحت العوائق المتعلقة بالسلامة وإمدادات الطاقة والتعلم الآلى أوضح بكثير الآن لتحقيق هدف بناء روبوتات متنقلة متعددة الأغراض، قادرة على أداء مهام متعددة للبشر بتكلفة معقولة.
وتمثل هذه الروبوتات، التى تتضمن نماذج مزودة بعجلات بدلاً من أرجل، آخر خطوة تطورية للروبوتات التى بدأت قبل أكثر من ستة عقود كآلات ضخمة تعمل بالهواء المضغوط، مثبتة على الأرض ومعزولة عن العمال.
قفزة كبيرة مطلوبة
لا يمكن المبالغة فى أهمية تطوير صناعة روبوتات شبيهة بالبشر محلية الصنع فى الولايات المتحدة، تشمل التجميع وسلسلة التوريد الكاملة ـ المحركات والأذرع الدافعة وأجهزة الاستشعار والرقائق والكاميرات والبطاريات وما سوى ذلك.
فعلى غرار بناء السفن وحتى الطائرات المسيرة، ستكون هذه المنتجات جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد المدنى، مع استخدامات متقاطعة للدفاع. وستسمح الروبوتات متعددة الأغراض للاقتصادات بالنمو حتى مع وصول عدد السكان إلى مرحلة الركود وبدء انخفاضه.
هذا الانخفاض فى عدد السكان الأصليين، بالطبع، يحدث الآن فى الدول المتقدمة.
ويركز المشككون على محدودية هذه الآلات الجديدة، التى تؤدى الآن مهامَ بسيطة مثل جلب الأغراض أو التقاطها من الحقائب أو وضع الصناديق البلاستيكية على سيور النقل، وهى غالباً ما تكون بطيئة، وتستهلك طاقة البطارية، وتستغرق وقتاً طويلاً للتدريب.
لكن يُخبرنا التاريخ بأن التحسينات التقنية ستتجاوز هذه العوائق. كما يُشير التاريخ إلى أن تبنيها يستغرق وقتاً أطول مما يتوقعه المتفائلون.
لإعطاء فكرة عن مدى حداثة هذه الصناعة، عقدت جمعية تطوير الأتمتة مؤتمرها السنوى الثانى المخصص للروبوتات البشرية فى سياتل الأسبوع الماضى.
وكان الحضور أكبر من الحضور فى التجمع الأول؛ إذ شارك كثير من مهندسى الشركات لمعرفة ما إذا كانت هذه الآلات ستعمل فى مصانعهم أو مواقع عملهم.. والجواب: «ليس بعد».
فقد قابلت جرعة من التفاؤل فى الصباح من شركات الروبوتات الناشئة تشككاً فى فترة ما بعد الظهر، بما فى ذلك من براد بورتر، الذى قاد قسم الروبوتات فى شركة »أمازون« قبل تأسيس شركته الخاصة »كوبوت«.
قال بورتر، إن تحليل »أمازون« للروبوتات الصناعية وجد 40 حالة استخدام فقط للروبوتات الشبيهة بالبشر لا يمكن لأنواع أخرى من الروبوتات القيام بها.
وأحد هذه الاستخدامات هو روبوت بعجلات يجر عربات محملة بالصناديق بشكل مستقل لشركة الشحن العملاقة »إيه بى مولر ميرسك«، إذ صممت شركة بورتر الناشئة روبوتاً يُدعى »بروكسي« لهذه المهمة.
وعلى الرغم من أن حالات الاستخدام محدودة الآن، فإنَّ مزيداً منها سيظهر مع تحسن أداء الروبوتات.
ونشرت شركة »أجيليتى روبوتيكس« روبوتها »ديجيت« فى كثير من المستودعات حيث يمكنه التقاط الحقائب والسير ليضعها على حزام ناقل. ومع ذلك، فإن المناطق التى تعمل فيها الروبوتات مغلقة أمام البشر.
ثمة مخاوف تتعلق بالسلامة حول الروبوتات ذات الأرجل، ويرجع ذلك فى الغالب إلى أنها تنهار على الأرض عند انقطاع التيار الكهربائى.
دمج الذكاء الاصطناعى بالروبوت
تستخدم الروبوتات ثنائية الأرجل، الطاقة لتحقيق «الاستقرار الديناميكي»، ما يبقيها متوازنة على أقدامها عند الوقوف أو الحركة.
وتُعدّ طاقة البطارية عائقاً كبيراً أمام الروبوتات البشرية، وستزداد الحاجة إليها مع ازدياد قدرتها على أداء مهام إضافية.
وخلال الجلسة التى استمرت يوماً واحداً، صرّح أميت جول، رئيس نظام الحوسبة الطرفية للروبوتات فى شركة »إنفيديا«، بضرورة امتلاك الروبوتات لقوة حوسبة الذكاء الاصطناعى نظراً إلى ارتفاع تأخر الإشارة من خوادم السحابة.
أحد الحلول هو ربط الروبوتات بمصدر طاقة.. لكن يُجدى هذا الحل نفعاً فقط إذا لم تكن الروبوتات بحاجة إلى التحرك كثيراً.
وثمة طريقة أخرى تتمثل فى تبديل الروبوتات للبطاريات، عند نفادها إلى مستوى معين.. لكن يتطلب هذا استثماراً إضافياً لحزم طاقة إضافية، ومساحةً لإجراء التبديل، ووقتاً كافياً لتغيير البطاريات.
ويتمثل أحد الحلول التصميمية فى وضع الروبوت على عجلات بدلاً عن الأرجل، ما يُقلل من استهلاك الطاقة لتحقيق الاستقرار.
ويتمثل الحل البديل فى ضرورة زيادة حجم قاعدة العجلات بشكل متزايد إذا كان الروبوت سيرفع أشياء ثقيلة بذراعيه.
كما أن التنقل فى عالم بشرى باستخدام عجلات يصبح أصعب بكثير.
روبوت للمستشفيات
والعجلات هى وسيلة الحركة لروبوت »موكسي«، الذى صنعته شركة »ديليجنت روبوتيكس« الذى يمكنه حمل الإمدادات الطبية والأدوية وعينات المختبرات وغيرها، إذ يُرسل الروبوت الأشياء مباشرةً إلى الممرضات.
ويستطيع الروبوت التنقل فى المستشفى بنفسه لركوب المصعد، وفتح الأبواب التى تتطلب شارة أو زراً لتشغيلها، والتنقل بين الأشخاص والأشياء.
ويُنشر حوالى 100 روبوت »موكسي« فى أكثر من 25 مستشفى، ما يوفر الوقت والمشى للممرضات، حتى مع وجود نظام توصيل أنبوب هوائى فى المستشفى.
و«موكسى» حالياً له استخدام واحد: «توصيل الأشياء إلى موظفى المستشفى».
لن يقترب انتشار الروبوتات البشرية من توقعات »مورجان ستانلي« إذا لم تتمكن الروبوتات من أداء مهام متعددة وتعلمها بسرعة. فهذا هو المكان الذى يجب فيه تحسين تقنيات تدريب الروبوتات من خلال المحاكاة، كما قال جويل.
وثمة نقص فى البيانات اللازمة لتدريب الروبوتات وما يسمى بالذكاء الاصطناعى المادى. فتدريب الروبوت من خلال أداء المهام أمر مكلف ويستغرق وقتاً طويلاً.
وإذا فشل الروبوت، فقد يُلحق الضرر بنفسه أو بالأشياء المحيطة به.
وستساعد النماذج الأساسية العامة التى تصور مواقف العالم الحقيقى فى تقليل تكلفة المحاكاة والتدريب السريع.
قال جيف كارديناس، المؤسس المشارك، الرئيس التنفيذى لشركة »أبترونيك« الناشئة فى مجال الروبوتات، إنه كان يخشى حضور مؤتمرات الأتمتة حيث يسخر المشاركون من فكرة روبوت بشرى متعدد الأغراض، ويحصل هو على الثناء لمحاولته.
لكن هذا الإجماع تغير مع التقدم الهائل الذى أحرزته هذه الصناعة منذ أن أطلق تحدى وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة بين عامى 2012 و2015 هذه الصناعة.
تتعاون »أبترونيك« مع »جوجل ديب مايند« لمعالجة قضايا السلامة، وقد دخلت فى شراكة »جابيل«. لتصنيع واستخدام روبوت »أبولو« الخاص بالشركة الناشئة.
قال كارديناس إن العام المقبل سيظل مخصصاً للطيارين والطلبات الأولية، حيث سينشر القطاع مئات الروبوتات البشرية.
وأضاف: «أعتقد أن عام 2027 هو العام الذى سنشهد فيه تطبيق هذه الروبوتات على نطاق واسع».








